أفكاري السلبية ووساوسي تجعلني غريبا في المجتمع

0 143

السؤال

دكتور محمد عبد العليم، أود أن أشكرك على كل أجوبتك المفيدة التي أفادت الآلاف في هذا الموقع النافع واستفدت منها أيضا، ولكن حالتي خاصة بعض الشيء.

أنا شاب عمري 25 سنة، لدي وسواس قهري منذ 15 سنة، وهو من النوع الشديد الذي أثر على حياتي، وأكثر الأفكار التي تراودني هي:

1- تأتيني أفكار بمقارنة نفسي مع الأشخاص السلبيين الذين أكرههم حتى أكون مثلهم أو أقل منهم! ولا تأتيني أفكار بمقارنة نفسي مع أي شخص ناجح أو مثالي، مع العلم أني أريد أن أقارن نفسي بالناجحين خلاف أفكاري السلبية تلك ونتيجة هذا تتحطم عزيمتي، وأنعزل عن الناس وأكتئب؛ لأني لا أستطيع أن أتحكم في أفكاري.

2- عندما أقابل الناس أو أتحدث مع شخص ما تأتيني أفكار وسواسية في نفس وقت المحادثة، وأصبحت أنسى الكلام أثناء حديثي مع الشخص وأصبحت لا أستطيع التركيز، وأصبحت شارد الذهن، ورؤيتي ضبابية؛ لأني أفكر في شيئين في نفس الوقت رغما عني، وصرت أفضل السكوت.

3- والأفكار السلبية هذه أصبحت مفتوحة لأي شيء سلبي تتوقعه، وأصبحت أسمع من نفسي سبابا أو تحقيرا لأي شيء أحبه، وأنا لا أريد ذلك!

أرجوكم أنقذوني أصبحت غريبا في مجتمعي، وأكره العمل والخروج من المنزل، وليس لي أصدقاء وكرهت الحياة، ولا أعلم إلى ماذا ستتطور حالتي بعد هذا الداء؟ وما هو أنسب دواء لحالتي، إن كان لها علاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك - أخي الكريم - على كلماتك الطيبة، وأسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا، وأسأل الله تعالى لك ولنا ولجميع المسلمين العفو والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة.

أخي الكريم: أعراضك هي في مجملها بالفعل تحمل الطابع الوسواسي الاكتئابي، ولديك شيء من ضعف تقدير الذات، هذا هو الذي يجعلك تتعايش مع هذا الفكر السلبي، مع شعور عام بالضعف النفسي والمعرفي والاجتماعي.

أخي الكريم: من المهم جدا ألا نقبل أي فكر يأتينا، الأفكار تتساقط علينا من جميع الاتجاهات، جيدها وسيئها وجميلها وقبيحها - وهكذا - وعلى ضوء ذلك الإنسان لا بد أن يكون لديه مقدرة التصفية أو الفلترة، أو انتقاء الفكر، لا تقبل كل فكرة تأتيك - أخي الكريم - هذه الأفكار السلبية عن ذاتك يجب أن تحقرها، أن تطردها، أن تضعها تحت قدمك، أن تعرف - أخي الكريم - أن الله تعالى قد كرمنا كبشر، وليس هناك أحد أفضل من أحد إلا بالتقوى، فإذا التقوى تجعلنا نحس بقيمتنا الحقيقية وبقدرنا.

هذا - يا أخي الكريم - منهج عظيم، منهج فكري، أعتقد أنك إذا انتهجته سوف تتخلص من هذا الفكر السلبي.

وأريدك - أخي الكريم - أن تحكم على نفسك بأعمالك وأفعالك وليس بمشاعرك أو أفكارك السلبية، وهذا يتطلب إن لم تكن أفعالك إيجابية أن تجعلها إيجابية، وأهم الأفعال التي يجب أن تؤديها - وهي سهلة التطبيق - الالتزام بالواجبات الاجتماعية، هذا مهم جدا - أخي -: مشاركة الناس في أفراحهم، وفي أتراحهم، زيارة المرضى، التواصل الاجتماعي، أن تحرص - أخي الكريم - مع أصدقائك على الترفيه أو شيء من هذا القبيل، أن تكون فاعلا في أسرتك، لا تكن شخصا مهمشا... هذه أمور بسيطة ومتاحة وسهلة التطبيق، وهذه - أي: الفعالية المهاراتية والعملية الفعلية - حين يؤديها الإنسان تتبدل مشاعره وأفكاره لتصبح إيجابية، وهذا يعود عليك بعامل تعزيز الفكر الإيجابي نفسه، مما يعزز أيضا من أفعالك ... وهكذا.

أريدك أن تنتهج هذا المنهج - أخي الكريم - واجعل صحبتك من الصالحين - أخي الكريم - هم كثر الحمد لله تعالى، تجدهم في المساجد، تجدهم في قاعات الدراسة، تجدهم في كل أماكن الخير، فيا أخي الكريم: الرفقة الطيبة دائما تشعرنا بالأمان، وتعزز سلوكنا الإيجابي.

العمل - أخي الكريم - لا تكره، العمل هو قيمة الرجل، ويجب أن تتحسس هذا، فأنا أريدك أن تنهض بنفسك، ولا تنس ممارسة الرياضة باستمرار، واحرص على صلواتك الخمس في المسجد، وسوف تجد نفسك أنك أصبحت شخصا آخر، هذا أؤكده لك.

أريدك - أخي الكريم محمد - أيضا أن تقرأ عن شيء جديد نسبيا، وهو (علم الذكاء العاطفي/ الوجداني)، هذا علم ممتاز، هنالك عدة كتب، كتاب (دانيل جولمان)، وهو رائد هذا العلم، وتوجد كتب أخرى، الذكاء العاطفي أو الوجداني نتعلم من خلاله كيف نتعامل مع أنفسنا بصورة إيجابية، وكيف نفهم أنفسنا، وكيف نقبل أنفسنا، وفي ذات الوقت أيضا يساعدنا كثيرا على التعامل بصورة إيجابية مع الآخرين، فأرجو أن تطور نفسك وتنميها من خلال الاطلاع على هذا العلم الرصين.

أخي: بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أرى أن البروزاك - والذي يعرف علميا باسم فلوكستين - سيكون دواء رائعا، وفي مصر يوجد منتج تجاري اسم (فلوزاك)، تبدأ بعشرين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها أربعين مليجراما - أي كبسولتين - يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها ثلاثة كبسولات في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة 6 أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات