أشكو من آثار نفسية بعد ترك للعادة السرية، فهل يمكنني التعافي من هذه الآثار؟

0 139

السؤال

السلام عليكم.

شاب، تركت العادة السرية بفضل من الله بعد 10 سنوات من الممارسة، ولكن توجد آثار نفسية تركتها بشكل كبير جدا تجعلني أبكي من الندم، ومن ضياع الصحة والوقت خصوصا مع وجود مشاكل صحية سببتها لي، أشعر بقلق كبير، وأنني فقدت ثقتي بنفسي، وقدرتي الكاملة كرجل، وأحيانا من الندم والقلق أود أن أصرخ، فكيف يمكنني التعافي من هذه الأعراض النفسية؟ وهل ستظل معي دائما؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ mostafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية أود أن أهنئك على إرادتك القوية التي أعانتك على ترك ممارستك للعادة السرية بعد عشر سنوات من ممارستها، وإن كان قرار تركك جاء متأخرا، ولكن لا بأس المهم -ولله الحمد- أنك عزمت ونفذت وتاب الله عليك.

أما ما تركته من آثار نفسية، وشعورك بالندم وضياع الصحة والوقت، خصوصا مع وجود مشاكل صحية حسب تعبيرك، مما جعلك تشعر بقلق كبير، وضعف ثقة بالنفس، وضعف ثقتك بقدرتك كرجل، فيمكن علاجها خطوة خطوة بإذن الله، الأهم الآن هو ثباتك، وقوتك في ضبط نفسك، ومنعها من العودة.

والندم والبكاء لا يجدي نفعا، إنما عليك أن تطوي صفحات الماضي ولا تلتفت، وتنطلق لبناء حياة جديدة، باتخاذ الإجراءات والخطوات التي تساعدك على الخروج مما أنت فيه:

1- التوبة النصوح: وشروطها: الإقلاع عن الذنب، والندم، العزم على عدم العودة.
واعلم أن الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبتك، ويغفر ذنوبك وإن بلغت عنان السماء متى أتيت إليه مقبلا بقلبك مخلصا بنيتك، مريدا بكل جوارحك ..
قال تعالى: " {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر: 53]
بل إن التوبة سبيل إلى نيل محبة الله سبحانه وتعالى: قال تعالى: " ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ﴾[سورة البقرة: 222]

2- التقرب من الله سبحانه وتعالى:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله -صلى اللهم عليه وسلم-: .... وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته " رواه البخاري

فالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وخاصة إن كانت في جماعة، تملأ نفسك راحة، وقلبك طمأنينة، وصدرك انشراحا، بما فيها صلاة الفجر، عن جندب بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله) .رواه مسلم

وبعد الفرائض عليك بالنوافل من السنن، وصلاة الضحى والأوابين وقيام الليل، فهي السبيل إلى نيل محبة الله سبحانه وتعالى، ومحبة الله تورث القلب الطمأنينة والسكينة والراحة والهدوء.

3- التوقف عن تأنيب الضمير وتذكر الماضي: من نعمة الله سبحانه وتعالى أن أودع في الإنسان القدرة على النسيان، وأنت يجب أن تسعى جاهدا لتجعل ذكرياتك مع تلك العادة طي النسيان، لسببين السبب الأول: تذكرك إياها ممكن أن يعيد إليك الإثارة الجنسية والرغبة بالعودة، والسبب الثاني: لتستطيع التوقف عن جلد الذات وتأنيب الضمير، وكلما قفزت إلى ذاكرتك اصرف تفكيرك عنها بالجلوس مع العائلة، أو الخروج مع الأصدقاء، أو ممارسة نشاط محبب إليك.

4- كلما شعرت بالندم، وملأت النفس الحسرة، واعتراك الشعور بالضياع، تذكر اسم الله العفو، فالله -عز وجل- يمحو ذنوب عباده ويتفضل عليهم بفضله، هذا أسموه التخلية والتحلية، التطهير والتعطير، العفو والرحمة، يمحو ويكرم، يطهر ويعطر، يشفي ويزكي.. إذا معنى العفو معنيان: معنى سلبي، ومعنى إيجابي، السلبي المحو، والإيجابي العطاء.
قال بعضهم " العفو هو أن تزول عن النفوس ظلمة الزلات برحمته، ووحشة الغفلات عن القلوب بكرامته "، وقيل "العفو الذي أزال الذنوب من الصحائف، وأبدل الوحشة بفنون اللطائف " إزالة، وعطاء.
والإمام القشيري يقول: " العفو هو الذي يمحو آثار الذنوب، ويزيلها بريح المغفرة، فهو يمحو الذنوب من ديوان الحفظة حتى إنه ينسيها من قلوبهم ومن قلوب المذنبين.. أو هو الذي يترك المؤاخذة على الذنوب ولا يذكر بالعيوب "

5- الإكثار من الذكر والاستغفار، فالذكر سبيل لرضى الله سبحانه وتعالى، وفيه جلاء القلب من الهموم والأحزان، ويجلب الرزق، وينعكس نورا على الوجه والقلب، ويجعلك دائم القرب والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، ويكفيك أنك بالذكر تكون جليس الله سبحانه وتعالى.

6- ملء أوقات الفراغ بالعمل الجاد والمثمر، والتخطيط لحياتك من جديد، ورسم الخطوات والاستراتيجيات والسير عليها لتحديد هدفك، وتطوير مهاراتك وقدراتك، ومواهبك، ضع هدفا للتميز بدراستك إن كنت طالبا، أو في عملك إن كنت موظفا، وتنافس مع أقرانك، فانهماكك بالعمل سيجعلك تنسى ما أنت فيه، وخاصة عندما تحقق نجاحات في ميدان العمل فذلك سيعطيك شعورا بالسعادة، وقوة دفع إلى الأمام، وسيعيد ثقتك بنفسك.

7- خصص وقتا لممارسة الرياضة اليومية لتفريغ طاقاتك واستعادة لياقتك البدنية.

8- إن كنت تمتلك القدرة المادية على الزواج، وتحمل مسؤولية تأسيس أسرة، فأنصحك بالمسارعة بالزواج لتحصن نفسك وتعفها بالحلال.

9- أما بالنسبة للمشاكل الصحية التي تركتها العادة السرية أنصحك بالغذاء الصحي المتوازن وهنا ينصح الأطباء بتناول المكسرات والعسل، الثوم، البصل، القمح، الموز، الزنجبيل، حبة البركة، التمر، الحلبة، الحمص، العدس، بذر الكتان، الكاكاو، الزعفران، جوز الطيب، القرنفل، العود، الكرفس، الشبت، التوت، الأسماك، التفاح، والفواكه والخضار الطازجة، وأنصحك بمراجعة طبيب مختص للعلاج والاستشارة إن شعرت بأي أعراض مقلقة، فما من داء إلا وكان له دواء، فاستعن بالله ولا تعجز.

وفقك الله لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات