كيف نتعامل مع والدتي المريضة ونشغل فراغها بما يناسب وضعها؟

0 95

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

كالعادة أثمن دوركم الفعال، سؤالي بخصوص الاستشارة رقم: (2214594)، لدي بعض الأسئلة أتمنى الإجابة عليها.

الآن الوالدة يظهر عليها علامات الكبر والتقدم في العمر، إذا قارنتها بمن هن في عمرها، والوالدة تعاني من الفراغ، كيف نشغل فراغها بما يتناسب مع مرضها؟ كيف نتعامل معها؟ وخصوصا أنها أصبحت لا تسلم على بعض الأشخاص لاعتقادات فيها.

مثلا حلمت أنها ذاهبة لمكان، وقابلها شخصا وطلب منها أن ترجع، ومن ذلك اليوم هي لم تذهب لذلك المكان، كيف نتعامل مع حالتها ومرضها؟ بصورة مفصلة لو سمحت، وما هي أفضل الطرق لتقييم حالتها غير الذهاب للطبيب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abo gedo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

يعرف تماما - أيها الفاضل الكريم - أن الكثير من المرضى النفسيين - خاصة المرضى الذهانيين، أو الذين يعانون من اضطرابات عقلية كالأمراض الظنانية - يظهر عليهم التقدم في العمر أكثر ممن هم في عمرهم الحقيقي، هذه الظاهرة معروفة جدا.

بالنسبة لموضوع الفراغ - أيها الفاضل الكريم - هذا يعتمد على بيئتها، التواصل الاجتماعي هو أفضل وسيلة لكسر الفراغ، وأن تتواصل اجتماعيا: أن تجلس مع أهلها، مع من تحبهم، الخروج بها إلى المتنزهات، أن تستمع إلى القرآن الكريم، المحطات الدينية والإخبارية الجيدة، أن تحاولوا دائما أن تستشيروها في أموركم وفي شؤونكم، أن تحكوا لها أحداث وقصص طيبة عن الماضي، هذه كلها وسائل حقيقة للتخلص من الفراغ.

أما بالنسبة للتعامل معها - خصوصا أنها أصبحت لا تسلم على بعض الأشخاص -: هذا من مرضها الذهاني، وأعتقد أن الأدوية إذا عدلت وتناولت عقار (رزبريادون) - الذي ذكرته لك - أعتقد أن هذه الظنانيات وهذه الشكوك سوف تضمحل، وتبدأ في التلاشي، ومن ثم وبشيء من التوجيه والإرشاد وتذكيرها بالتعاليم الإسلامية الرفيعة في تجنب المشاحنة وتجنب الخصومة، وخير الناس هو الذي يبدأ بالسلام، وأفضل المؤمنين أحسنهم أخلاقا، وأقربهم للنبي -صلى الله عليه وسلم،- والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل عند الله من المؤمن الذي لا يخالط ولا يصبر، وتذكيرها بصلة الرحم التي أمر الله أن توصل، وتذكيرها بقول الصحابي الذي قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) [رواه مسلم]، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ من القطيعة . قال : نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى . قال : فذاك لك . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرءوا إن شئتم ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) [رواه البخاري، ومسلم]، وتذكيرها بأن الثواب والأجر باب عظيم، فيجب ألا تضيع هذه الفرص على نفسها، وتعطوا لها أمثلة أن فلانا قد خاصم فلانا ولكن الشخص الذي اعتدي عليه - مثلا - كان هو المبادر في السلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) [متفق عليه]، وقوله: (أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام) [رواه أبو داود والترمذي]... وهكذا.

هذا أمر سهل جدا: الدواء زائدا الإرشاد السلوكي النفسي الذي تحدثت عنه.

موضوع الأحلام - أيها الفاضل الكريم - يجب ألا تشغل نفسها به، وقولوا لها أن هذه الأحلام من الشيطان، ولا تهتمي بها، واستعيذي بالله منها، واتفلي عن يسارك - بعد رؤيتها - ثلاث مرات، ولا تحكيها لأحد أبدا، هذا هو علاج الأحلام المزعجة والكوابيس المؤلمة في السنة المطهرة.

هذا هو التعامل معها، أن تأخذ العلاج الدوائي، لأن هذا مرض بيولوجي، أن نعطيها اعتبارها، أن نساعدها في إدارة وقتها، وألا تكون شخصا مهمشا مهما كان مرضها، تعامل كوالدة، تنفذ كل شروط بر الوالدين، ونشعرها بأن الناس في حاجة إليها.

هذه هي الطرق الجيدة والمفيدة - أيها الفاضل الكريم - وقطعا إن كانت صحتها الجسدية تسمح، فالمشي أيضا علاج مهم، يقوي النفوس كما يقوي الأجسام أو الأجساد، ومقابلة الطبيب - أخي الكريم - مهمة، والمتابعة كذلك معه مهمة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات