أمي لديها مرض نفسي، وتشك أننا نتآمر عليها، كيف نتعامل معها؟

0 71

السؤال

السلام عليكم.

أمي تعاني من البارانويا كما أكد الطبيب النفسي، وتظن أن كل شيء يتآمر عليها حتى أنا وإخوتي، فتتشاجر معنا كثيرا ولا يمكن نقاشها، وتفسر أي شيء يحدث على هذا المنوال، أصبحت تجلس في غرفة وحدها، وتغلق الباب عليها وقتا طويلا، حتى أنها أخرجت التلفاز وليس معها إلا المصحف تقرأ به، وتكاد لا تخرج لنا إلا لإعداد الطعام أحيانا، أو للجلوس على الحاسب الآلي، تحاول متابعة الأخبار أو البحث عن شيء، وإذا أراد أحد منا دخول الغرفة للجلوس معها تنتظر أي فرصة للشجار.

إن الموضوع يتطور باستمرار، وقد قال الطبيب النفسي: أن الحل هو أخذها بالقوة لجلسات كهرباء، أو إعطاءها دواء لمدة أسبوعين بدون أن تلاحظ ، ولكنه لم يتعامل معها أو يراها، ولكن سمع من أبي وأخي، فهل هذه هي الحلول الوحيدة، وهل نخبرها بحقيقة مرضها أم لا، وماذا نفعل؟

هي أصرت على الطلاق، وقد علمت أن أبي ألقى عليها اليمين، ولكني لست متأكدا لأنه يعلم مرضها، ولم أحضر الموقف، إلا أنها تصر على التواجد بالمنزل، وتريده هو أن يرحل، وأحيانا لا تقبل بأن ننزل كلنا من البيت، بل تشترط أن يوجد أي أحد منا معها في البيت، خصوصا في وجود أبي، فماذا نفعل؟ وقد بدأت الجامعة وسنضطر جميعا إلى النزول، وأنا أبحث عن عمل، وهي الآن تقدم أيضا على تجديد جواز السفر، فماذا نفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا على ثقتك في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر والدتك التي أسأل الله لها العافية.

لا شك -من خلال وصفك الدقيق هذا- أستطيع أن أقول لك: هذه الوالدة -شفاها الله وعافاها- بالفعل تعاني من اضطراب ذهاني شكوكي ظناني، والأفكار التي لديها تسمى بالأفكار الاضطهادية، وكلمة (بارونية) متداولة أيضا، وهي كلمة إنجليزية أصلا.

هذه الحالات تستجيب للعلاج بصورة رائعة جدا، وتوجد -الحمد لله تعالى- أدوية فاعلة، والوالدة لا تحتاج لجلسات كهربائية، نعم الجلسات الكهربائية قد تعجل بشفائها، لكن الأدوية يمكن تكون كافية جدا، الإشكالية أن هؤلاء المرضى لا يعترفون بمرضهم، ويرفضون تماما تناول الدواء، لكن من تجاربنا العملية أنه إذا بنيت معهم علاقة طيبة -من خلال أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء- يمكن إقناعهم بأهمية العلاج، ولا نقول لهم (إنكم تتوهمون) أو شيء من هذا القبيل، ولا نورد أبدا كلمة (أنت مريض ويجب أن تذهب إلى الطبيب)، كل الذي يقال لهذه الوالدة: (الإنسان يجب أن يقوم بفحوصات دورية، ونحن نرى أنه لديك بعض الإجهاد، وهذا يجب أن يتم فحصه، فيا والدة: نريدك أن تذهبي لمقابلة الطبيب)، يتحدث معها شخص واحد، الشخص الذي تقدره أكثر سوف تستجيب له أفضل، وهذا الشخص يتحين اللحظات التي يكون فيها مزاجها طيب.

إذا هذه هي الخطة الأولى، وحين يكتب لها الدواء يمكن أن تعطى الدواء.

هنالك طريقة أخرى وهي: أن يوضع لها الدواء في عصير أو حليب أو شاي أو شيء من هذا القبيل، هذه الطريقة ليست مرفوضة حتى من الناحية الأخلاقية الطبية، لكن يجب أن تكون في نطاق ضيق جدا، ويجب أن يعطيها الدواء الشخص الذي يكون مسؤولا عنها شرعيا، هو الشخص الذي يجب أن يضع الدواء بنفسه في الشاي أو في المحلول، ويعطيها إياه والدواء يتم الحصول عليه عن طريق الطبيب الذي تواصلتم معه، وهنالك دواء يعرف باسم (زيبركسا) واسمه العلمي (أولانزبين) يعتبر من الأدوية الممتازة، وفيه تركيبة ذوابة، قامت شركة (ليلي) بصناعتها خصوصا لمثل هذه الحالات.

هذا الدواء لا نفضل أن نعطيه بالنسبة للذين لديهم ارتفاع في مستوى السكر، وتوجد أدوية كثيرة أخرى، هذه هي الطرق المتاحة، وقطعا هناك طريقة إعطاء الإبر أيضا كل أسبوع مثلا أو كل أسبوعين، توجد عدة أنواع من الإبر، فأرجو ألا تيأسوا أبدا، ولا تقفوا مكتوفي الأيدي حيال علاج الوالدة، سوف تعالج، ويمكن أن تعالج، وسوف تستجيب للعلاج بصورة رائعة جدا، وهذا -إن شاء الله تعالى- يجعلكم تحسون بارتياح كبير، يجب ألا نؤخر العلاج، يجب أن نعالجها.

قطعا في بعض الحالات النادرة تتخذ إجراءات قانونية، فقانون الصحة النفسية في معظم الدول يتيح نقل هؤلاء المرضى إلى المستشفيات النفسية ضد رغبتهم إذا رفضوا أو فشلت كل المحاولات الأخرى، لكن لا أعتقد أنكم في حاجة لذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات