لم نرتكب أي حرام في حديثنا.. فهل ما نفعله صحيح؟

0 256

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أرجو الإفادة في القصة، وشكرا لتعاونكم.

كنت قد بدأت بالمراسلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل حماية نفسي من إغواء الشيطان في الحياة الواقعية، وقد تحدثت مع بعض الفتيات على هذه المواقع، وأعرف أنه حرام، لكني كنت مجبرا؛ كي أمنع نفسي من حرام أكبر، علما أن المحادثات لم تتعد الآداب العامة، وكانت حديثا في بعض مسلسلات الرسوم المتحركة.

وبعد فترة, التقيت بفتاة في هذه المواقع، وقد علمت أن قصتها مشابهة لقصتي إلى حد لا يمكن وصفه، وبدأت بمساعدتها وإعطائها الدعم وربطها بالله؛ كي تعود وتقف مجددا، كما أنها ساعدتني في نفس الموضوع. بعد فترة, عرفت أنها الإنسانة المناسبة لي، وأنني أريد الزواج منها، وقد تحدثنا كثيرا, علما أن كل الحديث لم يكن إلا لمساعدة بعضنا، وأنه لم يتخط حدود الشرع والأدب، عرضت عليها الزواج وأقنعتها به، وقد رأيت فيها عفة لم أعرفها من قبل تركت في قلبي ما يدفعني لنكاحها، فقبلت الزواج بي بشرط أن نوقف ما بدأناه من حرام قبل أن نلتقي ببعضنا، لكننا لا نستطيع الزواج حاليا لبعض الظروف، ولأننا من بلدين مختلفين، فاتفقنا أن نطمئن بعضنا مرة في الشهر بأننا ما زلنا على العهد بحدود الشرع، ولم نرتكب أي حرام من حديث أو غيره، فنوايانا صافية.

فما حكم ما نفعل؟ وهل ما نفعله صحيح وضمن حدود الشرع؟ نحن لا نريد إلا الزواج ببعضنا بالحلال الصافي، وضمن حدود الشرع، وقد أدى التقاؤنا إلى إيقاف حرام كنا نفعله مسبقا، ورفع معنوياتنا، وتقوية صلتنا بالله، فما الحكم في هذه الحالة المستعصية؟ أفيدونا.

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الفقير إلى الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يظهر -أخي العزيز– أنك حسن النية والمقصد في محادثتك مع المرأة، وأنك – وأنكما كما قلت– قد استفدتما من هذه المحادثات كثيرا في معالجة مشكلاتكم بتوفر معلومات ثقافية وحلول نفسية واستشارات اجتماعية، لاسيما حين تجدها ممن يشاركك الهم والمشكلة والنفسية والعقلية، كما أن ما صاحب هذه المحادثات من مودة طبيعية ورغبة في الزواج شرعية، وابتعادها عن أقوال وأفعال تخالف الشرع أو تخل بالحياء والمروءة مما يحسب لكم، وأسال الله أن يجعل عاقبتها إلى زواج مشروع يحقق لكما السعادة في الدنيا والآخرة.

لا اعتراض -ولا شك- على المقصد، إلا أن الوسيلة قد يشوبها -إن لم يكن في الحاضر ففي المستقبل- في الخروج بالمقصد عن حد البراءة إلى ما لا تحمد عقباه من غير ضرورة، قال تعالى : (وخلق الإنسان ضعيفا)، مما يستلزم الورع وأخذ الحيطة والحذر، والبعد عن الشبهات وأسباب الفتنة والإثارة والشهوات، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين). ومن خطوات الشيطان: أن يقود أولياؤه عبر مراحل تدريجية من المباح إلى المكروه ثم المحرم من حيث لا يشعر الإنسان، وعلى الشاب المسلم ألا يزكي نفسه، بمعنى ألا يتوهم فيها العصمة عن الأخطاء، لاسيما في أعظم فتنة على الرجال وهي فتن النساء؛ قال تعالى: (زين الناس حب الشهوات من النساء) وقال صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) رواه البخاري.

لا ضرورة لك -أخي العزيز– في الاستمرار الآن على هذه المحادثات مع المرأة الأجنبية وإن كانت بريئة؛ لأنه كان بإمكانك تحصيل المصالح وبصورة أفضل بإذن الله عبر التواصل مع جنسك من الرجال ممن تأنس فيهم العمق في العلوم الشرعية والنفسية والاجتماعية، كما تأنس فيهم الثقة وحسن الظن، والنصح والأمانة، والعقل والحكمة، والستر وحفظ السر، كما فعلت الآن –مشكورا– حين طلبت النصيحة والمشورة الاجتماعية من الموقع، وفقنا الله وإياك للخير والصواب.

وأحب أن أذكرك أن مجرد التوافق العقلي والنفسي وإن كان من المزايا الطيبة الجميل توفرهما للزوجين، إلا أنه لا ينبغي الاقتصار عليهما في الزواج، لاسيما إذا كان الزوج حريصا على توفر الصفات الشرعية (الدين وحسن الخلق) وكذا الجمال ونحوه مما قد يكون مطلبا شرعيا أو عقليا أو عرفيا لدى الزوجين.

هذا وأدعوك إلى ترك التعلق الزائد بما قد لا يتحصل لك، والعلم عند الله، سائلا الله تعالى أن يجمع بينكما على خير إن كان في علمه تعالى أن في ذلك الخير.

فالله الله بالدعاء، والذكر، والاستخارة، والانشغال بالنافع والمفيد من الأعمال والدراسة، والله الموفق والمعين.

مواد ذات صلة

الاستشارات