أشكو من نظرات عيني التي توحي بأشياء لا أقصدها، ماذا أفعل؟

0 70

السؤال

السلام عليكم..

مشكلتي تتلخص في المعاناة الشديدة من وسواس النظر للعورات، أنا لا أنظر، لكن حركة عيني تعطي للشخص الذي أمامي انطباعا أني أحاول النظر، وأني شاذ.

تعبت من ممارسة تمارين الاسترخاء يوميا، والتوكيدات الإيجابية، ومع ذلك لا فائدة، لدرجة أن الجميع أصبح يكره وجودي في المكان والحديث معي، لست أدري ماذا أفعل؟

أصلي بالمسجد، ولكن هذه الأفكار ترفض مغادرة عقلي.

أرجوكم ساعدوني، تعبت من هذا الوسواس القهري منذ أكثر من سبع سنوات، وأنا أعاني من تلك الأفكار المتسلطة الحقيرة، لكن لا أعرف كيف أتغلب عليها؟

أصبحت أجلس مع نفسي وأعتزل الجميع خوفا من تلك الأفكار والنظرات التي لا تعبر عني، لكنها تسيطر على عقلي وفكري باستمرار.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حامد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتفق معك أن هذه أحد الوساوس السخيفة والمؤلمة للنفس الإنسانية – أي لنفس المسلم – وأنا لدي حالات لا أقول كثيرة، لكن متعددة من النوع من هذه الحالات، والحمد لله تعالى نجحنا بفضل الله تعالى في علاجها.

أولا: فكر أن هذا الوسواس مثل بقية أنواع الوساوس، بالرغم من شذوذ محتواه وما يوقعه عليك من إيلام سميه بوسواس قهري مشابه لبقية الوساوس. هذا هو الأمر الأول.

الأمر الثاني: حين تنظر إلى إنسان في عورته استبدل الفكرة بفكرة أخرى، أنك مثلا تنظر إلى النار، أنك تنظر إلى الميت حين ينزل في القبر ويلحد، أنك تنظر إلى حادث بشع، حادث طريق مثلا وقع أمامك، بمعنى آخر: أن تفكر فكرة منفرة لفكرة النظر إلى عورة أحد الناس، بمعنى: حتى لو اتجه نظرك إلى العورة، وحاول أن تنظر إلى بعض الناس، لكن ليست النظرة التي تلفت النظر، وحين تنظر ائت بأحد الأفكار التي ذكرتها لك، أو أي فكرة سخيفة أخرى منفرة ومؤلمة لنفسك، هذا يؤدي إلى ما يسمى بفك الارتباط الشرطي. وتكرر هذا التمرين، وجدناه مفيدا جدا.

تمرين آخر وبسيط جدا، هو: أن تجلس أمام سطح صلب – كالطاولة مثلا – وتفكر في هذه الوساوس وتقوم بالضرب على يدك بشدة وقوة حتى تحس بالألم. الفكرة أيضا هي أن تربط بين الفكرة الوسواسية السخيفة وإيقاع الألم بالنفس، والألم أحد المنفرات كما وجد ذلك أحد علوم السلوك. لا يمكن للألم أن يلتقي أبدا مع الوسواس، وتجد أن الوسواس تلقائيا قد ضعف.

هذه التمارين تحتاج منك إلى تأمل وتدبر وتدقق وقناعة بأنها مفيدة وتطبقها على أفضل ما يكون. هذا بالنسبة للتمارين السلوكية.

وأريدك أيضا – أخي الكريم – أن تنظر إلى عورتك، ليس في حالة أن تكون دون ملابس، ولكن وأنت بملابسك انظر إلى عورتك أنت، وقل: (هذه عورتي، وهي مثل بقية عورات الناس، وما لا أريده لنفسي لا أريده للناس)، هذا تمرين ثالث مهم جدا.

هذه هي التمارين السلوكية المطلوبة، وبعد ذلك يأتي العلاج الدوائي.

هذا النوع من الوسواس يحتاج لما أسميه بالخط الثاني في العلاج الدوائي، وهي أن نجمع بين عقار (فلوكستين) و(فلوفكسمين)، وجرعة صغيرة من عقار (رزبريادون) أو عقار (إرببرازول).

هذه قطعا – أخي الكريم – أمور فنية تتطلب منك أن تذهب إلى طبيب نفسي.

هذه الأدوية أدوية ناجعة، قوية، تفكك الوسواس. وبعد ذلك حين تبدأ التطبيقات السلوكية التي تحدثت لك عنها سوف تجد أن الوسواس ابتدأ يضمحل تماما، وتفرح إن شاء الله تعالى بذلك كثيرا، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

وخط العلاج الثالث – أخي الكريم – هو: تغيير نمط الحياة، ألا تترك مجالا للفراغ أبدا، لا الفراغ الذهني ولا الفراغ الزمني، الفراغ الذهني نملئه بالاطلاع وبالقراءة، وبمجالسة الصالحين والعارفين، وأن نطور مهاراتنا بأي وسيلة كانت، وأن تحسن التواصل الاجتماعي – أخي الكريم – أن تلبي الدعوات، أن تهتم بالأسرة، صلة الرحم، بر الوالدين... هذه – أخي الكريم – كلها أمور تساعد الإنسان على أن يصرف انتباهه من وساوسه وقلقه.

ممارسة الرياضة والتمارين الاسترخائية أيضا إضافة علاجية جميلة جدا.

أتمنى – أخي الكريم – أن أكون قد أسديت لك النصح المطلوب، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات