أعاني من القلق والتوتر والارتجاف والشد العضلي

0 82

السؤال

السلام عليكم
دكتورنا الفاضل / محمد عبد العليم المحترم
جزاك الله خيرا على سعة صدرك وما تتحفنا به من إجابة.

أنا شاب متزوج وعندي ولدان، وصرت بعمر 42 سنة، وأعاني منذ فترة طويلة جدا من رجفة باليد وتشنج بها، وحالات متفرقة لا تستمر بين زغللة بعيني وتشتت ذهني وإرهاق وتعب، حتى لو كنت نائما 9 ساعات.

أنا شخصية متوترة وعصبية وصاحب مزاج متفاوت، وعندي عنفوان، وأحب الريادة بالأعمال، وعندي طاقة كبيرة جدا في داخلي.

كنت أشكو دائما من تصلب أو تشنج أو شد بأعصابي، وعندما ألاحظ نفسي أسترخي ثم أعود للتشنج بعدها بثوان، من غير شعور مني.

حقيقة أن حالتي تطورت إلى نوبة هلع بعد مخاوف من فصلي من عملي بالسعودية، ووضع عملي الذي ينهار، إضافة إلى خوفي وقلقي من عدم إيجاد عمل في حال تركت عملي مما سيسبب أن أرسل أسرتي إلى بلدي نهائيا كي أعيش من دونهم هنا، وأنا متعلق بهم جدا، وبين صعوبة الهجرة للغرب حاليا بهذا العمر.

الحمد لله، أنا شخصية اجتماعية جدا هنا بالسعودية، وعندي منابر من الوعظ والخير والتجويد الذي أخاف أن أفقده مع كثرة المهاجرين من هذه الديار الطيبة، والتي تتحول إلى أشباح مع هجرة المنابر الطيبة فيها التي ترعرعت معها زهاء ال 27 سنة، فهل هذه ممكن أن تكون سببا بحالات الهرع التي انتابتني؟

ما حدث لي هو التالي: منذ شهر ونصف انتابتني حالات جديدة تتلخص بالنقاط التالية.

- أي موقف صغير فإنه يثيرني بزيادة عصبية، وخاصة الصوت المرتفع المزعج عندي، أو أي خبر مزعج أو أي أكلة مهيجة للقولون توترني، صرت أهرب من النقاشات والجدل، ولا أطيق أن أقابل أحدا يمكن أن يكون خلاف وجهة نظري.

- شعور بعدم التوازن، ورجفة مستمرة بساق القدمين عند التوقف، ولا تستمر لكنها تؤثر بشعور عدم التوازن بالتوقف، واختلال في الإدراك الحسي أشعر أحيانا كأني أنام.

- التوتر بشأن احتمال فقدان السيطرة وفعل شيء محرج، وأشعر كثيرا برغبة بالصريخ أو ضرب الطاولة التي أمامي، حتى كلمة يا الله أصرخ عندما أقولها، وأصبحت أتنهد كثيرا، مع اختناق خفيف وضيق التنفس، وتسارع نبضات القلب.
- تشنجات باليد اليسرى تجعلني كالعاضض عليها، أو رجفة فيها، أو شعور برغبة بالضرب على أي طاولة أو رغبة بالمشي وعدم الجلوس.

- ثقل بالرأس واليد وكأني سأقع أرضا من ثقلهما، وتنميل باليدين وأطراف الأقدام، ثم تحولت إلى نوبة هلع جاءتني ثلاث مرات إلى الآن بقوة، لكن بالتنفس والاسترخاء والحديث الإيجابي مع نفسي أني لن أموت ولن يحدث لي شيء، سيطرت عليها، والحمد لله ولكن بصعوبة.

بعد ترددي عند عدة أطباء وعمل تحاليل وأشعة كالعادة للدماغ والدم والكولسترول وفيتامين د، وللقلب تبين أني لا أعاني من شيء، فنصحني دكتور أسرة قريب لنا بأن أتوجه إلى استشاري أعصاب شهير.

عند الذهاب إلى دكتور الأعصاب قال: إني أعاني من حالة فرط تنفس وهي بنت عم نوبة الهلع، ووصف لي دواءين السيبرالكس ووالدوجماتيل.

ترددت بأخذ الأدوية لأني ظننت أنها أدوية نفسية، وبعد متابعتي لموقعكم وملاحظة ردودكم لحالات متقاربة من حالتي اقتنعت بالدواء، وبأنه يفعل تغييرا بالنواقل العصبية، وليس علاجا للاكتآب الذي لا أعاني منه، والحمد لله، فبدأت بالدواءين.

أنا آخذ السيبرالكس نصف حبة، أي خمسة ملجم حبة واحدة مساء على نية رفعها إلى عشرة ملجم بعد مضي عشر أيام، والدوجماتيل حبتين 50 ملجم مرتين صباحا ومساء.

مع هذا لا يزال هناك عدم توازن وزغللة بالعين، وتشنج خفيف باليد اليمنى، ودوخة خفيفة تذهب وتأتي، مع أني أمارس رياضة المشي، ولا يزال شعور عدم الاتزان والقشعريرة، وكهرباء تسري في عروقي عامة ويدي اليسرى خاصة، وشعور بشد في فروة رأسي إلى الخلف، ورغبة في النوم، وأسترخي وشيء يشدني للخلف.

هل حالتي هي قلق مخاوف؟ كيف أستمر على الدواءين؟ وهل لو استمريت بالسيرالكس 6 شهور ممكن؟ وما هي الجرعة المثلى للدواءين إذا أقررتم بهما؟

هل أنا بحاجة إلى جلسات للعلاج السلوكي المعرفي؟ وهل ضعف الرياضة عندي وقلة الحركة إضافة للتوترات النفسية الأخيرة بعملي هم من أنتجوا هذا الخلل بالسيروتينين عندي، مما نتج عنه هذا الخلل للناقل العصبي؟

شكرا جزيلا -دكتورنا الكريم الفاضل- وبانتظار إفادتي.

ودمتم سالمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الهادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك – أخي الكريم – في الشبكة الإسلامية، وجزاك الله خيرا على ثقتك في هذا الموقع وفي شخصي الضعيف، أسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا.

رسالتك رسالة غنية وبها الكثير من الجوانب الهامة، وقد عرضت حالتك بصورة جلية جدا.

بعد تدارسي التام للرسالة ومن صياغة الأعراض وتاريخها وبدايتها والروابط التي تثيرها أقول لك قطعا إنه يوجد لديك قلق نفسي، وهنالك قلق مخاوف في ذات الوقت، وقطعا الظروف التي مرت بك – خاصة في الآونة الأخيرة، موضوع العمل وخلافه – هذا أدى إلى ما يمكن أن نسميه بنوع من عدم القدرة على التكيف، أو عدم القدرة على التواؤم.

هذا غالبا ينتج عنه نوع من عسر المزاج، ومن الواضح جدا أن مجموع الأعراض العشرة التي ذكرتها تدل بما لا يدع مجالا للشك أن القلق هو العرض الذي يهيمن عليك، القلق النفسي، يضاف إليه – كما ذكرت لك – شيء من عسر المزاج، وهي درجة خفيفة من الاكتئاب.

أخي الكريم: الأمور تطورت ووصلت لهذه المرحلة، وهي ليست مرحلة خطيرة أبدا. الأعراض الآن تكونت بهذه الكيفية، لأنك أيضا وصلت لعمر يكثر فيه الاكتئاب النفسي، بدايات الأربعين، مع أنها هي فورة الشباب والنضوج وتطوير المهارات، لكن يعرف أنها فترة هشاشة نفسية أيضا قد ينتاب الإنسان فيها أيضا شيء من الاكتئاب في هذه المرحلة.

إذا حالتك بالرغم من وجود نوبات الهرع والهلع وغيره لكنها لا أعتقد أنها مهمة، إنما هي مجرد إضافات.

تشخيصك أنك تعاني من حالة قلق اكتئابي من الدرجة البسيطة، من الدرجة البسيطة أقصد الاكتئاب، لكن القلق قطعا هو من الدرجة المتوسطة على الأقل.

أخي الكريم: خطواتك العلاجية خطوات سليمة، أقول: الدواء ممتاز، الدواء فاعل، ويا حبذا لو رفعت جرعة السبرالكس وجعلته عشرين مليجراما بعد مضي أسبوع، وعشرين مليجراما هي الجرعة العلاجية الجيدة، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.

الدواء سليم جدا، وفاعل جدا، ليس له آثار جانبية حقيقية، فقط قد يزيد شهيتك قليلا نحو الطعام، فأرجو أن تتخذ المحاذير حتى لا يزيد وزنك، وربما أيضا يؤخر القذف المنوي عند الجماع، لكنه لا يؤثر أبدا على صحتك الإنجابية.

بعد مرور ثلاثة أشهر وأنت على جرعة العشرين مليجراما خفضها واجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول السبرالكس.

هذه المراحل العلاجية يجب أن تتبع بالكيفية والصورة التي ذكرتها لك، ومن الواضح أن مراحل الجرعة تنقسم إلى جرعة تمهيدية، وجرعة علاجية، وجرعة وقائية، وجرعة للتوقف التدرجي عن الدواء.

أما بالنسبة للدوجماتيل فهو يساعد كثيرا في الأعراض النفسوجسدية، لذا اجعل الجرعة ثلاث كبسولات في اليوم (مائة وخمسين مليجراما) يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها كبسولة صباحا وكبسولة مساء لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وبالطبع الدواءان كلاهما يعمل على النواقل العصبية.

أخي الكريم: التركيز على الرياضة مهمة جدا، التركيز على التمارين الاسترخائية أنت تحتاج لذلك، هذه التشنجات العضلية وخلافه تحتاج بالفعل إلى علاج استرخائي مكثف، التفكير الإيجابي، حسن إدارة الوقت، الحرص على الصلاة في وقتها – أخي الكريم – الدعاء، الذكر، ترتيل وتلاوة القرآن، التوجه الإيجابي نحو الأسرة، تحسين التواصل الاجتماعي، هذه كلها علاجات، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات