شكوت حزني لسيدة فزادتني حزناً على حزني!

0 164

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، أحافظ على صلاتي وأذكاري قدر المستطاع، وأجتهد بالنوافل، شكوت لسيدة عن حزني، فابتسمت لي بخبث، وقالت: استمعي لي جيدا، وركزي بكلامي، أنت حزينة، وتعيشين في دوامة من الحزن، ومن يحزن لا يخرج من الحزن بسهولة، ولن تخرجي من الحزن، وسوف تعيشين هكذا.

كلامها أثر في كثيرا، لدرجة أنني لا أشعر بالسعادة، ولا أعلم كيف أكون سعيدة، ونسيت طعم السعادة والضحك والفرح، وكرهت حياتي، والمشاكل والأحزان المتوالية علي، وأنظر للأمور بمنظور سلبي وحزين، وتلك السيدة تعيش سعيدة -حسبي الله عليها-.

جلست أراقب أفعالها، فهي تكره الناس، وتحب إيذاءهم، ليتني لم أتكلم معها عن حزني، لكن كيف أتخلص من تأثير كلامها السلبي، الذي يحيط بعقلي الباطني، فقد جعلتني أركز فيه مما أثر على حياتي، فكيف أتخلص من ذلك وأستمتع بحياتي، وأسعد بها؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسرين حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:

بل أنت ستخرجين من هذه الدوامة، ومن الحزن، وستعيشين بسعادة غامرة، وسوف تتغير حياتك نحو الأفضل؛ ذلك لأنك عرفت الهدف من حياتك، وهو عبادة الله تعالى، كما قال -سبحانه وتعالى-: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، ومن عرف سر وجوده عاش سعيدا، بخلاف من لم يعرف ذلك فإنه يعيش كالبهيمة، بل البهائم أفضل منه.

ستعيشين بسعادة لأنك تحبين الخير للآخرين، وتسعين لإسعاد غيرك، ومن عاش كذلك جازاه الله من جنس عمله، قال تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ۖ ومن جاء بالسيئة فلا يجزىٰ إلا مثلها وهم لا يظلمون)، فهذا وعد الله والله لا يخلف الميعاد، وعليك بالموجهات الآتية:

إن أمكن أن تطلبي من تلك المرأة أن تغتسل، وتعطيك ماء غسلها ثم تغتسلين بذلك الماء فشيء حسن، لأنني أشك أنها أصابتك بعين، وإن لم يمكن ذلك فاطلبي من أصلح أقاربك أن يرقيك صباحا ومساء، بحيث يضع يده على رأسك ويقرأ هذه الأذكار:

(بسم الله أرقيك، والله يشفيك من كل داء يؤذيك، ومن كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك)، (بسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، ومن شر كل ذي عين)، (اللهم رب الناس، أذهب الباس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما)، (يقرأ عليك سور: الإخلاص والفلق والناس)، ويمكن أن يأتي بماء ويقرأ عليه جميع ما ذكرنا، ومن ثم تغتسلين به، فإنك تبرئين -بإذن الله- إن كنت قد أصبت بالعين أو الحسد.

كيف تصدقين كلام هذه المرأة التي حشت في ذهنك هذا الكلام الباطل؟ أليس كلام الله أصدق؟ كما قال تعالى: (ومن أصدق من الله قيلا)، وقال: (ومن أصدق من الله حديثا)، فإن أيقنت أن كلام الله أصدق وأحق بالتصديق، فالله تعالى يقول: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، وأنت نحسبك -إن شاء الله- مؤمنة، وممن يعمل الصالحات، ولذلك رددي هذه الآية يوميا مرات كثيرة، واستشعري السعادة الغامرة التي أنت فيها.

هنالك من يتصنع السعادة أمام الناس، لكن في قلبه جمرة من نار، فهو لا يذوق للحياة طعما، كونه غير راض بما قسم الله له، أو لا يعرف الغاية من خلق الله له، أو أنه معرض عن ذكر الله.

إن أردت أن تذوقي طعم السعادة فأكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة كاملة، فتلاوة جزء من القرآن يوميا لا يأخذ من وقتك أكثر من عشرين دقيقة، ويمكنك أن تقرئي بعد كل صلاة ورقتين من المصحف، وأذكار الصباح والمساء لا تأخذ منك أكثر من عشر دقائق، فذكر الله هو السعادة الحقيقية، ألم يقل الله تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فهل يمكن أن يتخلف وعد الله.

الهم والحزن يكدر الحياة ولذلك كان نبينا -عليه الصلاة والسلام- يتعوذ بالله من الهم والحزن صباحا ومساء بقوله: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن)، فإن أردت أن يزول عنك ذلك فالزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك).

كان من خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يحب التفاؤل؛ لأن التفاؤل يبعث الأمل في النفس، ويفتح آفاقا للمستقبل، فكوني متفائلة، وانظري للحياة بإيجابية، فالنظرة السلبية والرسائل السلبية التي تعطينها لعقلك تؤثر في عقلك، ويتبرمج عليها وتتحول إلى سلوك، وتجاهلي كلامها وكذبيه، ولا تقارني نفسك بها ولا بغيرها.

الأنس والسعادة التي ما بعدها سعادة بالعيش مع الله وبجواره، يقول بعض أهل العلم: (من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد) واطرقي باب الله، والتجئي إليه، وانطرحي بين يديه، وصبي العبرات رغبا ورهبا، في حال مناجاته ساجدة وغير ساجدة، وفي حال السجود أفضل؛ لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وسلي الله من فضله، فهو البر الرحيم والجواد الكريم.

استعيني دائما على قضاء حوائجك بالكتمان، فإن وراء كل نعمة حاسد، وإن انتابك أمر فارفعي الشكوى إلى من بيده كشف الضر والبلوى، ربك وخالقك.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يكشف عنك الغمة، وأن يقذف في قلبك الطمأنينة والسعادة، إنه على كل شيء قدير.

مواد ذات صلة

الاستشارات