أعاني من كرب نفسي يكرهني في الحياة

0 44

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ سنتين تقريبا زرت طبيبا نفسيا بعدما شعرت بتدهور شديد في حالتي النفسية والعصبية، وعرضت عليه حالتي فوصف لي دواء اسمه (s-citap 20mg)، وقال لي بالحرف: أن حالتي اللهم لا تبتلي بها مسلما! صراحة أقلقني جدا ما قاله، ولكن شعرت بتحسن ملحوظ بعد أخذ الدواء.

عادت لي الرغبة في الحياة بعدما كنت أرى في الموت خلاصا لي من معاناتي، رغم أني أخاف أن أقدم على إيذاء نفسي رغبة في الخلاص، فرغم كل شيء لا زلت مصرا على الحياة، أخاف فقط أن يضعف إصراري وأنهار أمام المرض.

بعد ستة أشهر من أخذ الدواء وصف لي الطبيب المعالج دواء آخر اسمه (loscita 10mg)، شعرت مباشرة بعدم ارتياح، وعاد لي بعض الكرب النفسي بدرجة أقل، فقررت التوقف عن أخذ الدواء، والتعايش مع معاناتي النفسية، خصوصا أن حالتي المادية لا تسمح لي بالاستمرار بزيارة الطبيب وشراء الدواء على الدوام.

الآن وبعد سنتين أشعر أن حياتي متوقفة وبدون معنى، لا جديد، مع ألم خفيف مزعج في رأسي، ورفرفة في العين اليسرى، وعصبية مفرطة وكرب نفسي، وشك في الناس من حولي جعلني أصبح منعزلا، كرهت نفسي وحياتي، ولا يعلم بحالي سوى الله، فحتى التكلم عما أشعر به أجد أن الكلمات تعلق في حلقي، واليوم استيقظت من كابوس في حالة هلع شديد، وفكرة في إيذاء نفسي والموت، فازداد هلعي.

أرجوكم أرشدوني، فأنا في حيرة من أمري وتائه. وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: الذي يظهر لي أن ما أصابك هو نوع من الاكتئاب النفسي حين ذهبت إلى الطبيب بعدما شعرت بتدهور شديد في حالتك النفسية والعصبية، وقام الطبيب بوصف عقار (استالوبرام)، وهو من محسنات المزاج الممتازة جدا، وبعد أن توقفت عن الأدوية ها أنت الآن تشتكي نفس أعراض الكدر والكرب وافتقاد الفعالية والدافعية الاجتماعية والنفسية، ولديك أيضا زيادة في العصبية، ورفرفة العين، وآلام وخفة الرأس، هذه كلها أعراض نفسوجسدية مؤشرات على الاكتئاب، أسأل الله تعالى أن يزيله عنك.

والاكتئاب يمكن أن يعالج - أخي الكريم -، وفكرة إيذاء نفسك هذه فكرة شيطانية، يجب أن تستعيذ بالله تعالى من هذا، وتكثر من الاستغفار والصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، واعلم أن الحياة طيبة، والحياة هي هبة الله تعالى لنا، والإنسان حتى وإن مر بشيء من الكدر أو الحزن أو الاكتئاب هذا -إن شاء الله- يزول ويفرج، وعليك بالدعاء: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، (اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي).

اجعل هذه الأدعية وغيرها شعارا لك - أخي الكريم - تيقنها، رددها، كن راضيا بقناعاتك، ورتل القرآن وليكن لك ورد قرآني يومي، والتزم أذكار الصباح والمساء، وكن متوضئا على الدوام.

ويا أخي الكريم: استبدل الفكر السلبي هذا بفكر إيجابي، انظر إلى حياتك، سوف تجد فيها أشياء طيبة تذهب عنك الاكتئاب، وحاول أن تدفع نفسك - أخي الكريم - بأن تتواصل مع الإخوان، مع الأصدقاء، تكون حريصا على صلاة الجماعة، تزور رحمك، مارس الرياضة، رياضة المشي ممتازة جدا، كن عضوا فعالا في أسرتك، وبر الوالدين من مفرجات الكروب، نفس كربة مؤمن ينفس الله عنك كرب الدنيا والآخرة.

هذه علاجات مهمة جدا ونعتبرها علاجات أساسية في مثل حالتك هذه، الاكتئاب يمكن أن يهزم، ولا بد أن يهزم، وإذا كان هنالك أسباب - أخي الكريم - دفعتك نحو هذا العسر المزاجي الشديد، فأرجو أن تحاول أن تحل هذه الصعوبات بالاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه {إياك نعبد وإياك نستعين}، وأن تجد حلولا بقدر ما تستطيع، واعلم - أخي الكريم - أن الإنسان يضعف ويقوى، وهكذا الحياة، (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا).

لا تكن في جانب التشاؤم - أخي الكريم - كن دائما في جانب التفاؤل، هذا مهم جدا، وطور نفسك على النطاق الوظيفي، وعلى نطاق الأعمال، هذا أيضا يعطيك أملا ويعطيك رجاء ويعطيك توجها إيجابيا واضحا جدا.

أخي الكريم: أنت في استشارة سابقة تحدثت عن معاناتك مع الوسواس القهري، وقد قام الأخ الدكتور/ عبد العزيز أحمد عمر - جزاه الله خيرا - بالإجابة على تساؤلاتك، وأنا أرى أنه من الأفضل لك أن ترجع وتتناول أحد الأدوية المحسنة للمزاج.

تكلمنا عن العلاج الإسلامي، والعلاج النفسي، والعلاج الاجتماعي بإجمال، وها نحن نشجعك أيضا لتناول أحد محسنات المزاج، هنالك دواء بسيط جدا يسمى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (زولفت) أو (لسترال)، وربما تجده تحت مسمى تجاري آخر، هو قريب من عقار (استالوبرام) الذي تناولته سلفا، لكن يتميز السيرترالين بأنه أكثر دقة في فعاليته، كما أنه غير إدماني وغير تعودي، و-إن شاء الله- تنتفع به كثيرا، وهو يفيد جدا الأشخاص الذين لديهم خلفية وسواسية أو أن شخصياتهم تحمل تلك السمات.

تبدأ في تناول الدواء بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - تتناولها يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة - أي خمسين مليجراما - استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين - أي مائة مليجرام - يوميا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى حبة واحدة - أي خمسين مليجراما - يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات