منذ الطفولة أعيش في عالم الخيال ولا أستطيع التخلص منه!

0 53

السؤال

السلام عليكم
أدامكم الله بسعادة.

عندما كنت طفلة اكتشفت عالما يسمى بالخيال، قررت أن أكون فيه، صممت جميع مخيلاتي التي أحبها، هربت من الواقع، والآن بعمر 22سنة.

لست قادرة أن أتخلص من هذا العالم، أصبحت أتخيل في كل الأوقات، إلى درجة أني أفقد التركيز، ويأتي الخيال لا أستطيع أن أركز في عباداتي مثل الصلاة والذكر وغيرها، أصبح خيالي مسيطرا علي، حاولت جاهدة بموضوع التركيز لكن لا فائدة من المحاولة.

السؤال الثاني هو: لدي صديقة تدعو الله أن يرزقها الله أهلا غير أهلي حاليا! هل هذا الدعاء باطل أو يندرج تحت مسمى الإثم وقطع الرحم؟ وهل يجوز للإنسان أن يدعو بذلك؟ كأن يقول: يا رب يكون أهلي الحقيقيون فلانا وفلانا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات الشبكة الإسلامية، وسأجيب إن شاء الله تعالى، على سؤالك المتعلق بالصحة النفسية، وسيقوم الشيخ أحمد الفودعي - حفظه الله - بالإجابة على السؤال الثاني.


بالنسبة لموضوع الخيالات عند الأطفال: هي ظاهرة معروفة جدا، وكثير من الأطفال لديهم خيال خصب، يحاولون من خلاله استكشاف العالم ومعرفة تفاصيل أكثر عما يسمعونه أو يشاهدونه ويرونه.

لذا نشاهد كثيرا من الأطفال حين يشاهدون مثلا برنامجا أو فلم كرتون - أو غيره - في التلفزيون تجد أحدهم يحاول أن يكون قريبا جدا من الشاشة، لأنه يعتقد أنه سيتحصل على تفاصيل أكثر.

هذه الظاهرة ليست ظاهرة سيئة، وليست مرفوضة، بل الكثير من علماء النفس والسلوك والتكوين المعرفي للأطفال يعتقدون أنها تزيد من خصوبة الفكر للطفل، مما يستفيدون منه مستقبلا، لكن قطعا إذا استمرت هذه الظاهرة وبكثافة وأصبحت مستحوذة ومهيمنة على الإنسان في فترة اليفاعة والشباب هنا ستكون عائقة، وتؤدي إلى نوع من الوسوسة.

أعتقد أن هذا هو الذي حدث لك الآن، امتد خيال الطفولة وأصبح يجعلك تعيشين في عالم غير واقعي أو عالم افتراضي، وهذا أخذ أيضا طابع الوسوسة مما جعلك لا تحسنين التركيز على أمور هامة في الحياة مثل الصلاة.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذا كله ليس مرضا، وأنا أريدك أن تسخري طاقاتك بصورة أفضل، وأن تصرفي انتباهك عن أحلام اليقظة هذه.

أولا: هذا يتم من خلال استشعار المهام الحياتية التي يجب أن تقومي بها، والحياة فيها أشياء مفيدة كثيرة يمكن للإنسان أن يقوم بها، فأحسني توزيع وقتك، واحرصي على أن تؤدي كل ما هو ضروري حيال نفسك وأسرتك، وتؤديه بإتقان: مشاركة الأسرة في ترتيب البيت، أمور النظافة، الطبخ، ... هذا كله مهم.

أيضا حاولي أن تنامي نوما ليليا مبكرا، وتتجنبي النوم النهاري، لأن النوم الليلي المبكر يعطي الدماغ فرصة لاسترداد قواه، وذلك من خلال ترميم الخلايا الدماغية، وحين يستيقظ الإنسان مبكرا ويصلي الفجر حاضرا وفي وقته لا شك أن ذلك يؤدي إلى شعور تام بالأمان والاستقرار النفسي، ويكون التركيز في أحسن حالاته.

مارسي بعض التمارين الرياضية، كرياضة المشي مثلا، أو أي رياضة أخرى تناسب الفتاة المسلمة، وأيضا أريدك أن تلجئي إلى الكتابة، حتى التفكير الخيالي هذا حين يأتيك حاولي أن تحوريه وتجعليه مثلا في شكل قصة، واكتبي هذه القصة، وكثير من الكتاب المتفوقين والمعروفين الآن كانوا أصلا خصبي الخيال، وكانت تأتيهم الكثير من أحلام اليقظة التي استفادوا منها ووظفوها لتصبح ذات فائدة بالنسبة لهم.

طبقي أي نوع من التمارين الاسترخائية، خاصة تمارين التنفس اللاإرادي، وحاولي أن ترتلي القرآن بتؤدة وتمعن وتدبر، هذا يحسن من التركيز ويزيل أحلام اليقظة.

أود أن أنصحك أخيرا بتناول دواء معروف أنه يساعد في كبح جماح هذا الخيال والوسوسة، الدواء هو (فافرين)، تناوليه بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم خمسين مليجراما - أي حبة واحدة - مرة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء. هذه جرعة صغيرة جدا، وهي خمسين مليجراما في اليوم، ويعرف عن هذا الدواء أنه يمكن أن يتم تناوله حتى ثلاثمائة مليجرام في اليوم، علما أنه لا يؤدي إلى التعود أو الإدمان، ولا يؤثر أبدا على الهرمونات النسائية، وهذه ميزة كبيرة جدا.

الدواء قطعا يمهد كثيرا لأن تطبق التمارين والآليات العلاجية السلوكية التي تحدثنا عنها سلفا، وذلك من خلال التحكم التام في القلق، أو تحويله من قلق سلبي إلى قلق إيجابي.

أرجو أن تأخذي هذه النصائح بصورة متكاملة، وبدافعية وعزيمة وإصرار؛ حتى تتخلصي تماما من هذه الوسوسة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي مستشار العلاقات الأسرية والتربوية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرحبا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.

أفيدك هنا عن الجانب الشرعي في الاستشارة، وقد أجابك عن الجانب النفسي د. محمد عبد العليم جزاه الله خيرا.

السؤال الأول: ينبغي - أو الواجب - ألا يستسلم الإنسان للخيالات، وحديث النفس أثناء عبادته، فالواجب عليه أن يجاهد نفسه لإصلاح عبادته ما استطاع، والله تعالى يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم}، ويقول: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، وما دام الإنسان يجاهد وساوسه وحديث نفسه أثناء صلاته فهو مأجور على هذه المجاهدة، وبالاستمرار -إن شاء الله- ستزول عنك.

من المهم جدا أن يعلم أنه لا يجوز بحال من الأحوال أن تتخذ هذه الوساوس والمشقة التي يجدها أثناء العبادة بسببها أنه لا يجوز اتخاذ ذلك ذريعة لترك العبادة الواجبة، وليحذر من أن يجره الشيطان إلى ذلك.

أما السؤال الثاني: وهو هل يجوز للمرأة أن تدعو الله عز وجل أن يرزقها الله أهلا غير أهلها الحالين؟ فإن كان المقصود أن يرزقها الزواج بأحدهم فتصبح من جملة الأسرة فهذا لا حرج فيه، لأنه سؤال ما يمكن، وأما إن كانت تتعنت في سؤالها وتدعو الله تعالى بخوارق على خلاف العادات بأن يجعل الله تعالى هؤلاء أهلها بدل هؤلاء، فسؤال الخوارق لا يجوز، وهو مناف لأدب الدعاء كما ينص على ذلك أهل العلم في كلامهم على آداب الدعاء.

نسأل الله سبحانه تعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات