بعد نوبة خوف مفاجئة أصبت بعسر في الكلام، فهل عندكم علاج لحالتي؟

0 100

السؤال

السلام عليكم..

عمري 23 سنة، خريج جامعي حديث، قصتي بدأت مذ كنت في الثانوية العامة، وأنا في 18 من عمري، أثناء تأديتي للامتحانات النهائية، كانت الأمور في البداية طبيعية، ولم أكن أعاني من شيء، في أحد الامتحانات تفاجأت مؤخرا بأن نصف الكورس المقرر في الامتحان محذوف عن طريق أحد زملائي، ولا أدري ما الذي حصل بعدها؟

أصبحت أعاني فجأة من صعوبة شديدة في الحفظ والفهم، وأصابني حينها قلق وتوتر لم يصبني من قبل، لم أدرك حينها ما السبب، كنت أجلس لوحدي وأبكي في بعض الأحيان.

بعد اجتياز مرحلة الثانوي العامة، ذهبت إلى شيخ لعلاجي بالرقية الشرعية ظنا مني في البداية أن عينا أصابتني من أحد زملائي، استمررت على الرقية عند الشيخ لعدة جلسات، ولكني لم أشعر بالتحسن بل ازداد في القلق بعد دخولي الجامعة، وبدأت تظهر علي عادات غريبة مثل قضم الأظافر، ونتف شعر اللحية، وازدادت معها حياتي تعقيدا، وكنت لا أزال أعاني من صعوبة شديدة في الحفظ والفهم، ولأكون صريحا أكثر معكم كنت أفكر في بعض الأحيان بالانتحار، لكن الحمد لله الذي أعزني بالإسلام ونهاني عن هذا العمل المنكر.

حاولت أن أتكيف مع الوضع الجديد، لكن بصعوبة بالغة، حتى اصطدمت بيوم لن أنساه أبدا، كان يوم الاثنين بداية السنة الثالثة في الجامعة، استيقظت من النوم، وإذا بي لا أستطيع التكلم، وكأن احدا ربط لساني أو شيئا من هذا القبيل، وغبت عن الوعي من هول ما حدث (علما أنني كنت أسكن في سكن طلابي لوحدي)، استيقظت فيما بعد وكأن لساني قد عاد جزئيا إلى طبيعته فالحمد لله، تغيبت في ذلك الأسبوع عن الدوام، وذهبت إلى أكثر من طبيب ( باطنية، وأنف وأذن وحنجرة، وذهبت إلى طبيب جراحة الفكين، وإلى طبيب أعصاب و...)، وعملت فحصا لطبقية الدماغ، ورنينا مغناطيسيا، وكان كل شيء سليما مئة في مئة، ولله الحمد.

ولكن لم يستطع أحد من الأطباء تشخيص حالتي، حتى نصحني طبيب الأعصاب بالذهاب إلى طبيب نفسي، وعلى الفور ذهبت إلى طبيب نفسي، وجلست معه، وذكرت له كل القصة من بدايتها، وقال لي أن كل ما يحدث معك كان نتيجة القلق والتوتر الشديدين، وأعطاني علاجا اسمه سيروكسات (حبتين يوميا لمدة شهر، وبعدها حبة لمدة شهر آخر).

استمررت على الدواء كما طلب مني، مع العلم أن سعر الدواء عندنا في الأردن 17.5 دينارا، وهو غير مؤمن، لم ألاحظ أي تحسن بعد تناول العلاج خلال هذه المدة، عندما عدت له بعد شهرين طلبت منه أن يصف لي دواء مشابها له، ويكون سعره رخيصا، فوصف لي دواء اكزنكس لمدة ثلاث أشهر، حبتين يوميا من أصغر حبة، ولكن دون فائدة بقي لساني كما هو، وحتى في بعض الأحيان يصبح ثقيلا جدا، ويزيد اللعاب معه، أتحدث بصعوبة بالغة، وهناك كلمات لا أستطيع نطقها بالمرة، مع أنني في البداية كنت أنطقها بسهولة مطلقة، توقفت عن الذهاب للطبيب بسبب البعد الجغرافي بيننا، بدأت بالانعزال عن العالم المحيط بي، وحتى صلة الرحم -للأسف الشديد- أصبحت في أسوأ أحوالها، والحمد لله على كل شيء.

لا أدري إذا كان عندكم علاجا معينا لمثل هذه الحالات -أقصد ثقل اللسان-؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خليل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمما لا شك فيه أن ما حصل معك في المرحلة الثانوية هو خوف وقلق بعد ما تم حذفه من المقرر، وطبعا هذا أثر عليك وخفت طبعا من الرسوب، وبعد ذلك ظهرت أعراض قلق وتوتر واضحة، مثل: قضم الأظافر، ونتف اللحية، وأعقبها أعراض اكتئاب مثل: التفكير في الانتحار، وتحسنت، ولكن في الجامعة أيضا حصلت معك ما يشبه الصدمة النفسية، ولا أدري هل كان قبلها مشكلة معينة أم لا؟

أحيانا عدم القدرة على الكلام والغياب عن الوعي أو عدم تذكر أشياء بعينها قد يكون اضطرابا نفسيا، ويسمى (اضطرابا تحوليا) ومنشؤه –يا أخي الكريم– أن هناك مشكلة معينة لا يستطيع الشخص حلها، ولذلك يتحول الألم النفسي إلى عرض جسدي أو بدني، مثل: عدم النطق، أو عدم الحركة، أو هلم جرا، ويتم التشخيص هنا ليس بعدم إثبات المرض الجسدي أو العضوي، ولكن بإثبات الألم النفسي أو الصراع النفسي الذي يعيشه الشخص قبل هذا العرض البدني.

وعلى أي حال – أخي الكريم – عملت فحوصات ومن ضمنها الرانين المغناطيسي ولم يوجد سبب عضوي، فأنا أرجح المرض النفسي الآن، ولكن هناك أيضا أشياء: المرض النفسي إما أن يكون كلاما أو عدم كلام، ولكن صعوبة النطق في حروف معينة وفي كلمات معينة فهذا لا أجد له تفسيرا نفسيا.

على أي حال: تشخيصك هو أقرب إلى أنه مرض نفسي، وفي هذه الحالة العلاج علاج نفسي، وليس علاجا دوائيا – أخي الكريم – بأي حال من الأحوال، ولكن نصيحتي لك بأن تقابل مرة أخرى طبيب مخ وأعصاب لكي يثبت فيما لا يدع مجالا للشك أنه ليس هناك سبب عضوي لمشكلة النطق.

وبعد ذلك عليك العلاج النفسي والذي – كما ذكرت – ليس علاجا دوائيا بأي حال من الأحوال، هو علاج نفسي، والأدوية هنا لا تفيد على الإطلاق، علاج نفسي لمعالجة الصراعات الداخلية التي تدور جواك وداخلك –أخي الكريم– وأدت إلى مشاكل النطق، وكما ذكرت لابد من وجود مشكل نفسي أو صراع نفسي يؤدي إلى العرض البدني، وهذا نسميه بالمكسب الأول، أي أن الألم النفسي تحول إلى عرض جسدي، وبالتالي زال الألم لفترة مؤقتة، ومن ثم يصير الاهتمام بالعرض العضوي، وهنا يسمى (مكسب ثانوي)، والظاهر أنك ما زلت في مرحلة المكسب الثانوي باستمرار هذه الأعراض، وعلاجها علاج نفسي فقط أخي الكريم.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات