أشكو من السرحان وانتقاد الأهل وقسوة القلب، فهل من حل؟

0 12

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 17 سنة، أعاني من السرحان وعدم الانتباه، مما سبب لي مشاكل مع عائلتي والدراسة، خاصة عائلتي، فقد صرت أكره الجلوس أو البقاء معهم، فهم كلما رأوني أهانوني ونقصوا من قدري، رغم أني أحاول دائما فهم ما يريدون لكن لا أستطيع. إنهم يقارنوني بأنفسهم وبغيرهم مما يجعلني أكره نفسي، علما أنهم كانوا مشغولين عني، مما جعلني أعيش في عزلة بمفردي، حتى اعتدت على ذلك، ولا أهتم برؤيتهم، وصار قلبي قاسيا عليهم بسبب رفضهم لأي شيء أريد فعله؛ بحجة أني فتاة، ورغم أنه يظهر علي عدم الاهتمام لما يقولونه، لكني أنزعج جدا بداخلي، وأحيانا تصل بهم إهانتي أمام الضيوف، فأرد عليهم بكلام جارج أندم عليه فيما بعد.

أكره نفسي بشدة، وأرها سيئة، ونفسيتي دائما معكرة، بحيث أني أتذكر كل السلبيات، وأستمع للأغاني الحزينة التي تزيد حالتي سوءا، وأنكر كل النعم التي أنعم الله بها علي، وأعلم أن سماع الأغاني حرام، لكني لا أستطيع التوقف عنها، وإذا توقفت أشعر بحاجتي لها، وأبدأ أغني أي شيء أحفظه حتى لو كان أغاني الأطفال.

فكرت أنه لا معنى لحياتي، وفكرت بالانتحار، لكني لم أفعل بسبب معرفتي بالنتيجة، أيضا أحب فعل الشيء الخاطئ، لدرجة أني جرحت نفسي بشفرة بسبب مزاجي السيئ، وأحب منظر الدم، لكني توقفت عن جرح نفسي بعدما علم والداي وأنبوني عليه.

أصيب أخي في حادث، وتمنيت لو أني المصابة، ولم أهتم به، فأنا أكره الرجال لأنهم يستغلون الفتيات، خاصة أن أخي كان يضربني بقسوة لأتفه الأسباب عندما كنت طفلة.

أنا غير ملتزمة بصلاتي، رغم أن جميع عائلتي ملتزمون، فكلما عدت لها قطعتها، وأشعر كما لو أن أحدا يتحكم بي، وكأني منومة مغناطيسيا.

والدي يقدم النصائح للناس، وأنا لا أستطيع بسبب بعد المسافة وعدم تفرغه لنا، وهذا يسبب شجارات أمي وأبي، فلا يمر يوم إلا وهناك شجار بيننا في الأسرة.

سئمت من كل شيء، ولدي تناقضات كثيرة، فمثلا أحب الجلوس في الظلام لدرجة أن عيني لم تعد تحتمل الشمس وبنفس الوقت أخاف من الظلام، أو يكون مزاجي لطيفا وينقلب فجأة لمزاج سيئ.

أرجو إفادتي، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شموس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقع إسلام ويب، وردا على استشارتك نقول:

- يتأثر الإنسان بسلوكيات من يعيش حوله سلبا أو إيجابا، وكذلك بما يخالطه من أجهزة وحيوان وبيئة، في الحديث الشريف يقول (ﷺ): (كل ‌مولود ‌يولد ‌على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء)، ويقول (ﷺ): (الفخر ‌والخيلاء ‌في الفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم) وما أكثر الأمراض والسلوكيات الخاطئة التي نشأت في أبناء المسلمين نتيجة استخدامهم للأجهزة الحديثة والبرامج الإلكترونية!

- يستطيع الإنسان -بعد توفيق الله له- أن يغير من سلوكياته كما قال (ﷺ): (الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم ومن يتصبر يصبره الله)، وجاء رجل إلى النبي (ﷺ)فقال: أوصني يا رسول الله فقال له: (لا تغضب) فردد مرارا فقال: (لا تغضب).

- مفتاح تغيير سلوكياتك بيدك أنت -بعد توفيق الله لك-، وبعد أن تلهجي وتتضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وتستعيني به، فإنه إن لم يعنك الله ويوفقك فلن تستطيعي فعل أي شيء، وما لم تبدئي بتغيير حياتك وسلوكياتك فستبقى الأمور على ما هي عليه، إن لم تتفاقم يقول تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11].

- أوصيك بما يأتي:

1- نسيان الماضي وما حصل من أسرتك؛ فتذكر الماضي لا يجلب لك إلا الحزن والكآبة، ولن يغير شيئا بل إن اجترار الماضي يكبلك ويقيدك ولا يتيح لك الفرصة للانطلاق نحو الأفضل.

2- مهما حصل من والديك، فهما كانا السبب في وجودك، ولا ينبغي أن تحملي في نفسك عليهما، بل لهما عليك حقوق كثيرة، أهمها البر والإحسان كما قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} [الإسراء: 23]. وقال تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} [لقمان: 15].

3- كوني على يقين أنك لم تخلقي عبثا وإنما خلقت لهدف وغاية، ألا وهي عبادة الله تعالى وحده، فكيف تتركين الصلاة وتريدين الإحساس بالسعادة؟! يقول الله تعالى: {قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 1-2]. ويقول تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا * إلا المصلين * الذين هم على صلاتهم دائمون} [المعارج: 19-23].

ويقول نبينا (ﷺ): (العهد ‌الذي ‌بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، وقال (ﷺ): (من حافظ عليها كانت له نور وبرهان، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نور ولا برهان، وكان ‌مع ‌فرعون ‌وهامان ‌وأبي بن خلف)، وقال (ﷺ): (وجعل ‌قرة ‌عيني ‌في الصلاة)، فقرة أعين المؤمنين وسعادتهم وراحتهم في الصلاة وفي طاعة الله الله سبحانه.

4- عليك أن ترتبي حياتك، وأن تعطي كل ذي حق حقه، فتعطي لربك حقه من العبادة، وتعطي والديك حقهما من البر والصلة والإحسان، وتعطي أفراد أسرتك حقوقهم، يقول (ﷺ): (إن ‌لربك ‌عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه).

5- ينبغي أن يكون لك هدف في هذه الحياة، وتعملي جاهدة من أجل تحقيقه، ولا ينبغي أن تبقي تائهة، فالسرحان ناتج عن عدم توفر أي هدف في حياتك، وينبغي أن تهتمي بالتحصيل العلمي، وتشحذي همتك لنيل أعلى المراتب.

6- مارسي الرياضة المتاحة داخل المنزل أو في فناء البيت، أو المشي في الممشى العام مع بعض زميلاتك أو بعض محارمك، ومارسي رياضة الاسترخاء فهي مفيدة -بإذن الله-.

7- عودي نفسك على الهدوء وبرود الأعصاب، وعدم الانفعال من تصرفات من حولك، يقول (ﷺ): (ليس الشديد بالصرعة – يعني الذي يصرع الناس – إنما الشديد الذي يمسك نفسه عند الغضب).

8- اقتربي من والديك وتوددي لهما بالكلام اللطيف، واعتذري لهما من أي تصرف أغضبهما، واجتهدي في نيل رضاهما، وتفاني في خدمتهما، واطلبي منهما الدعاء، وستجدينهما يفيضان عليك بالحنان -بإذن الله-.

9- لا تقدمي على فعل أي أمر حتى تنظري الفائدة والمصلحة منه، ومدى تأثيره على حياتك وحياة من حولك، فإن كان نافعا فافعليه، وإن لم يكن نافعا فابتعدي عنه.

10- احذري من التفكير في الانتحار؛ فإن نهايته سخط الله وعذابه، فمن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة.

11- قسوة القلب علاجها في تلاوة القرآن الكريم وتدبره، وقراءة أحاديث النبي (ﷺ) وخاصة ما يتعلق بالرقائق، وكتاب (رياض الصالحين) نافع في هذا المجال، وكذلك كتاب (الترغيب والترهيب) للعلامة المنذري، وعليك بـ (شرح رياض الصالحين) للعلامة ابن عثيمين -رحمة الله على الجميع-.

12- اتركي العزلة واختلطي بأهلك، وتعاوني معهم وتفاني في خدمتهم، وستجدين أن حياتك وحياة من حولك تتغير تلقائيا.

13- كوني أنت الفتاة التي تضفي على حياة أسرتها بالفرح والسرور، وكوني مرحة مع الجميع.

14- صادقي الفتيات الصالحات اللاتي يدلونك على الخير ويعينونك عليه، وابتعدي عن الفاسدات فإنهن سم زعاف.

15- اجتهدي في توثيق صلتك بالله تعالى، وتقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فالحياة السعيدة لا تنال إلا بذلك، كما قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: 97].

16- الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي (ﷺ)، فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال (ﷺ) لمن قال له: أجعل لك صلاتي كلها؟ (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

17- اجعلي لنفسك وردا يوميا من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فبذكر الله تعالى تطمئن القلوب، كما قال سبحانه: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28].

18- صومي بعض النوافل كالاثنين والخميس والثلاثة الأيام البيض؛ فالصوم يلين القلب ويقوي الإيمان.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات