لا أطيق أحدا ولكنني أظهر البشاشة للجميع.

0 29

السؤال

السلام عليكم.
عشت طفولة ذات نفسية صعبة جدا، وبعد مرحلة البلوغ ازدادت الصعوبة أكثر حتى وصلت إلى مرحلة لا أطيق أحدا في الحياة لا من قريب ولا من بعيد، وعند مقابلة أي شخص أظهر أمامه بمظهر الشخص العادي البشوش، ولكن في حقيقة الأمر بداخلي لا أحب أحدا.

كبرت وتزوجت ويعلم الله أني رزقت بامرأة صالحة -ولله الحمد-، ولكن كما قلت لكم إني أظهر بمظهر غير الذي في داخلي.

هاجرت إلى بلد آخر ربما تتحسن النفسية، ولكن زادت أكثر وأكثر، عدت وفي أحد الأيام وبعد تردد كثير أحسست إني إنسان جيد، ولكن ربما يوجد في مس شيطاني والعياذ بالله؛ لأن أكثر الأعراض موجودة، فذهبت إلى أحد الرقاة وبمجرد السؤال قال لي: اجلس كي أقرأ عليك، وبالفعل تبين إني مسحور، وكما أخبر الجني بأنه يسكن جسدي منذ أكثر من عشرين عاما حين كنت صغيرا في السن.

حاول الراقي جاهدا ولكن دون جدوى، نصحني بالأذكار وقراءة القرآن، اتبعت نصيحته، وللعلم من قبل أن أذهب إلى هذا الراقي كنت -ولله الحمد- ملتزما ببعض الشيء بالأذكار وقراءة القرآن، ولكن ما زلت بنفس النفسية الانزعاج من جميع الذي حولي حتى الأهل.

وما زلت أظهر للجميع الصفات الحميدة، وتعاملي حسن بعض الشيء، ولكن من الداخل غير ذلك، حتى العمل لا أعمل، وإن عملت لا أستطيع أن أستمر بالعمل أبدا، بالرغم أن أي صاحب عمل أعمل لديه لا يرى أنني مقصر بشيء ويرون أنهم لم يزعجوني بشيء، ولكن بدون أسباب أطلب الإعفاء والعودة إلى المنزل.

أفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ ر.ي. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على الثقة في إسلام ويب.

أنا اطلعت على رسالتك، وقطعا حالتك تحتاج للمزيد من الاستقصاء والاستكشاف والمناظرة النفسية.

مما هو متاح ربما تكون مشكلتك تتمركز حول شخصيتك، هو أنك لا تقدر ذاتك التقدير الصحيح، مما يجعلك تحس بهذا التناقض الشديد ما بين ما تظهره وبين ما تبطنه من مشاعر.

فإذا أبعاد شخصيتك قد تكون غير متوازية، وهذا أيضا أدخلك في شيء من عسر المزاج الذي يؤدي إلى الشعور بالإحباط مما يفقدك الدافعية.

أخي الكريم: أطمئنك تماما أن الإنسان حتى إذا تصنع البشاشة والفرحة فسوف تأتيه البشاشة والفرحة في يوم من الأيام. لكن يجب أن تتوقف مع نفسك، وتشرح هذه المشاعر السلبية الداخلية، لماذا أنت هكذا؟ ما دام لديك القدرة أن تظهر المظهر الجيد فلماذا لا يكون باطنك مطابقا لما تظهر به؟ الأمر يحتاج منك لشيء من المجاهدة والسعي على أن نسميه بالإقناع الذاتي، أي: أن تقنع نفسك بنفسك، وأن تحكم على نفسك بالأفعال وليس بالمشاعر أو الأفكار، لأن المشاعر كثيرا ما تكون سلبية وكذلك الأفكار، وعليه يجب أن يكون الإنسان فعالا. حين تكون فعالا ومجيدا ومنتجا هنا تتغير المشاعر وتتغير الأفكار.

أخي الكريم: الحياة تقوم على هذه الأسس، أن يكون الإنسان فاعلا، أن يكون الإنسان مفيدا لنفسه ولغيره، فاجعل هذا هدفك - أخي الكريم - واسعى وجاهد نفسك، وأنت لديك إيجابيات عظيمة في حياتك، لديك هذه الزوجة الصالحة، ومن طريقة صياغتك لرسالتك وتعبيرك أستطيع أن أقول أنك تتمتع بمقدرات معرفية عالية.

أخي الكريم: احرص على التواصل الاجتماعي الإيجابي، اسعى لبر والديك، فهذا يأتيك بخير كثير. العمل يجب أن تتفهم قيمته، وقيمة الرجل هي في العمل، ولابد أن تسعى لتطور نفسك. كن في رفقة الصالحين، لأن الإنسان يحتاج لمن يأخذ بيده في كثير من الأمور.

أنا أعتقد أنك إذا تناولت أحد محسنات المزاج ربما يساعدك في أن تكون أكثر قبولا لذاتك ولغيرك، ولابد - يا أخي الكريم - أن تدرب نفسك على ما يعرف بالذكاء الوجداني - أو الذكاء العاطفي - اقرأ عن هذا العلم لأنه مهم جدا، حيث من خلاله يتعلم الإنسان كيف ذاته ويتعامل معها إيجابيا، وكيف تفهم الآخرين وتتعامل معهم إيجابيا أيضا.

أرجع مرة أخرى إلى الدواء: كما ذكرت لك محسنات المزاج قد تفيدك - أخي - وأنا أقترح عليك تناول الدواء الذي يسمى (بروزاك) ويسمى علميا (فلوكستين)، دواء سليم، وفاعل، ولا يسبب الإدمان، الجرعة المطلوبة في حالتك هي: كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، قوة الكبسولة عشرون مليجراما، وبعد انقضاء الستة أشهر اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وإن كان بالإمكان أن تقابل طبيبا نفسيا للمزيد من الاستشارة والمشورة فلا بأس في ذلك أبدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات