هل الوسواس الجنسي سببه مسٌّ أم مرض نفسي؟

0 58

السؤال

السلام عليكم.

أنا بنت، عمري 17 سنة، أعاني من وسواس قهرية شديدة بالجنس، وأنا معاناتي مع المرض بدأت منذ كان عمري 16 سنة، لم أكن أصلي نهائيا، وكنت دائما أفكر في المسيحية، وكان عندي شكوك في الدين، وشكوك تجاه الله سبحانه وتعالى، وكنت أفكر ألا يكون ثمت إله، وأنا والحمد لله من أسرة متدينة، ألبس لباسا ساترا، وأخلاقي كانت جيدة جدا، وكنت دائما معروفة بذلك.

كانت مشكلتي مع الدين دائما، وكنت دائما أرى الناس المتدينة أنها بدائية، وأهلي والحمد لله منذ كنت صغيرة كانوا يحفظونني القرآن، لكن لم أكن مقتنعة، وبعد محاولات كثيرة جدا، وعناد مع أهلي تركت حفظ القرآن؛ لأني كنت أتعب نفسيا جدا، وفي أول ثانوي ربنا هداني والحمد لله، وقررت أن ألتزم، وبدأت أصلي، لكن المشكلة أني أول ما بدأت الالتزام جاءتني وساوس قهرية جنسية صعبة جدا، جاءت بقوة أجبرتني على العزلة.

أنا كنت سابقا منعزلة تقريبا لمدة 3 سنين أو أكثر، وكنت أستمتع بذلك أكثر وأنا وحدي، لكن أول ما بدأت أقترب من ربنا، وأقرأ عن الصحابة، وفهمت أن العزلة غلط، وكنت متشوقة لأنطلق في المجتمع، وأكون إنسانة مؤثرة مثل ما كنت دائما؛ لكن لما بدأت أنطلق وأذهب للجمعات، وأصلي في المسجد، وأحفظ القرآن؛ جاءتني الوسواس القهرية الجنسية بقوة شديدة، وأجبرتني على العزلة بسبب خجلي من أفكاري، وبقيت أحس أن أخلاقي ذهبت بسبب الوسواس، ودائما أرى الناس الزانية أقل جرما مني، وصرت منعزلة مرة أخرى؛ لكني هذه المرة مجبرة على ذلك، وقد أثر هذا على دراستي.

كنت أعالج هذا الموضوع كما يقول الأطباء النفسيون على النت، لكني لم أذهب لطبيب نفسي، وأول ما حكيت لأمي عن هذا الموضوع؛ قالت لي: يمكن أن يكون عينا، وجاءنا راق، وبعد الرقية قال: إن عندك اعتداء قرين، وهو الذي يسبب لك الوسواس، ولما رجع مرة ثانية قال: إن عندك مس؛ وأنا كنت أحس بذلك؛ لأنه كانت تحصل في جسمي حركات ونبضات غير طبيعية، وسؤالي: هل الوسواس بسبب المس أم سببه نفسي؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهول حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك حقيقة على تواصلك معنا، لأن هذا النوع من الوساوس بالفعل مؤلم جدا، خاصة أنك في سن اليفاعة، والفكر الوسواسي سيء المحتوى، إذا كان فكرا وسواسيا في الدين، أو فكرا وسواسيا في الجنس، قطعا يؤدي إلى الشعور بالكدر وبالضيق –كما تفضلت-.

أنا أبشرك أن هذه الحالات يتم علاجها بصورة ممتازة، والعلاج الدوائي يعتبر علاجا أساسيا، لأنه توجد أدلة علمية قوية جدا أنه يحدث اضطرابا في كيمياء الدماغ، هنالك مادة تسمى (سيروتونين) يحدث فيها اضطراب، حتى وإن بدأ الوسواس وسواس خناس بعد أن يختفي الوسواس الخناس تبدأ العلة الطبية، ولذا يجب أن يكون العلاج علاج طبيا دوائيا.

اذهبي –أيتها البنت الفاضلة– إلى الطبيب الآن، تحدثي مع والديك، وأي طبيب نفسي جيد يستطيع حقيقة أن يعالج هذه الحالة، فلا تترددي أبدا، وهنالك أدوية ممتازة تناسب سنك.

عقار (فافرين) سيكون مناسبا، عقار (بروزاك) سيكون مناسبا، عقار (زولفت) سيكون مناسبا. المهم هو أن تلتزم التزاما قاطعا بالعلاج الدوائي الذي سوف يصفه لك الطبيب، وبعد أسبوعين إلى ثلاثة من بداية العلاج سوف تحسين بتحسن، هذا التحسن يتمثل في أن القلق والتوتر سوف يقل، كما أن الوساوس تصبح أقل استحواذا، أي أنها تصبح أقل سيطرة، وهنا تحاولي أنت أن تحقريها، وأن تتجاهليها، وأن تقاوميها، بهذه الكيفية تستطيعين أن تعالجي نفسك علاجا سليما وصحيحا.

فاذهبي إلى الطبيب الآن مباشرة، هذه هي نصيحتي لك، وبعد ذلك إن شاء الله تعالى تعيشين حياتك طبيعية جدا، تصلين إن شاء الله تعالى بخشوع وباطمئنان، وتبدئي في حفظ القرآن، وتجتهدي في دراستك، وترفهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، وتمارسي الرياضة، وتكونين مع الصالحات من الفتيات من أصدقائك، وتكونين بارة بوالديك، وتكونين مشاركة في كل الفعاليات الأسرية، وتكون لك آمال وتطلعات حول المستقبل...

أرجو أن تتبعي ما ذكرته لك، وإن شاء الله تعالى سوف يذهب عنك هذا المرض تماما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.
____________________________________________________
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم المستشار النفسي.

وتليها إجابة الدكتور عقيل المستشار التربوي والأسري.
____________________________________________________

فمرحبا بك أختنا الكريمة، وردا على استشارتك أقول:

كل الشكوك التي تطرأ على الإنسان في أمر دينه وعقيدته تكون من الشيطان الرجيم، الذي أقسم أنه سيضل الناس، وسيعمل جاهدا لحرفهم عن الصراط المستقيم، ولقد قال:(ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ۖولا تجد أكثرهم شاكرين) وقال: (ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ۚومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا).

ابتعاد الإنسان عن الصلاة نتيجة من نتائج تلك الوساوس، وقد يجد العبد التائه راحة مزيفة في ذلك الوقت؛ لكن سرعان ما تنقلب تلك الراحة إلى عيشة ضنكة، وهي نتيجة حتمية لمن أعرض عن ذكر الله وطاعته، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمىٰ).

يغضب الشيطان أشد الغضب إن عصى العبد وساوسه، ويحاول بطرق أخرى جر العبد إلى الضلال، فقد يتلبس به خاصة إن كان غير متحصن بالذكر، وقد يأتيه بوساوس أخرى تنكد عليه حياته، وأفضل علاج للوساوس تجاهلها، وعدم الإصغاء إليها، أو التحاور معها؛ لأن علامة ضعف الإنسان أمامها يبدأ من التحاور معها وتقبلها، وهذا ما يريده الشيطان ويحقق أمنيته، والعزلة عن الناس من أسباب تمكن الوساوس من الإنسان، فعليك أن تتركي العزلة وتخرجي للاختلاط بالناس، وتمارسي حياتك بشكل اعتيادي.

كثرة الذكر من أسباب طرد الشيطان ووساوسه؛ فأكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، واجعلي لسانك رطبا من ذكر الله، يقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).

أنصحك أن تطلبي من ولي أمرك أن يبحث عن راق أمين وثقة، من أجل أن يشخص حالتك؛ فإن تبين حقا أنك تعانين من مس فالعلاج الناجع في الرقية المتواصلة، حتى يتم إبطاله بإذن الله تعالى؛ لأن المس يتسبب في الوساوس، بل ويشعر المتلبس به بأن ثمت ممارسات جنسية أو حركة في المناطق الحساسة، وقد يشعر بالعملية، ويشعر بلذتها، وهذا أمر قد اشتكى منه بعض من تلبس بهم الشيطان.

احذري أن تتركي الصلاة وتلاوة القرآن الكريم والبقاء على وضوء ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وينبغي أن تكون تلاوة القرآن في البيت في أغلب الأحيان عبر المذياع، أو قنوات القرآن الكريم في التلفزيون، أو الكمبيوتر، أو الهاتف؛ فإن الشيطان يتأذى من تلاوة القرآن الكريم.

آمل أن تستفيدي من هذه الموجهات، والعلاج عند الطبيب سيكون نافعا إن كنت غير مصابة بالمس، في حال عدم قدرتك على تطبيق الموجهات التي وجهتك بها فما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء.

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم كما ورد في الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك الشفاء العاجل.

مواد ذات صلة

الاستشارات