كيف يمكن إدراك الذات البشرية وفهمها؟

0 68

السؤال

السلام عليكم.

قبول الواقع والرضا به وعدم إنكاره -منطقيا- هو الخطوة الأولى لمعالجته بشكل صحيح، ولكن علميا هل ثبت أن المضطربين نفسيا تحسنوا بهذه الخطوة، أم أنهم وحتى بعد التقبل والاستبصار عادوا كما كانوا؟

ثم إن الإنسان -مثلا- يمكن أن يقع في أخطاء معينة، وبعد وقفة مع الذات والتفكر يعلم ما الخطأ، وما الطريق الصحيح، إلا أنه يكرر أخطاء من جنس الأخطاء التي أدركها مسبقا، بل وحتى تكرار الأخطاء بعينها.

ثم إن أحد الأطباء الأفاضل كان قد وضع خطة للعلاج النفسي، على أساس قراءة النفس ثم قبولها ثم تقديرها ثم تزكيتها -وهي مادة مكتوبة-، فما تعليقكم، ثم هل يكون من المفيد بالنسبة لي التعامل معها والإستفادة بها؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

قطعا قبول الواقع والرضا به، وحتى يجب أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، هذا أمر مهم جدا، ولا ننكر الواقع أبدا، وندركه إدراكا تاما، والإنسان يجب أن يعرف سلبياته وإيجابياته وما هو جميل في حياته، وما هو قبيح في حياته، الإدراك لهذا وفهمه مثل إدراك الذات وفهمها، ثم بعد ذلك العمل على تطويرها.

بالنسبة للذين يكررون أخطاءهم أنا أعتقد درجة الاستبصار العقلاني لديهم لا زالت مضطربة، أو أن شفرة التعلم والتجارب وشفرة الفضيلة والانضباط الاجتماعي لا زالت لديهم مضطربة، أو أنهم يفتقدون الوازع والرادع الذي يجعلهم يستبصرون بأخطائهم، أو أنهم يكررونها لأنهم لا يعطونها حجمها الحقيقي من البشاعة والفظاعة، وأنهم لا يضعوها في مقاس الحلال والحرام.

دائما بعض الناس لا يقدرون ذواتهم من هذه الزاوية، وفي هذه الحالة قد يكون اضطراب الشخصية وعدم نضوجها سببا من الأسباب التي تجعل الإنسان يكرر أخطائه.

ويا -أخي الكريم-: الإنسان يجب أن يدرك أن الله تعالى قد أعطاه العقل والبصيرة والإدراك وأنه مرتبط بالواقع، وأنه يميز بين الحق والباطل والخير والشر.

بهذه الكيفية يعرف الإنسان أنه يجب أن يتحمل مسؤوليته حيال تصرفاته، وهذا قد يساعد كثيرا في تجنب الأخطاء.

قراءة النفس يعني إدراكها وفهمها، وألا يبالغ الإنسان في تضخيم ذاته، ولا يحقرها أيضا، أي يعطيها حقها الصحيح، ويعرف إيجابياتها وسلبياتها وإمكاناتها ونواقصها، هذه هي قراءة النفس الصحيحة، وبعد ذلك يتم القبول، ثم بعد ذلك يتم الفهم التام، ثم نسعى لتزكية النفس من خلال تطويرها، البحث عن تطويرها وكبح نواقصها، وأن نسعى دائما لأن نكون في الجانب الإيجابي، وأن تطور ذواتنا.

هذا كلام صحيح ومعقول، ويمكن تطبيقه، ونضيف إلى ذلك -أخي الكريم- أهمية إدراك ما يسمى بالذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني، فبعض الناس لديهم ذكاء أكاديمي مرتفع جدا، لذا تجد أنهم يتحصلون على أفضل الدرجات في الامتحانات والشهادات الجامعية والدكتوراه وخلافه، لكن تجد لديهم علة كبيرة فيما يسمى بالذكاء العاطفي أو الوجداني، والذكاء العاطفي هو القدرة على أن نفهم ذواتنا ونتعامل معها بصورة إيجابية، وأن نفهم الآخرين، وأن نتعامل معهم أيضا بصورة إيجابية. وهنالك الكثير من الكتب والمؤلفات في مجال الذكاء العاطفي، ومن أفضل هذه الكتب الكتاب الذي كتبه (دانيال جولمان).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات