اعترض زوجي على تشغيل القرآن بالتلفاز، ما تعليقكم؟

0 11

السؤال

السلام عليكم

زوجي رجل ملتزم دينيا، يقوم بتشغيل القرآن في السيارة أحيانا، وأنا أفتح قنوات إذاعة القرآن الكريم في المنزل، وأتركه يعمل بصوت مرتفع لكي يملأ صوته المنزل، ويشعرني بالراحة، ولكنه لا يوافق على ذلك، وأسباب اعتراضه، هو أن حجم شاشه التلفاز كبيرة، وهذا تبذير في الكهرباء.

في بعض الأحيان يحتاج هو للهدوء، سواء للدراسة أو لتصفية الذهن، والصوت المرتفع قد يكون غير مريح للجيران، ولا يستحب أن أترك القرآن يعمل بينما لا أستمع له.

يأمرني بأن أقوم بتشغيل القرآن على جهاز الموبايل -الجوال- الخاص بي، وبصوت يناسبني بدلا من التلفاز مراعاة للأسباب السابقة، ولكني لا أفضل ذلك، ولا أطيع أمره في هذا الموضوع، وأقوم بتشغيل القرآن مرارا على التلفاز؛ لأنني تعودت على ذلك منذ الصغر.

قد أدى هذا إلى العديد من المشاجرات بيننا، حيث أصبح يأخذ الموضوع بشكل شخصي ويرى أنني لا أطيع أوامره التي أخبرني بها مرارا، فهل هو يأثم على ذلك؟ وهل يحق له أن يطالبني بإغلاق أي صوت حتى لو كان القرآن لمجرد رغبته في الهدوء أو النوم؟ أحيانا أشعر بأن أوامره هذه تعتبر تحكما، فهل أنا مخطئة في ذلك؟ وبم تنصحوني؟ وكيف أقنعه بما أريد؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مؤمنة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام، ونسأل الله أن يبلغنا جميعا شهر الصيام والقرآن، وأن يجعلنا من أهل القرآن العاملين به، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

بداية نهنئكم كأسرة لحرصكم على القرآن وبرغبتكم في سماعه، فالزوج يحب أن يسمع القرآن في السيارة، وأنت تحبين أن تسمعي القرآن في التلفاز، والزوج يطالبك أن تستمعي للقرآن في الجوال، ولذلك نحن نرى أن تطيعي زوجك، وطاعة الزوج هنا مقدمة، وينبغي أن تطيعي زوجك؛ فهو يحب القرآن، الدليل أنه يشغله في السيارة، وأنت تحبين القرآن، والدليل أنك تستمعين إليه من التلفاز، ولكن أرجو أيضا أن يأخذ الزوج حظه من الراحة، ويأخذ الجيران حقهم من الهدوء، وأن القرآن أصلا ما ينبغي أن يقرأ بطريقة تزعج الآخرين، ولذلك حتى في المسجد نحن نمنع المصلي الذي يرفع صوته بالقراءة قبل الصلاة، لأنه يشوش على الآخرين، وفي أثناء الصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مالي أنازع القرآن).

إذا كانت هذه القراءة يترتب عليها مضايقة أحد، أو التشويش على أحد، أو منعه من المذاكرة، أو إيذاء الجيران، فإننا لسنا مطالبين بهذا، ولذلك أرجو أن تطيعي زوجك، وتتفادي هذه الطريقة، الزوج الآن لا يرفض القرآن، لكنه يرفض الطريقة التي تشغلين بها القرآن، وله لأجل ذلك أسباب اقتصادية، وأسباب نفسية، وأسباب اجتماعية، يعني له أسباب الشرع يعتد بها في مثل هذه الأمور، فالإنسان يقرأ القرآن ليصفي روحه، يقرأ القرآن في الوقت الذي يحتاج هو إليه، ولكن ليس لنا أن نجبر الجيران أو من في البيت أن يستمعوا للقرآن في الوقت الذي نريده نحن، مهما كانت الأسباب، ومهما كانت الأحوال.

أيضا مسألة أن نشغل القرآن ولا نستمع إليه: هذه أيضا من المسائل التي أرجو أن تركزي فيها وتتأملي فيها، فالأصل أن نستمع للقرآن، والأصل أن نقرأ القرآن، والأصل أن نتدبر القرآن.

لذلك أرجو ألا يكون في هذا إشكال بينك وبين زوجك، و-الحمد لله- كلاكما على الخير، لكن حق الزوج مقدم، ورضاه مقدم، لأنه من الواجبات، في حين استماع القرآن وتلاوة القرآن؛ هذا كله من النوافل، على عظمة القرآن وعلى أهمية القرآن، لأن رب القرآن هو الذي أمر الزوجة أن تطيع زوجها طالما كان يأمرها بطاعة، فالآن الزوج يأمر بطاعة، لأنه يأمر بأن يسمع القرآن من الجوال، وتستمعي أنت، ويستطيع هو أن يستمع في الوقت الذي يريده، في الوقت الذي تتهيأ نفسه، لأنه أصلا حتى الإنسان على الصعيد الفردي إذا وصل لمرحلة من التعب ومن النعاس ينبغي أن يتوقف عن القراءة، بتوجيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، نقرأ القرآن ما ائتلفت عليه القلوب، وهذه معاني أرجو أن تكون واضحة.

أرجو -إن شاء الله- ألا يأثم الجميع، لأننا وصلنا الآن إلى حل: استمعي للقرآن كما شئت، ولكن من جوالك، ولا مانع من أن تشغليه في الشاشة (التلفاز) في لحظات يكون زوجك غير موجود فيها، مع أننا نرجح أن تستمعي دائما من الجوال، وتستمتعي به عندما تكونين معه في السيارة، ونسأل الله أن يعينكم جميعا على الخير.

أوامر زوجك ليست تحكما، فهو أمر بخير، وأنت -إن شاء الله- على خير، لذلك ننصحك بسماع كلام الزوج، فإن طاعته مقدمة، بل هي من الواجبات، وأرجو أن تقتنعي بما قلناه، وبعد ذلك قولي لزوجك (لقد استمعت للرأي الشرعي، ولن ترى من اليوم إلا ما يسعدك)، وبعد ذلك إذا اشتقت أن تستمعي للقرآن في التلفاز استأذني زوجك، وقولي له في اللحظات المناسبة: (أرجو أن تسمح لي أن أستمع للقرآن، أو عندما تخرج من البيت تسمح لي أن أستخدم شاشة التلفاز في الاستماع للتلاوة).

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا جميعا على الخير، وأعتقد أنكم بالتفاهم وبالهدوء ستصلون إلى حلول مرضية لكل الأطراف.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات