أعاني من مشكلة النسيان وعدم التركيز، فما العلاج؟

0 82

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي لكم بخصوص النسيان الزائد وعدم التركيز، منذ حوالي 3 سنوات وأنا أعاني من هذه المشكلة، وكل مدى تزيد حدتها معي، حتى أنها تسببت لي في كثير من المشاكل، في عملي كنت أضع الأوراق وأنسى أين وضعتها، كنت أتحدث مع عميل وأحدد معه موعدا وأنسى هل تحدثت معه أم لا! وإن تحدثت فماذا قلت له بالتحديد؟ لدرجة أني وضعت تطبيقا لتسجيل المكالمات حتى أعاود سماع المكالمات لأتذكر ماذا حددت وقلت للعملاء! مع العلم أن الشغل لم يكن مرهقا أو كثيرا على الإطلاق، بل بالعكس كان عدد العملاء قليل جدا.

قبل العمل كنت أنسى أيضا أمورا عادية مثلا: أين وضعت محفظتي، نظارتي أين وضعتها وأبحث عنها كثيرا، وفي النهاية أكون مرتديتها بالفعل! إذا قال لي أحد عنوانا أو رقم منزل أو وصف لي طريقا مثلا كـ ( يمينا ثم يسارا ) وعلى نحو ذلك، فإني أنسى تماما ما قاله بمجرد انتهاء كلامه، وأعاود السؤال لشخص آخر بعده، إذا كان يوجد معي عنوان أو رقم مكتوب في ورقة أو الهاتف أنظر له وأعاود قرأته ربما لمئة مرة !!

وسنة الدراسة الأخيرة كانت صعبة جدا بسبب هذا، لم أكن أتمكن من حفظ أي شيء! لدرجة أني كنت أبكي أحيانا بسبب ذلك، مع العلم أني في السابق كنت أحفظ أي شيء بطريقة مذهلة، ولم أكن أنسى شيئا مطلقا لا في دراستي ولا في حياتي اليومية، مثلا منذ بضعة أيام خبأت شيئا ما، مهم جدا بالنسبة لي، وظللت أبحث عنه أكثر من 3 أيام، وأنا أحاول التذكر أين وضعته ولكن لم أستطع التذكر مطلقا، وكـأني أحاول أن أتذكر شيئا لم أفعله من الأساس!

كان هذا الجزء غير موجود تماما في ذاكرتي كأنه لم يحدث، وفي النهاية أمي عثرت عليه، وقالت لي وجدته في المكان هذا، وأنا في ذهول لأني لم أتذكر أبدا أني وضعته هناك! ومثلا عندما أكون بالخارج وتتصل بي أمي وتطلب مني شراء شيء ما، فكثيرا ما أذهب إلى البيت وأنا لم أتذكر أصلا أن والدتي اتصلت وطلبت شيئا، أو أتذكر ذلك وأنا في منتصف الطريق أو أمام المنزل! هذا الوضع أصبح يتكرر معي في كل شيء! وأصبحت أخاف كثيرا من أن يتطور أكثر.

أرغب في البحث عن وظيفة، ولكني أخشي من أي وظيفة بها أوراق ومسؤوليات بسبب ما أعانيه، فما الحل؟ وما سبب ما أشعر به؟ وهل ما أمر به شيء طبيعي وأنا من أبالغ بالأمر؟ وإن لم يكن كذلك، فهل بالفعل من الممكن أن يتطور الأمر ويسوء؟ وهل أحتاج للذهاب إلى الطبيب؟ وإن كنت في حاجة لذلك، فلأي تخصص أذهب؟

أعتذر للإطالة، وأتمنى الإجابة على كل الأسئلة، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لم تذكري عمرك، لكن أتصور أنك في سن صغيرة، وعدم التركيز وتشتت الأفكار وتطايرها بالصورة التي ذكرتيها غالبا يكون سببها نوعا من القلق النفسي الداخلي المقنع – أي غير الظاهر –أو عسر مزاجي، وهو درجة بسيطة من الاكتئاب، أو هو مجرد عادة مكتسبة كنوع من الوسوسة، بعض الناس يتذكرون ومقدراتهم عالية جدا، لكن دائما يأتيهم الشعور بالخذلان، وأن ذلك نتائجهم ليست جيدة.

الطريقة التي كتبت بها رسالتك هذه وطريقة تنسيقها وترتيب الأفكار تدل على أن ذاكرتك سليمة -الحمد لله تعالى-، والذي لديه فقدان عضوي للذاكرة لا يمكن أن يدري أنه بالفعل لديه مشكلة حقيقية، فالخوف دائما من الأسباب العضوية لتشتت التركيز، لكن لا أرى هذا ينطبق على حالتك، لكن للمزيد من الاطمئنان يفضل أن تقومي ببعض الفحوصات الطبية الروتينية المعروفة، مثلا:
- فقر الدم قد يسبب عدم التركيز، فلا بد أن نتأكد من مستوى الهيموجلوبين.
- ضعف إفراز هرمون الغدة الدرقية يؤدي أيضا إلى ضعف التركيز وتشتت الأفكار.
- نقص فيتامين (د)، ونقص فيتامين (ب12).

فأرجو أن تقومي بعمل هذه الفحوصات الروتينية، و-إن شاء الله تعالى- بعد ذلك تطمئني اطمئنانا كاملا.

الطبيب الذي تحتاجين الذهاب إليه هو الطبيب النفسي، ليجري لك اختبارات تركيز وذاكرة على أسس علمية، أنا على ثقة كاملة أنه ليس لديك سببا عضويا، وحتى السبب النفسي قد يكون بسيطا جدا، ولتطمئني فاذهبي إلى طبيب نفسي، ويمكن الطبيب النفسي ذاته أن يجري لك الفحوصات الطبية التي ذكرتها لك.

وبصفة عامة: الطبيب لا بد أن يستقصى إذا كان لديك قلق نفسي داخلي، وأنت في استشارات سابقة لمحت أنه بالفعل لديك قلق وتوتر وشيء من الخوف الاجتماعي، وهذا في حد ذاته قد يشتت التركيز.

فإذا الطبيب سوف يستقصى عن وجود أي حالة إكلينيكية نفسية قد تكون ساهمت في تشتيت التركيز، ومن ثم قد يصف لك أحد محسنات المزاج ومزيلات القلق.

ومن ناحيتي أقول لك: هنالك أمور إذا قام بها الإنسان تحسن التركيز، أهمها: النوم المبكر ليلا، لأن خلايا الدماغ يتم ترميمها بصورة إيجابية جدا، حين ينام الإنسان نوما ليليا مبكرا ويستيقظ مبكرا، والفترة بعد صلاة الفجر هي أعظم الأوقات التي يتحسن فيها إدراك الإنسان وقدرته على التركيز وحتى قدرته على الحفظ، والبكور فيه بركة عظيمة، فحاولي إذا أن تستفيدي من هذا الوضع الزمني الإيجابي.

ممارسة الرياضة – أي رياضة/ رياضة المشي، الجري – أيضا تحسن التركيز، ممارسة تمارين الاسترخاء التأملية، خاصة تمارين التنفس المتدرجة وقبض العضلات وشدها، هذه أيضا تساعد، الاهتمام بالغذاء، هذه أيضا تساعد، قراءة القرآن الكريم وتدارسه بتدبر وبتمعن، ويا حبذا لو كان ذلك على يد معلمة للقرآن، هذا يحسن من التركيز، التفاؤل، أن يكون الإنسان حسن التوقعات، القراءة المنضبطة، هذا كله يحسن من التركيز.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات