لم أعد أحس بالذنب، أرجو مساعدتي بتقديم بعض الحلول.

0 10

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب في التاسعة عشر من العمر من بلاد المغرب -الحمد لله- استطعت الإقلاع عن المواقع الخليعة والصور القذرة بعد جهاد طويل مع النفس، لكن ما كان يدفعني هو إحساسي بالذنب وتأنيب الضمير.

لم أعد لتلك المواقع مرة أخرى، لكنني -للأسف- بدأت بتفحص بعض الأشياء التي تقترب من الإباحية المطلقة، ولم أعد أحس كما كنت سابقا بالذنب الكبير والخطأ العظيم الذي ارتكبته، وأصبحت أستخف وأستصغر المعاصي، ما جعلني بدون دافع للإقلاع عن هذه الأشياء، ولا أعلم هل سبب ذلك إحساسي بنوع من الانتصار المزيف بعد الإقلاع عن المواقع، أم ماذا؟

أتمنى أن يكون لكم قول في سبب هذه الحالة، كما أتمنى لو كان بالإمكان تقديم بعض الحلول؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهدي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبا بك، وردا على استشارتك أقول:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة ولم تعد تنظر إلى الأفلام والصور الخليعة، ولكن ينبغي أن تكون توبتك نصوحا حتى تجد لذتها في قلبك، فالترك ينبغي أن يكون لله -سبحانه- وخوفا منه، وينبغي أن يصاحب ذلك الندم وترك ذلك الفعل، والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى، لكن إن أغراك الشيطان وغرتك نفسك الأمارة بالسوء فأحدث توبة جديدة.

عليك أن تتذكر عظمة من تعصي فور توارد وساوس الشيطان وخلجت النفس الأمارة بالسوء، ثم استعذ بالله من الشيطان الرجيم، قال تعالى: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون).

اعلم أن عودتك لتفحص الصور التي تقترب من الإباحية هي من استدراج الشيطان، الذي يسول لنفسك الأمارة بالسوء ويضلل عليها بأن ذلك ليس كالصور التي كنت تراها من قبل.

أوصيك أن تجتهد بتقوية إيمانك من خلال كثرة الأعمال الصالحة، فذلك سيوجد في نفسك مراقبة الله تعالى والخوف منه وسيوجد حاجزا يمنعك من الوقوع فيما حرم الله سبحانه.

أوصيك بكثرة تلاوة القرآن الكريم، مع المحافظة على أذكار اليوم والليلة فذلك سيكون سببا في طمأنينة قلبك وركونه للطاعات، قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

قوة الإيمان والعمل الصالح شرط في تحصيل الحياة الطيبة البعيدة عن المعاصي التي تظلم القلب وتضيق الصدر قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

أشغل أوقاتك في الأعمال النافعة واجعل جوارحك كلها تتعبد لله -سبحانه- فكل عضو له عباداته الخاصة فالعين عبادتها النظر في الكون وفي عظمة الله فيه، والتي تعود على القلب بالإيمان، ومن عبادات العين ألا تنظر إلى ما حرم الله، فالنظر المحرم يعد في الشرع نوعا من أنواع الزنا كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (كتب على ابن آدم حظه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر) الحديث.

احذر من الخلوة بالنفس فإنها من أسباب توارد الدواعي التي تجعلك تقع فيما حرم الله، وأحسن استخدام النت، واعلم أن الله يراك ويراقبك، وأنه قد أوكل بك ملكين يكتبان كل ما تفعل، يقول تعالى: (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين)، وقال: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)، وقال: (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون).

تذكر دائما أثر الذنوب والمعاصي على القلب، ومن ذلك أنها تكون سببا في جعله مظلما لا يحس بالذنب ولا يخاف من عواقبه، قال تعالى: (كلا ۖ بل ۜ ران علىٰ قلوبهم ما كانوا يكسبون)، والران هو الغطاء وشبهه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنكتة السوداء فكلما أذنب العبد تنكت فيه نكتة سوداء حتى يصير القلب أسود من كثرة الذنوب، وهنا يصبح القلب لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه.

إذا أيقنت أن الله تعالى يراك فعليك أن تكون شديد الحياء منه، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (استحيوا من الله حق الحياء، قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحيي والحمد لله، قال ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح، وأن يرزقنا مراقبته في السر والعلن إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات