أعاني من التغرب عن الذات وأرتاح للرقية الشرعية، فما رأيكم؟

0 121

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، أصبت منذ حوالي ست سنوات بحالة الغربة عن الذات، بسبب فقدان شخص عزيز، ودخلت في دوامة الاكتئاب الحاد، مع خوف شديد من الموت ووساوس، وقد استشرتكم سابقا بهذا الموضوع، وتم وصف دواء سيبرالكس لمدة معينة، ثم دواء زولفت أيضا، واستفدت كثيرا -الحمد لله- حيث اختفت كل الأعراض ما عدا الغربة عن الذات، حتى تأقلمت مع الموضوع، وأصبح جزءا مني، واستمريت ثلاث سنوات دون أي مشاكل، وكانت حالتي النفسية مستقرة دون أدوية.

أصبت بالتهاب رئوي منذ ثلاث سنوات، ما جعل الرئة تنكمش، وعملت صورة بسبب ألم بجانبي الأيمن، ولكن مسؤول التصوير -سامحه الله- قال: احتمال أنه مرض خبيث، مع أنني لم يتجاوز عمري 28 سنة، مما جعلني بحالة نفسية سيئة جدا، إلى أن عرضت الصورة على طبيب مختص، وتم طرد الموظف بسبب شكاوى سابقة عليه.

المشكلة أنني أصبحت موسوسا بالمرض، وأي ألم أتعرض له أذهب للطبيب، وأعمل صور وتحاليل، ثم خفت هذه الوتيرة بعد فترة دون استخدام الأدوية، وأنا بطبعي موسوس، وأفكر كثيرا بالأمور، مما جعل ضغطي يرتفع إلى 14/9 أو 14/8، حيث قال لي الطبيب: هذه النتيجة أعلى شيء بالضغط الطبيعي، ولا بد أن تنتبه، لذلك أجريت عدة فحوصات، وتخطيط للقلب، وفحص الجهد، وما زلت أشعر بألم في كتفي الأيسر من الخلف تحت الثدي، رغم أنت النتائج كلها سليمة.

حسب تقرير الطبيب أن السبب نفسي، مما يجعل الضغط يرتفع أحيانا، فوصف لي دواء اسمه nebilet, نصف حبة يوميا، ودواء للشحوم الثلالثية لأنه مرتفع قليلا، مما يجعل الضغط يثبت قليلا، ولكن عند إيقاف الدواء يرتفع مرة أخرى، فأعود للدواء ثانية.

تعرضت للخوف من قط عندي بالمنزل، وأصبت بضيق ووسواس، فأصبحت أفكر بأن القط به مس، فأعطيته لعائلة أخرى، ولا أستطيع مقاومة الأفكار والتوتر، مع العلم أن لدي قطة أخرى، كما داومت على الرقية الشرعية، حيث أشعر بالراحة قليلا، فما تشخيصكم لحالتي؟

أرجو الإفادة، مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك مرة أخرى في الشبكة الإسلامية.
كل المؤشرات التي وردت في رسالتك تشير أنه لديك استعداد للقلق وللخوف، والاستعداد للقلق وللخوف يسبب مشاكل كثيرة لصاحبه، بمعنى أن أي حدث في حياتك تتعرض له ربما يثير لديك المخاوف والتوترات، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بصحتك.

فيا -أخي الكريم-: يجب أن ترسخ المفهوم المضاد للخوف، وهو أنه لديك قابلية أصلا للخوف، فيجب ألا تخاف، يعني: حين تدخل في أي أزمة نفسية أو قلق أو خوف من مرض معين، تذكر أنه لديك هذه الهشاشة النفسية وهذه القابيلة للخوف، وقل لنفسك أن خوفك هذا غير مبرر، وغير منطقي، لأن أساسه هو استعدادك الفطري للخوف، ولماذا لا أكون مثل بقية الناس؟ ضع لنفسك هذه التساؤلات واطرحها على نفسك، والإجابة -إن شاء الله تعالى- سوف تبني قناعاتك تدريجيا بأن الخوف الغير مبرر، أو الخوف المرضي يجب ألا يكون جزءا من حياة الإنسان.

وعليك أن تعيش الحياة الصحية، الحياة الصحية دائما تعطي الإنسان الشعور بالقوة والثبات، والحياة الصحية نقصد بها: الأكل المنظم والمرتب، والنوم المنظم، وممارسة الرياضة، وحسن التواصل الاجتماعي، أن يطور الإنسان نفسه مهنيا، أن يكون لك أهداف مستقبلية، تضع الآليات والطرق التي توصلك إليها، أن تكون حريصا على كل أمور دينك، حريصا على بر والديك، نافعا لنفسك ولغيرك، هذه -أخي الكريم- هي الحياة الصحيحة التي تنقل الإنسان من الخوف والتوتر للطمأنينة، والرياضة اجعلها جزءا من حياتك، جزءا أساسيا، وهذا يفيدك.

إذا في خلاصة الأمر: المهم أن تحقر الخوف، ألا تعطيه أي مجال، وأن تستبدله بفكر مخالف تماما، أما بالنسبة للأدوية فأنا أرى أن السبرالكس -والذي يعرف علميا باسم (استالوبرام)- هو الدواء الأفضل لعلاج المخاوف من هذا النوع، ولا أرى أنك تحتاجه لجرعة كبيرة، جرعة عشرة مليجرام يوميا سوف تكون كافية، لكن ابدأ بخمسة مليجرام فقط لمدة شهر، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بالنسبة لاضطراب الأنية، أو الشعور بالتغرب عن الذات: فيعالج بالتجاهل، بالتمارين الاسترخائية، والتمارين الرياضية، أن يشغل الإنسان نفسه فيما هو مفيد، هذا كله يزيح هذه الأعراض، وهنالك دراسات تشير أيضا أن مجموعة (بنزوديازيبين Benzodiazepine)، خاصة (ألبرازولام Alprazolam)، أو (كلونازيبام Clonazepam) ربما تكون مفيدة في علاج اضطراب الأنية الشديد، لكن هذه الأدوية قد تؤدي إلى التعود، فإذا لا أنصح باستعمالها إلا في الحالات الشديدة جدا وبجرعات صغيرة وتحت الإشراف الطبي النفسي المباشر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات