أخي كثير الغضب، فكيف يتم علاجه؟

0 14

السؤال

السلام عليكم.

أخي متزوج، وعنده أولاد أكبرهم عمره ١٨ سنة تقريبا، وأخي كثير الغضب في حياته، فدائما يغضب على أهله وعياله، ربما بسبب ضغوط الحياة والحالة المادية.

عموما ما كان يمر يوما إلا ويسب ويلعن أهله وعياله خاصة، زادت حالته بعد وفاة الوالدة رحمها الله، وقبل عدة أيام رفع السكين في وجه زوجته وجرحها في يدها، المهم خافت المسكينة وذهبت مع أولادها لبيت أهلها، فتدخلت أنا في الموضوع بناء على طلبه، ورأيت حالته وتعبه والأعراض التي يعاني منها هي كتمة شديدة، وألم في القولون، ويقول: أنه دائما يتخيل الوالدة أمامه.

المهم حاولت أن أصلح بينهم، ولكن اشترطت عليه أن أهله ما يرجعوا حتى أصحبه إلى دكتور نفسي جيد أو أستشير له، ونظرا لقلة الحيلة وشهرة موقعكم وعلمكم في ذلك أحببت أن أستشيركم، وجزاكم الله خيرا، وهذا اختصار لحالته يا دكتور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر أخيك الذي أسأل الله تعالى له العافية.

قطعا حالة هذا الأخ تحتاج للمزيد من المعلومات والفحص المباشر ليتأكد من يقوم بفحصه من التشخيص.

عموما حدة الطبع بالكيفية التي تحدثت عنها وسرعة الانفعالات والاستثارة والغضب نجدها كثيرا مرتبطة بشخصيات معينة، فهنالك شخصيات غضوبة، انفعالية، سريعة الاستثارة، وفي بعض الحالات يكون القلق والاكتئاب الداخلي أيضا سببا في هذا الموضوع، لكن اضطراب الشخصية يكون هو السبب الأساسي، وكما تفضلت هذا الأخ لم يستطع التكيف والتواؤم مع ضغوطات الحياة، وأعتقد أيضا أن نظرته سلبية من حيث أفكاره ومشاعره، لذا تحدث له هذه الانفعالات.

هذا رجل متزوج، حباه الله تعالى بالذرية، وقطعا هناك أشياء أخرى جميلة في حياته، هو لم يعطيها قيمتها الحقيقية، لذا تسلط عليه الفكر السلبي.

أخي الكريم: جزاك الله خيرا على اهتمامك بأمر هذا الأخ كما ذكرت لك، وسيكون من الجميل والمكمل للوضع العلاجي والأسري السليم أن تذهب بهذا الأخ إلى طبيب نفسي، هذه الانفعالات الشديدة، ورفع يده بالسكين على زوجته ليس بالأمر السهل، نعم أنا ذكرت حدة الشخصية واضطرابها والقلق والاكتئاب - خاصة بعد وفاة الوالدة - لكن ربما يكون هذا الأخ لديه أمور أخرى، فالطب النفسي مليء بالتشخيصات (الحالات الشكوكية - الظنانية - الوسواسية - الانفعالات الخاطئة - الحالات الذهانية)، فيا أخي: هذه كلها لابد أن نتأكد أنها غير موجودة.

اذهب به إلى طبيب نفسي، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يعطيه العلاج السليم، توجد أدوية فعالة جدا تمتص الغضب، تمتص الانفعال السلبي، وإن كان هنالك اكتئابا سوف يعطى العلاج المناسب، وإن كان هنالك بدايات ذهان سوف يقوم الطبيب أيضا بالعلاج المناسب، الحمد لله تعالى الآن بين أيدينا مجموعة طيبة وفاعلة وممتازة جدا من الأدوية.

أنا أعتقد أن اشتراط هذه الزوجة وأهلها اشتراط صحيح وصالح بأنه لابد أن يذهب إلى الطبيب، ولابد أن يبدأ في العلاج النفسي، أعتقد أن هذا قرار واشتراط صحيح وسليم.

هذا الأخ أرجو أيضا أن تسانده، أن تتحدث معه بلطف، أن ترشده، أن تأخذه معك للمسجد، أن تجعله أيضا يلتزم بالواجبات الاجتماعية بأن تصحبه معك إلى هذه الواجبات، زيارة الأرحام، زيارة الأهل، تلبية الدعوات ... هذه كلها مهمة وضرورية جدا، فيها مساندة له.

واجعله - أخي الكريم - يعبر عن عواطفه بأن يتحدث بما في داخل نفسه، ولابد أن يستشعر قيمة الإحسان إلى الزوجة والإحسان إلى الذرية وأنهم نعمة عظيمة، ولماذا هو يختار طريق الانفعال وطريق الشقاء وطريق الغضب، في الوقت الذي يوجد طريق السعادة، والمعاملة الإيجابية والحسنة مع الأهل ومع الأطفال. فلابد أن يكون هنالك نوع من الإرشاد ونوع من الاسترشاد أخي الكريم.

واطلب من هذا الأخ أيضا أن يقرأ - أو أنت راجع معه - باب إدارة الغضب، كيف نتعامل مع الغضب، كتاب الإمام النووي (الأذكار) فيه كلام طيب وجميل، الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدنا وعلمنا علما عظيما كيف نعالج الغضب وكيف نمتص الغضب، وكيف نواجهه في بداياته (أن نغير مكاننا، أن نغير وضعنا، أن نتفل ثلاثا على شقنا الأيسر، أن نستغفر، أن نتوضأ لنطفئ نار الغضب) أدب عظيم، علم عظيم يجب أن نأخذ به ويساعد كثيرا في مثل هذه الحالات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات