أخشى الموت وأعيش في دوامة الوساوس.. فكيف أخرج منها؟

0 109

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله الجنة على جهودكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة، غير متزوجة، وطالبة، أعاني من عدة وساوس في ظواهر متعددة، أتغلب عليها -بفضل الله- لأنها تأتي على فترات متقطعة وبعيدة.

ما يؤرقني أنني منذ مدة طويلة أعاني من وسواس الموت، وأصبحت أخاف من ذكر الموت، وأخاف أن أموت وأترك أهلي وأتخيلهم وهم يبكون علي.

فقدت الإحساس بالحياة، حتى عندما أخرج لقضاء أموري أقول أنني سوف أموت، ويجب العودة، ومع ذلك أتحدى نفسي وأظل لفترة أطول خارج المنزل حتى أثبت لنفسي أنني قوية، لدي مخاوف كبيرة، ولا أجد الراحة في النوم.

منذ يومين توفي أحد معارفي من الشباب في عمر الزهور بحادث سير، أصبحت أقول أنني سأموت وأنا صغيرة، لا أستطيع الذهاب إلى الكلية، مع العلم أنني أذهب إلى بيت الفقيد فهو جارنا، حزنت كثيرا على فراقه، وأعلم أنه من -رحمة الله- بنا أن لا أحد يدري متى سيموت.

لدي إحساس قوي يجبرني على التفكير في دنو الأجل، فأجد نفسي أتخيل ملك الموت أو أتخيل أنني أودع أهلي وإخوتي، حتى في المجامع حينما يتحدثون عن إحساس الميت قبل 40 يوما، وكنت لا أصدق هذه المقولة، لعدم وجود دليل عليها، لكن بالوسواس أحس أنني سأصدقها، وهذا إحساس مرعب.

أسألكم طمأنتي والدعاء لي بالسكينة والطمانينة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ويظهر لي أن هذه أول مشاركاتك، فنشكرك على ثقتك في هذا الموقع وإثرائك له.

قلق المخاوف الوسواسي حول الموت منتشر وكثير، وأعتقد أن أحد العوامل التي ساعدت في انتشاره هو كثرة موت الفجأة، وانشغال الناس بأمور الحياة ذات الطابع المادي أكثر مما يجب، وأيضا الخوف الذي ينتاب الناس حول الموت معظمه خوف مرضي، ونحن نقول للناس دائما: يجب أن نخاف من الموت خوفا شرعيا، فالموت آت، والموت لا شك فيه، والموت لا مشاورة حوله، فإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، والإنسان الكيس هو الذي يتجاهل الخوف المرضي هذا، ويعرف أنه في حفظ الله وفي كنفه.

ويا أيتها الفاضلة الكريمة: الأذكار عظيمة، تعطيك شعورا عظيما بالأمان والاطمئنان، وأنك في كنف الله وفي رحمته، حيا كنت أم ميتا، فاحرصي على أذكار الصباح والمساء.

أنا لا أشك أبدا في إيمانك -أيتها الفاضلة الكريمة- لكن أعرف أن للنفوس ضعفها وهشاشتها، لكن حين نذكر بعضنا البعض بعظمة ديننا، والصلاة كيف تفرج عنا الكرب والهموم، والأذكار كيف تبعث فينا الطمأنينة، وأن نرتقي بالذكر، وبتلاوة القرآن الكريم... هذا كله مهم ومهم جدا في حياتنا، واسألي الله تعالى حسن الخاتمة، هذا أعظم ما يمكن أن نسأله العبد لربه، فنسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة.

ويجب أن تستمتعي بحياتك، بل تعيشي الحياة بقوة، أنت الحمد لله تعالى لازلت تكابدين وتدرسين، أسأل الله تعالى أن يعطيك أعلى المرافق العلمية والدرجات العليا، واجتهدي، تواصلي اجتماعيا، يمكن أن تبدئي مشوار لحفظ القرآن، مارسي شيئا من الرياضة المفيدة، أحسني تنظيم وقتك، وحقري تماما هذا الفكر السلبي، فكر الخوف.

وحتى تكتمل المكونات العلاجية أعتقد أنه لا بأس أن تتناولي أحد مضادات قلق المخاوف الوسواسي، والدواء سوف يفيدك جدا، لكن طريقة تغيير التفكير وجعلها على النمط والأسس التي ذكرتها لك أعتقد أن هذا هو الذي سوف يثبت التحسن والتخلص من هذا الفكر السلبي، ويكون هنالك نوع من الثبات في التعافي واستمراريته.

من أفضل الأدوية عقار يعرف تجاريا باسم (زيروكسات CR)، وهو متوفر في المغرب، الدواء يسمى علميا (باروكستين)، والجرعة المطلوبة في حالتك جرعة صغيرة، وهي: 12.5 مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم تجعليها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين آخرين، وهذه هي الجرعة العلاجية الكاملة، وأعتقد بعد تناولها سوف تختفي الأعراض تماما.

بعد ذلك انتقلي للجرعة الوقائية، بأن تجعلي جرعة الدواء 12.5 مليجراما يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم تجعليها 12.5 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة ثلاثة أسابيع.

أؤكد لك أن الدواء سليم، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية. أحد آثاره الجانبية البسيطة أنه ربما يفتح الشهية قليلا نحو الطعام. وإن أردت أن تقابلي طبيبا نفسيا فهذا أيضا أمر جيد، لكن ما ذكرته لك -إن شاء الله تعالى- كافي جدا، فأرجو أن تطمئني، وأسأل الله تعالى أن نسمع عنك كل خير، ونسأل الله تعالى لك العافية ولنا جميعا، والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة، وأن يحسن خواتيمنا.

مواد ذات صلة

الاستشارات