تفكيري يتشتت أثناء الصلاة.. كيف أكون خاشعة؟

0 21

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أصلي وأحاول دائما أن أكون خاشعة في صلاتي، لكني معظم الوقت في الركعة الثانية أو الثالثة يتشتت تفكيري عن الصلاة، وأشعر كأني إنسان آلي يصلي ويقرأ القرآن، وأشعر أحيانا أني أصلي لكي اريح ضميري أني قد انتهيت من الصلاة وأكمل ما كنت أفعله.

أنا أخاف الله، أقسم بعزته أخافه، وأطلب الجنة كثيرا وأطمع فيها وأخاف النار، أشعر أنني من الذين ذكروا في القرآن أنهم يظنون بأنهم يحسنون أعمالهم، وهم ليسوا كذلك، ويغضب الله عليهم ويدخلهم النار، دائما أفكر هكذا وأبكي، بم تنصحوني؟ أنا خائفة، وأتمنى رضا ربي، ودائما أدعوه أن يهديني ويرضى عني، ويجعلني خاشعة له.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: لا بد لي أن أشكرك على هذا السؤال وعلى الاهتمام بهذه الشعيرة: الصلاة؛ فهي عماد الدين، وأهم ما في الصلاة الشعور بالقرب من الله تعالى، فمن فهم حقيقة الصلاة، وأنها ليست فقط شعيرة دينية، ذات طقوس وحركات وتمتمات، وإنما هي صلة بين العبد وربه، ووسيلة تقرب واتصال، فبقدر ما يكون القلب عامرا بمحبة الله بقدر ما يكون متعلقا به مشتاقا للامتثال بين يديه، وإنما تعمر القلوب بمحبة الله بالإكثار من الذكر، وكون اللسان دائما رطبا بذكر الله.

ومن الأمور التي تعين على الخشوع في الصلاة ما يلي:

1- استحضار ما أعده الله من جزيل الأجر لمن تخشع قلوبهم في الصلاة.

قال عبادة بن الصامت: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خمس صلوات افترضهن الله تعالى من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن، وخشوعهن، كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه ) سنن أبي داود.

وعن عقبة بن عامر قال: (كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قائما يحدث الناس، فأدركت من قوله ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبلا عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة) صحيح مسلم.

2- استحضار أنه الآن يقف بين يدي الله سبحانه وتعالى: فعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: في قوله تعالى: {الذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 2]، قال: "كانوا إذا قاموا في الصلاة أقبلوا على صلاتهم، وخفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم، وعلموا أن الله يقبل عليهم، فلا يلتفتون يمينا ولا شمالا".

كان علي بن الحسين إذا فرغ من وضوئه للصلاة، وصار بين وضوئه وصلاته، أخذته رعدة ونفضة، فقيل له في ذلك، فقال: "ويحكم، أتدرون إلى من أقوم ومن أريد أن أناجي؟".

3- الاستعداد والتهيؤ للصلاة، وذلك بالمسارعة إليها عند وقتها، وإحسان الوضوء، والتطيب، وأخذ الزينة من اللباس؛ لأن المصلي يدرك أنه في الصلاة سيقف بين يدي الله سبحانه وتعالى فلا بد أن يكون في أبهى صورة.

4- أداء الصلاة بركوعها وسجودها، وذلك بالطمأنينة والسكينة عند كل ركن من أركانها: (إن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته قالوا يا رسول الله وكيف يسرقها قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها) مسند الإمام أحمد.

5- أن تتذكري أن صلاتك هذه ربما تكون الصلاة الأخيرة في حياتك الدنيا، فاجعلي الموت ماثلا بين عينيك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:( اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته فحرى أن يحسن صلاته، وصل صلاة رجل لا يظن أنه يصلي صلاة غيرها) رواه الديلمي. ولقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله (علمني وأوجز؟ قال: إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه، وأجمع اليأس عما في أيدي الناس) سنن ابن ماجه.

وإليك هذا الوصف للصلاة الخاشعة من أحد العلماء الصالحين: دخل رجل على حاتم الأصم فوجده يصلي صلاة يظهر عليها الخشوع، فأعجب بصلاته، وسأله، كيف تصلي يا حاتم؟ فقال حاتم الأصم: إذا أردت الصلاة قمت إلى الوضوء فأسبغت الوضوء، ثم جئت الموضع الذي أريد الصلاة فيه، وأفعل الآتي :

1- أجلس فيه حتى تجتمع جوارحي.
2- ثم أقوم للصلاة فأجعل الكعبة بين عيني.
3- وأجعل الصراط تحت قدمي.
4- وأجعل الجنة عن يميني.
5- وأجعل النار عن شمالي.
6- وملك الموت من ورائي، والله ناظر إلي ثم أكبر تكبيرا بتحقيق، وأقرأ بترتيل، وأركع بتواضع، وأسجد في خشوع، وأفعل ذلك في صلاتي كلها، ثم أتبعها الإخلاص، ثم أخرج من صلاتي لا أدري أقبلها الله مني أم لا؟
ولعل في هذه القصة المفتاح والعلاج.

وأخيرا: لا تنسي الجلوس بعد الصلاة، وتلاوة الأذكار الواردة والدعاء بالاستجابة والقبول.

أسأل الله أن يتقبل منك العمل، ويجعلك من الصالحات القانتات، اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات