تقلب المزاج يكاد يدمر حياتي

0 5

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 24 سنة، ابتليت بالعادة السرية منذ كان عمري 10 سنين تقريبا, منذ أربع سنين حدث تغير جذري في حياتي، فقد توقفت عن الإباحية تماما، ومن تلك اللحظة إلى الآن لم أمارس العادة السرية بتاتا.

منذ تلك اللحظة حتى الآن أكملت تعليمي الجامعي، والتزمت بالصلوات (جماعة)، وقرأت أكثر من 150 كتابا في شتى المجالات حتى أصبح جل تفكيري ووقتي مع الكتب وللكتب، ولله الحمد، وأحسست كأني كنت ميتا فحييت، وسقيما فشفيت، وعليلا فبرئت ولله الحمد والمنة.

حدثت عدة تغيرات نفسية وروحية في جسمي، منها مروري بفترة اكتئاب لمدة سنة تقريبا، وراجعت الطبيب النفسي، وكتب لي (السيروسكات)، وقد انتهت مدة العلاج، ولله الحمد.

لكن المشكلة الرئيسية أني منذ أربع سنين حتى الآن متقلب المزاج، مزاجي يتقلب بصورة مزعجة وبشعة تضطرني لسؤال نفسي: لماذا يحدث هذا لي؟ وقد تمر علي لحظات أفكر فيها في الإنتحار، لكني أصرف عن نفسي هذه الأفكار وأستعيذ بالله منها، وأستعين بها عليها، إن الهرمونات على ما يبدو تتصارع صراعا شديدا في جسمي، صراعا رهيبا صراعا غريبا في أغلب الأحيان.

أحس أن هناك هرمونا تزيد نسبته في موضوع معين، ثم تنخفص، ثم ترتفع ارتفاعا عجيبا، ثم تنخفض انخفاضا رهيبا، حتى مررت بالعديد من المواقف المحرجة مع الأصدقاء والأهل والأحباب نتيجة تأثير مزاجي في حكم التعامل مع الأشياء، وفي التعامل مع قرارات مصيرية استغربت كيف اتخذتها في ذلك الوقت.

أرجو أن أجد حلا لهذه المشكلة التي تعيقني بشكل كبير، وتضعني في حالة نفسية نادرة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نبدأ بأن نبارك لك شهر رمضان، وتقبل الله صيامكم وطاعاتكم.

التقلبات المزاجية هي جزء من حياة الناس، وقد تزداد وقد تنقص، وقد تكون طابعا ملازما للإنسان، أو قد تكون متقطعة وغير مطبقة.

الذي ألاحظه قطعا أن التقلبات المزاجية هي التي تقودك في حياتك إلى حد كبير، أنا أقول: انقطاعك للقراءة والكتب وتجديد حياتك بالكيفية التي ذكرتها دليل واضح أن مزاجك في تلك الفترة كان مزاجا إيجابيا، وبعد ذلك دخلت في شيء من المزاج المتعسر لدرجة التفكير في الانتحار وهذا الفكر القبيح، وأنا أعرف تماما أنك -إن شاء الله- لن تقدم على هذا الفعل أبدا.

وأنا أرى أن درجة القلق أيضا لديك عالية، القلق طاقة نفسية مهمة وطاقة نفسية جبارة ومفيدة جدا للإنسان، الذي لا يقلق لا ينجح، ولا ينجز، لكن القلق أيضا قد يحتقن، قد يسير في مسارات خاطئة ويتولد عنه شيء من عدم الاستقرار النفسي، وربما تعسر المزاج.

أنا أعتقد أن أفضل طريقة بالنسبة لك لتجعل مزاجك مستقرا هو أن تكون لك مشاريع حياتية، لابد أن تعتمد على ذلك اعتمادا كبيرا، أهداف واضحة، أشياء تحققها على المدى القصير وأخرى على المدى المتوسط وثالثة على المدى البعيد، الهدف الذي على المدى القصير يكون غالبا في ظرف أربع وعشرين ساعة، مثلا: أن تزور مريضا، هدف عظيم، وفي خلال الستة أشهر يكون الهدف متوسط المدى، مثلا أن تحفظ كم جزء من القرآن، والهدف على المدى البعيد: الزواج، تكوين الأسرة، التطور المهني، التخصصات الدقيقة ... وهكذا.

فإذا إذا وضعت أهدافا واضحة سوف تتحول طاقاتك إلى طاقات إيجابية من أجل إنجاز هذه الأهداف.

الأمر الآخر هو: أهمية ممارسة الرياضة. الرياضة تؤدي إلى استقرار نفسي كبير، وهي تقوي النفوس قبل الأجسام، وكما تفضلت غالبا مثل هذه الحالات التي تتسم بوجود تقلبات في المزاج يكون هنالك خلل ما في كيمياء الدماغ، ولا يمكن تحديده أثناء الحياة، هنالك كلام كثير عن مادة السيروتونين واضطرابها ومشاكل في الفص الصدغي، لكن لا توجد وسيلة فاعلة لإثبات هذه الأشياء أو نفيها أثناء الحياة، فالرياضة وجد أنها تؤدي إلى انتظام إيجابي تلقائي في المواد العصبية الدماغية الإيجابية. فيا أخي: اجعل لنفسك نصيبا من الرياضة.

التواصل الاجتماعي والقيام بالواجبات الاجتماعية أيضا وجد أنها من الأسباب التي تؤدي إلى الشعور بما نسميه بالمردود الإيجابي الداخلي، أنت تكافئ نفسك من خلاله، مثلا: الذي يلبي الدعوات، شيء عظيم، دعوات الأعراس، الأفراح. وهكذا، الذي يمشي في الجنائز، الذي يقدم واجبات العزاء، الذي يزور المرضى، الذي يصل رحمه، الذي يكون في رفقة مجموعة طيبة من الأصدقاء، من وقت لآخر يذهبون إلى التنزه، وهكذا.

فإذا –يا أخي الكريم– هذه أسس علاجية مهمة جدا، فأرجو أن يكون هذا منهجك، وهذا سوف يساعدك كثيرا، إذا لا تنقد بمشاعرك، ولا بأفكارك، إنما تنقاد بأفعالك، على النسق الذي ذكرته لك، هذا ينعكس على الأفكار وعلى المشاعر ويجعلها مستقرة تماما.

أنا أيضا أنصحك بتناول أحد مثبتات البسيطة، وأعتقد أن عقار (سوركويل/كواتبين) سيكون مفيدا لك جدا، هو قد يزيد النوم قليلا لكن يساعدك، الجرعة خمسة وعشرون مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم اجعلها خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم تخفض الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات