أصابني القلق عندما علمت أن الفصام وراثيا، ساعدوني

0 137

السؤال

السلام عليكم

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع والمفيد.

أنا شاب أعاني منذ شهرين من الفصام، وعندما علمت أنه وراثي أصابني القلق الشديد، والقولون ثم شفيت منه، لقد تعمقت في الأمراض النفسية كلها بدون استثناء، من عقلية ونفسية وعصابية، وقرأت عنها الكثير، وأصبحت نظرتي للحياة سوداوية، وأشعر بالقلق من الأفكار السلبية التي تصارعني، بسبب ما يقوله مدربين علوم الطاقة: أن الأفكار إن خفت منها فسوف تحدث، ولكن هل من المنطقي أن أخاف من الاضطرابات النفسية؟

عندما قرأت عن رهاب الساح، انتابني القلق، وخرجت مسرعا لأقضي مستلزماتي على الأقدام، وكان الأمر طبيعيا، وعندما ذهبت للصلاة شعرت بالارتباك في الركعة الأولى، وتسارع نبضات القلب، ورجفة بالساقين، ومع ذلك صليت الصلوات كلها في المسجد، وقرأت عن الرهاب الاجتماعي، وأشعر بالارتباك عند الحديث مع الناس، هل هذه تصرفات منطقية؟ فأحيانا أسأل نفسي: لماذا لا تحدث هذه الأمور لطلبة الطب، ولماذا أصاب بالقلق والخوف؟

مع العلم أنني كنت إيجابيا، ولا أقلق إلا من الأمور العامة كالدراسة والوظيفة وغيرها، ولكن لا أعلم ماذا حصل لي، هل سبقي حالي هكذا لفترة طويلة؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ضاري حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك هذه ذكرتني حين كنا في كلية الطب في السنوات الأولى، أي مرض يذكر لنا ويتم شرحه عن طريق الأستاذ يظن الواحد منا أنه مصاب بهذا المرض، هذه ظاهرة معروفة -أيها الفاضل الكريم- أن الإنسان يتماهى مع الأعراض المرضية التي هو أصلا يخاف منها، فأنت أسرفت في الاطلاع فيما يتعلق بالأمراض النفسية والعقلية، ومع احترامي الشديد قطعا لا تملك الخلفية الطبية، ما كتب أخذته كله حقائق يمكن أن تنعكس أو تنطبق عليك، فجعلت نفسك كتابا من كتب الطب النفسي المتحركة.

أخي الكريم: يجب أن تتفهم أن هذه الظاهرة ظاهرة طبيعية، وأنت -إن شاء الله- في حفظ الله، ولن تصاب بهذه الأمراض، وموضوع الفصام وما يتعلق بالوراثة هي ليست الوراثة المباشرة، إنما قد يكون هنالك استعداد لمرض الفصام إذا توفرت الظروف البيئية وكان هنالك تاريخ مرض فصامي لدى الوالدين أو أحدهما مثلا.

فأرجو أن تأخذ الأمور بالمعيارية العلمية وليس بمعيار الوجدان والقلق والوسوسة، واعرف واعلم أن الله تعالى خير حافظا وهو أرحم الراحمين، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.

إذا هذه ظاهرة طبيعية، ونسبة لحساسية شخصيتك -وربما قلقها وتخوفاتها- انعكست هذه الصورة السلبية عليك بالكيفية التي ذكرتها، فتجاهل هذا الموضوع تماما، وتوكل على الله، وعش الحياة بكل قوة، هذا هو الذي أنصحك به.

أما التأثر بالأفكار -مثل إذا خفت من فكرة سوف تحدث لك-: هذا الكلام لدي تحفظ كبير حوله، ولا أريد أبدا هذه التأثيرات الإيحائية أن تنعكس عليك -أخي الكريم- كل إنسان الله تعالى خلقه بصفاته ومميزاته ودفاعاته النفسية والدفاعات التي تحمينا من الأمراض، وأقول لك بدون مبالغة: لا توجد حالات متطابقة مائة بالمائة في الطب النفسي، حتى وإن شخصنا بعض الحالات كرهاب، أو وسواس، أو خلافه، لكن حين نتدقق نجد اختلافا كبيرا بين الحالتين، وإن كان التشخيص تشخيصا واحدا، فكل إنسان خلقه الله تعالى بالكيفية التي تصلح معه في حياته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات