لم أعد أشعر بمعنى وقيمة الحياة، وأفكر في الموت!

0 52

السؤال

أعاني من القلق والحزن والعزلة، ومن كسل شديد، وعدم الرغبة في فعل أي شيء، وخوف، وقلق دائم، حتى من أتفه الأمور! لم أعد أهتم بنفسي، ولا بالمنزل، ولا بصحتي ولا بشيء، وأفكر أفكارا سلبية، والحياة لم تعد تجذبني، وأريد أن أموت، استشرت طبيبة نفسية، ولكنها لم تساعدني كثيرا!

تقول أمي إن طبعي كسول منذ صغري، والآن عمري ٢٧ سنة، بدأت أشعر بالخمول والملل التام منذ سنة تقريبا، وتركت عملي، وصرت أفكر في المال والعمل، وكيف سأعيش، وكيف سندفع المصاريف، وكيف سنحضر الطعام، ودائما أشعر بالتعب والملل من كل شيء، ولا أريد مواجهة الحياة، بل أشعر أن الحياة لا قيمة لها!

ترددت إلى عيادات نفسية، ولكن لم يتصحح وضعي، وأنا منزعجة جدا وأريد حلا، هل الدعاء يغير الأحوال؟ هل سيختفي هذا الشعور من داخلي؟ هل سأتحسن وأصبح مسؤولة عن نفسي؟

أريد حلا جذريا لحالتي، أرجوكم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mona حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.

الطبع الكسول يمكن أن يتغير، واستشعار الإنسان لأهمية الواجبات التي يجب أن يقوم بها في حياته ويجب أن يكون فعالا، وأن يدرك الإنسان أنه يمكن أن يتغير، هذه هي الأسس الفكرية الرئيسية التي تحسن الدافعية عند الإنسان، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} يعني: أن الله تعالى استودع فينا الطاقات وأعطانا المحفزات والإمكانات ومفاتيح الأمر، وبقي علينا نحن أن نحفز أنفسنا ونصر على أن نكون مفيدين لأنفسنا ولغيرنا.

والإنسان حين يفكر أنه يجب أن يكون يدا عليا، وأن يكون عالي الهمة، وأنه يجب أن يكون مع الكبار، وألا يكون في القاع، لأن القاع مزدحم جدا، هنا يتحسن إدراكه للمعاني السامية، لعلو النفس وشأنها وتطويرها.

لا بد أن يكون هنالك تغيير فكري في حالتك، ولا تنزعجي كثيرا لقول الوالدة أنك كنت كسولة في الطفولة، هذا لا يعني أن يستمر هذا التطبع، ولا يعني أن تتخذيه تبريرا أو دفاعا نفسيا يشجع النكران لديك. أنت الآن عمرك سبعة وعشرين سنة، حباك الله تعالى بطاقات عظيمة، طاقات الشباب، والتي يجب أن يستفاد منها.

لا بد أن يكون لك أهداف، الإنسان حقا لا ينجز إذا لم يحدد أهدافا، والأهداف تقسم إلى: هدف آني ينفذ خلال أربع وعشرين ساعة، وهدف متوسط المدى ينفذ خلال ستة أشهر، وهدف بعيد المدى وهو الذي ينفذه الإنسان في حياته.

ونحن أيضا نضيف هدفا رابعا، وهو: ماذا أعددت لآخرتك؟ قال تعالى: {بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى}، هذا أيضا هدف، يجب أن يسعى الإنسان لهذا الهدف، {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا}.

الهدف الآني – كما قلت لك – يكون خلال أربع وعشرين ساعة، مثلا إذا قررت أن تقومي بطبخ وجبة طيبة للأسرة، هذا هدف يمكن أن تحققيه، ما الذي منعك من فعله؟ لا تساومي نفسك، اتخذي قرارا وقومي بالتنفيذ، وبعد أن تنفذي سوف تحسين بالمردود الإيجابي النفسي الداخلي، هذا يؤدي إلى تحفيز للمزيد من الإنجاز.

هدف مثلا ينجز خلال ستة أشهر، أن تحفظي مثلا أربعة أجزاء من القرآن الكريم، ما الذي يمنعك من ذلك؟ أمر عظيم وخيركم من تعلم القرآن وعلمه، ومن أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معا فعليه بالقرآن. إذا هذا هدف.

والإنسان إذا كان يسعى لتحقيق هدف ما هذا لا يعطل أهدافك الحياة الأخرى، إنما يشجعها، وهكذا على المدى البعيد: تكوين الأسرة، أن تكوني شخصا متميزا، هذه نقاط يجب أن ترسخيها في تفكيرك.

وبعد ذلك يأتي إدارة الوقت، من يدير وقته يدير حياته، حددي: الصلاة لها وقتها، النوم له وقته، الرياضة لها وقتها، القراءة لها وقتها، التواصل الاجتماعي له وقته، الأعمال المنزلية لها وقتها، وبالنسبة للموظف من يعمل: العمل له وقته... وهكذا اجعلي هنالك خارطة ذهنية تسيرين عليها. الرياضة مهمة جدا، والرياضة تجدد الطاقات النفسية والجسدية.

طبعا الدعاء عظيم، الدعاء هو العبادة وهو مخ العبادة، الدعاء إذا دعا الإنسان متيقنا (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل) هذا دعاء عظيم، لكن اليقين يجب أن يكون مصاحبا للدعاء.

هذه – أيتها الفاضلة الكريمة – هي الأسس التي أذكرها لك، بعض الناس يعتقدون أن عقار (بروزاك) أيضا قد يزيد من الدافعية والطاقات، لكن لا أرى داعيا لذلك، أرجو أن تتبعي هذا الإرشاد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات