كيف أتخلص من الوسواس القهري؟

0 19

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب عمري 33 سنة، ومصاب بالوسواس القهري الفكري منذ 12 سنة تقريبا، أصابني الوسواس الفكري بأشكال مختلفة وسبب لي الخوف من أشياء تعتبر طبيعية عند الجميع، مثل: مقارنة جسدي بغيري، أو أني أخاف من طول النساء وأعمارهن، وأفكر فيه، أو الأسنان العلوية للناس، أصلنا هل عربي أم لا ؟ وصرت أخاف من كلمة عربي وأشياء أخرى، وأخذت أدوية وتحسنت كثيرا، ولكن بين فترة وأخرى أتعرض لانتكاسات، وتأتيني أفكار وسواسية جديدة.

مؤخرا جاءت لي فكرة وسواسية عن موضوع الكرة الأرضية، وهل هي مسطحة أم لا؟ وسيطر التفكير فيها سيطرة تامة ومزعجة، وصرت أخاف أن أنظر إلى الكرة الأرضية أو إلى الأفق في البحر لأنه يذكرني بهذه الفكرة، وشخصت حالتي عند الطبيب أنها وسواس قهري وقلق، وأخذت الدواء لوسترال وذهب شعور الخوف وسيطرة الأفكار، ولكن ظلت الفكرة تأتيني عند النظر إلى الكرة الأرضية أو الأفق، ولكن سرعان ما أنساها إذا أشغلت نفسي بشيء آخر، وصرت أتجاهل هذا المنظر، ولكني فكرت أنه يجب أن أعود عقلي على رؤية هذه المناظر، فوضعتها كخلفية جوال، حتى أنظر لها باستمرار، فهل طريقتي صحيحة أم لا؟ وما هي الطريقة السلوكية التي تساعدني بجانب الدواء لتتخلص من الفكرة؟ وكيف أتفادى الأفكار الوسواسية في المستقبل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو شام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت بالفعل تعايشت مع الوساوس لسنوات طويلة، ولا أريد أن أعطيك أي رسائل سلبية، لكن قطعا التعايش مع الوسواس لفترة طويلة ليس أمرا مستحسنا؛ لأن الإنسان قد يفقد الاستبصار ولو جزئيا حول أن الوسواس أمر مرفوض، ويجب ألا يكون جزءا من حياتنا، أقصد بذلك الوسواس المرضي وليست الوساوس البسيطة التي نعتبرها شيئا إيجابيا، لأن الوساوس البسيطة تعل الإنسان الدقة والتحوط والانضباط.

عموما وساوسك هي وساوس فكرية، وأنا أعتقد أنه يجب أن تتناول الدواء لمدة ثلاث سنوات من الآن، بشرط أن تجتهد اجتهادات كبيرة في تحقير الفكرة الوسواسية، وألا تجعل الفكرة تتجسد وتتطور وتصبح صورة ذهنية، لأن ذلك يسبب إشكالا كبيرا.

في بدايات الخواطر الفكرية أوقفها، حقرها، خاطبها مخاطبة مباشرة قائلا: (أنت فكرة حقيرة، قف، قف، قف، قف) وهكذا، حتى تحس بالإجهاد، اربط الفكرة بشيء منفر مثل حدوث كارثة مثلا، أو أوقع على نفسك ألما أو أي شعور مقزز، كأن تشم رائحة كريحة، وتفكر في الفكرة الوسواسية، كأن تضرب يدك على سطح قوي وصلب ومسطح لتحس بالألم، وتكرر هذا عدة مرات، أن تربط بين الألم وبين الفكرة الوسواسية - أيا كانت -.

ومن أهم الأشياء: تجنب الفراغ الذهني والفراغ الزمني؛ لأن الوساوس تتصيد الناس حقيقة في أوقات الفراغ، وممارسة الرياضة والتمارين الاسترخائية دائما أمور ننصح بها، لأنها حقيقة من العلاجات المكملة لمقاومة الوساوس.

بالنسبة للدواء: ذكرت لك أنه من الأفضل أن تستمر على الدواء لمدة ثلاث سنوات، وأفضل أن تدعم الزولفت بعقار رزبريادون، واحد مليجرام ليلا لمدة عام، أعتقد أن ذلك سوف يدعم كثيرا من فعالية الزولفت، وفي ذات الوقت يعرف أن الوساوس التي ظلت مع أصحابها لفترة طويلة تتطلب جرعات بسيطة جدا من مضادات الذهان كالرزبريادون أو الـ (إريببرازول) بجرعة خمسة مليجرام، أيضا هذا دواء رائع جدا، وهو بديل ممتاز للرزبريادون إذا لم تكن تفضل تناوله.

أخي الكريم: تعاملك مع موضوع أن الكرة الأرضية مسطحة، وأن الفكرة تأتيك عند النظر إلى الكرة الأرضية والأفق في البحر: أنا أعتقد أن التجنب سوف يزيد الأمر، إلجأ للإطماء أو الإغمار، بأن تنظر وتنظر وتنظر وتتأمل في هذا الشيء، حتى تصاب بالإجهاد من كثرة النظر والتفكير فيه، بعد ذلك تسترجع نفسك وتقول أن هذا ليس طبيعيا، إنما الطبيعي هو كذا وكذا وكذا، وتتذكر قوله تعالى: {والأرض بعد ذلك دحاها}، تأمل وتتدبر هذا التعبير القرآني الجميل، أيضا أراه أحد الأشياء التي قد تربط الإنسان بالواقع، وتزيد استبصاره حول تفاهة الوساوس وأنها يجب ألا تستحوذ، ويجب ألا ندع لها المجال لتكون قابضة ومطبقة وملحة.

أما سؤالك الأخير: لماذا دائما تصيبني أفكار الوساوس؟ لا أحد يعرف السبب 100%، لكن الأسباب قد تكون متعددة لدى بعض الناس، فقد تكون هنالك عوامل وراثية، قد تكون هنالك عوامل بيئية، قد يكون هنالك أمر ما، وهو أن الوساوس لم تقاوم بالصورة المطلوبة في بداياتها، ومن ثم بدأت في الإطباق والشدة، وأصبحت مزمنة، لكن المهم أنه يمكن علاجها.

جزاك الله خيرا، وبارك الله فيك، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات