أعاني من أمراض عديدة بسبب الحالة النفسية السيئة التي أعانيها، فما العلاج؟

0 162

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عزباء من غزة، وبعمر 24 سنة، كنت أشتغل بوظيفة متعبة منذ 5 أشهر تقريبا، استمريت فيها لمدة شهرين، وهي عبارة عن الجلوس أمام الحاسوب لمدة 8 ساعات، إضافة إلى أنني أقضي سعات طويلة باستخدام الهاتف المحمول، وأنا أعاني من انحناء الظهر، وضعف النظر، ولا أرتدي النظارة الطبية.

تعبت جدا من الوظيفة وتركتها، وأعاني من خدر بأصابع اليد اليمنى، ووجع الأكتاف والرقبة، وأعلى الظهر وأسفله، ووجع بعضمتين الرأس خلف الأذنين، والآن أشتغل بوظيفة جديدة، لكنني أتعب بشكل متكرر، كما أعاني من الخوف من الموت، والوسواس من الإصابة بالأمراض الخطيرة.

خلال الحروب الثلاثة التي مررنا بها، كنت أعاني من خوف شديد جدا، لدرجة تصلب الأعصاب والرجفة والخدر، كما أنني عاطفية جدا، وأخاف الفقد، وأتأثر من أبسط المواقف المحزنة، وتعرضت لصدمات عاطفية كثيرة في حياتي.

الجو العام في البيت والأسرة يسوده النكد والاكتئاب، وقلة الشعور بالفرح، وقلة اللحظات السعيدة، لا سيما بعد إصابة أختي بالوسواس القهري بالوضوء والصلاة.

بعد تركي للوظيفة التي ذكرتها أصبت بحالة نفسية سيئة جدا، وأصبحت كثيرة التفكير بأفكار سلبية، والشعور بالإحباط المستمر والبكاء دون سبب، وذلك بسبب كثرة وقت الفراغ، والجلوس بالمنزل بدون دراسة أو عمل.

تولد لدي حالة من الخوف والتوتر المستمر، فعاد لي وجع الأكتاف، وانتفاخ بسيط حول الرقبة، وزيادة البلغم الشفاف، وأحيانا يخرج معه مخاط أسود خفيف، أو بلغم أصفر مخضر، وقلة النوم وانخفاض الوزن، وقلة الأكل وزيادة دقات القلب من أقل جهد وكحة وضيق تنفس، والشعور بالاختناق والإحساس بالموت.

كنت كل فترة أشعر بألم معين في منطقة معينة في جسمي، وينتابني الخوف من الإصابة بمرض خطير، لكن الألم يزول بعد يومين، وكنت أعاني من برودة الأطراف ورجفة في الرجلين، فأجريت صورة أشعة للصدر، تبين وجود التهابات صدرية خفيفة، وأخذت المضاد الحيوي، وأجريت تحليلا للدم كانت النتائج سليمة، وفحصني دكتور الأنف والحنجرة، وقال لي وضعك سليم، ولا يوجد جيوب، أو مشاكل تسبب البلغم.

حاليا أعاني من وجع بعضام القفص الصدري عند الضغط عليها، ولا أريد زيارة الطبيب، وأعاني من عدم التركيز كأنني في حلم، ولا أستطيع استيعاب ما يحدث حولي، ربما بسبب ضعف النظر، لأنني عندما أغمض عيني أشعر بالراحة قليلا.

التزمت الاستغفار بشكل يومي منذ فترة بسيطة، وأغتنم أوقات الخلوة مع الله، وأكثر الدعاء، وأحاول التقرب من الله، عسى أن يكون تفريجا لهمي، وللجو الكئيب في البيت.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

ما دمت -إن شاء الله تعالى- التزمت الدعاء، والتقرب إلى الله تعالى، فهذا قطعا مفرج للكرب وللكدر، -وإن شاء الله تعالى- يفتح عليك فتحا عظيما فيما يتعلق بزوال المشاعر النفسية السلبية.

من الواضح أنك إنسانة مقتدرة، تتميزين بدرجة ممتازة جدا من النضوج، وكذلك التوازن النفسي، ارتباطك بالواقع، واستبصارك لحالتك واضح جدا، وهذا يهمني جدا، لأنه دليل على صلابة معدنك، وفي الوقت ذاته دليل على أنك تمتلكين المهارات النفسية والاجتماعية المطلوبة.

استنتاجاتي هذه -أيتها الفاضلة الكريمة- على أسس، وأرجو أن تكون محفزة ومشجعة بالنسبة لك.

علتك النفسية فيما يتعلق بالعرض الرئيسي وهو القلق النفسي، وأعجبتني مقولتك أنه لديك خوف من الفقد، وهذا دليل على ما نسميه بالقلق التوقعي، القلق الوسواسي، وهذا بالفعل يؤدي إلى سلبيات كبيرة جدا في الصحة النفسية، وهذا يعالج -أيتها الفاضلة الكريمة- من خلال بناء فكري جديد، فكر يقوم على أساس أن الإنسان يجب أن يعيش الحاضر بقوة، والمستقبل بأمل ورجاء، والماضي قد مضى، نستفيد منه كتجربة وليس أكثر من ذلك.

أنا أعرف أنه بكلمات أو جمل بسيطة لا يمكن أن تغير مشاعر الناس، لكن مجرد التنبيه فيه -إن شاء الله تعالى- استشعار إيجابي جدا لك من الناحية النفسية.

سيكون من المهم جدا أن تمارسي تمارين رياضية، أنا أعتقد أن الرياضة ستكون هي المدخل الرئيسي لتحسن حالتك النفسية والجسدية، أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، بمعدل ساعة في اليوم، أعتقد أنها ستكون خط العلاج الرئيسي في حالتك، وإدخال الفكر الإيجابي، مهما كانت هنالك سلبيات، مهما كانت هنالك إخفاقات، مهما كانت هنالك مخاوف، فالإنسان إذا بحث وبتدقق، وبتأن واستبصار وتمحيص، سوف يجد أنه لديه أشياء إيجابية عظيمة جدا، فأرجو أن تركزي على هذا الجانب لأنه يعتبر مهما جدا من الناحية النفسية.

النوم الليلي المبكر أيضا وجد أنه يساعد كثيرا، حين يجعل الإنسان الليل لباسا تتحور في داخله الكثير من المواد الكيميائية الإيجابية، وتؤدي إلى إزالة الشوائب النفسية السلبية، فاحرصي على ذلك.

أرجو أن تضعي لك أهدافا، فهذا مهم جدا، أهداف قصيرة المدى، أهداف متوسطة المدى، أهداف بعيدة المدى، وضعي الآليات التي توصلك لكل هدف، بهذه الكيفية يتقلص الوقت والفكر الذي يقضيه الإنسان مع الوسوسة والمخاوف.

اسعي دائما لمساعدة الآخرين، وأن يكون لك وجودا إيجابيا داخل الأسرة، أعتقد أنه سوف يساعدك أيضا.

من حيث الناحية الدوائية: أنا أعتقد أن أحد ملطفات ومحسنات المزاج البسيطة، والتي تزيل القلق سوف يساعدك، وأعتقد أن عقار (سيرترالين)، والذي يسمى تجاريا (زولفت)، وله مسميات تجارية أخرى، يمكن أن يكون دواء مفيدا لك، لأنه سليم وفاعل وغير إدماني ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وأنت لا تحتاجين له بجرعة كبيرة، إنما بجرعة صغيرة.

إذا حاولي أن تتحصلي على هذا الدواء وابدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) ليلا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها حبة واحدة ليلا -أي خمسة مليجرام- لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسدد.

مواد ذات صلة

الاستشارات