أعاني من اكتئاب لم أعد معه أتذوق طعما للحياة، فما الحل؟

0 161

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله وأطال أعماركم على الخير.

أنا شاب متزوج، وبعمر 32 سنة، لدي ابن واحد، موظف وتاجر، وحالتي المادية والعائلية مستقرة ولله الحمد والمنة.

عصفت بي منذ 7 أشهر نوبة اكتئاب عظيمة لم تمر علي في حياتي كلها، ولم أعهد من نفسي في السابق حالا مشابها لما انتابني منها، وقد كان نزولها علي مفاجئا للغاية، حتى ضاقت علي الأرض بما رحبت، وضاقت علي نفسي، ومررت بأيام عصيبة للغاية حببتني بالموت، حتى عزمت أمري وذهبت إلى الدكتور النفسي في المستشفى الحكومي في مدينتي على الصعوبة الاجتماعية الكبيرة للغاية (نظرا لمكانة والدي في مدينتي، وأنني أكبر أولاده، ولنظرة الناس في المجتمع لمن يزور هذه الأقسام)، وبعد الفحوصات والجلسات أخبرني بأنني أعاني من اكتئاب حاد ناتج عن رهاب اجتماعي وأمور أخرى منذ سنوات الطفولة، وأن ما حصل معي هو تطور منطقي نتيجة الإهمال التام لعلاج هذا الأمر، ووصف لي في البداية علاج فيكسال إكس آر (150 ملجم) مع نصف حبة (ريدون) في اليوم، ثم مضيت عليه ولم يتغير شيء، مع اضطرابات شديدة في النوم وكوابيس، فبدل لي العلاج إلى سبراليكس (10 ملجم) حبة في النهار وحبة في الليل مع نصف حبة ريدون مع حبة الليل تلك.

قد مضى على استخدامها أربعة أشهر منذ، ولم أر أنها قد أثرت علي مطلقا إلا ما كان في أول شهر، حيث تجاوزت تلك الحالة العصيبة التي ألمت بي بداية الأمر وجعلتني أتمنى الموت، لكني مع ذلك لا زلت مكتئبا غاية الاكتئاب.

للعلم أني لم أكن خلال المدة الماضية جالسا أندب حظي، بل نهضت في محاولات جادة للغاية، ودفعت نفسي في شأني كله، من علاقتي بالله، ورقيتي لنفسي بالقرآن، ومن خلال الرياضة في الأماكن الفسيحة، ومن خلال تمارين الاسترخاء، وتطوير هوايتي في القراءة وإلزام نفسي بها، وكذلك الرسم، وتجربة هواية جديدة، ولكن أبدأ وأتحمس وأتجاهل انقباض نفسي واكتئابها مع وجوده، وألح على نفسي بالمعاني الإيجابية، ولا أنكر أن حزني يقل، لكن لا ألبث حتى أسقط تماما بعد أسبوع أو أقل منهكا ومستسلما للاكتئاب، وتنهار كل ذرة في جسدي، وهذه حالي منذ أربعة أشهر، وأعيش منذ لحظة استيقاظي وحتى منامي وأثناء القيام بواجبات عملي وعلاقاتي روتينا مملا كئيبا لا أجد له طعما في نفسي، وقد غارت كل مياه الحياة والجمال ولم يعد لها معنى، وبت أخاف من المبادرة والمجاهدة خشية السقوط مرة أخرى؛ لأنني أعود أكثر كآبة مرة بعد مرة.

أسفي أنه خلال هذه الأشهر الماضية تحققت لي الكثير من أمنيات مرحلة الشباب، وتيسرت لي، لكنها مرت علي مرورا جافا ولم أحفل بحصولها كثيرا، فما ألم بي من كآبة شغلني عن كل شيء، فهل أستمر على الوصفة التي ذكرها لي الدكتور، أم أن هناك ما هو أكثر فائدة لحالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو الهيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية.

الاكتئاب النفسي كثيرا ما يكون ثانويا لخلل أو لتشويه في التفكير، عند الإنسان قد تأتيه أفكار سلبية تتسلط عليه، وقد يكون سبب هذه الأفكار أمور بسيطة جدا في الحياة، لكنها تتضخم وتتشعب ويهيمن الفكر السلبي، والفكر السلبي يؤدي إلى مشاعر سلبية، والمشاعر السلبية تؤدي إلى أفعال سلبية، وهكذا يجد الإنسان نفسه محبطا ودخل في دهاليز الاكتئاب.

هذه النقطة مهمة، أي نقطة أن الأفكار قد تكون هي السابقة لكل شيء، لذا وجد علماء السلوك والنفس أن الإنسان لابد أن يجتهد اجتهادا كبيرا في استبدال الفكر السلبي والمشاعر السلبية، وهذا قد لا يكون أمرا سهلا، لكنه ليس مستحيلا.

قد وجد من وسائل التطبيق الممتازة هي: أن تنشط الأفعال، لأن الإنسان أصلا من الناحية السلوكية مكون من ثلاث أضلاع (مثلث) الضلع الأول أفكار، والضلع الثاني مشاعر، والضلع الثالث أفعال، قد لا نستطيع تغيير الأفكار بسهولة، أو تغيير المشاعر، لكن إذا أنجزنا وقمنا بما هو مطلوب من واجبات الحياة الأساسية يعود على الإنسان بمردود إيجابي نفسي داخلي، وهذا يساعد في تغيير المشاعر وكذلك الأفكار.

إذا أخي الكريم: أريدك أن تركز على هذه الوسائل السلوكية، والحمد لله تعالى أنت لديك أشياء إيجابية كثيرة في حياتك، هذا الاستقرار الأسري والمادي والوظيفي، هذا كله يعتبر أمرا مهما وضروريا جدا في هذه الأيام، وأنا أؤكد لك أنه لديك أشياء طيبة أخرى كثيرة.

الرياضة اضغط على نفسك لتمارسها، لأن الرياضة أيضا تحسن الخيال، تحسن المعنويات، تحسن النوم، تبعد الإنهاك والإجهاد النفسي، مما ينتج عنه تحسنا كبيرا في المزاج. هذا أمر الآن ثابت، ودور الرياضة لا نستطيع أن ننكره أبدا.

أخي الكريم: اضغط على نفسك أيضا في موضوع التواصل الاجتماعي، التواصل الاجتماعي وسيلة علاجية لهزيمة الاكتئاب.

نعم الاكتئاب يفقدك طعم كل شيء، ولا يكون لك أي رغبة في أي تواصل، لكن اضغط نفسك في هذا الاتجاه، وهذا سوف يعتبر إنجازا إيجابيا، وإن شاء الله تعالى سيصب في مصلحتك في نهاية الأمر.

الأدوية -أخي الكريم- متشابهة، وبعض الأدوية تحتاج لوقت حتى يتم البناء الكيميائي، لذا أرجوك أن تصبر عليها، وأن تتواصل مع طبيبك.

الآن هنالك تقارير تشير أن عقار (ديولكستين) والذي يسمى تجاريا (سيبمالتا)، حين يتم تناوله مع جرعة صغيرة من عقار (ريمارون) وجرعة من عقار (إرببرازول)، هذا يساعد في بعض حالات الاكتئاب الشديدة، لكن لا أريدك أبدا أن تستعجل في تغيير الدواء، وأنا متأكد أن الأخ الطبيب الزميل الذي يشرف على علاجك ذو إلمام تام بما يفيدك من ناحية العلاج السلوكي والعلاج الاجتماعي وكذلك العلاج الدوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات