التربية الخاطئة في الصغر جعلتني لا أعرف نفسي عندما كبرت!

0 12

السؤال

السلام عليكم.

عمري 16 سنة، لم أعد أعرف من أنا منذ أن كان عمري 14 سنة، قبل هذا كان هدفي الوحيد منذ أن ولدت هو إرضاء والدي، والقيام بكل ما يطلبانه، والداي كانا هما حياتي، لكن مرة فكرت فوجدت أن والدي يطلبان مني ما هو لمصلحتهما كالواجبات المنزلية، ولا يطلبان ما هو لمصلحتي، كأن يسألانني عن دراستي أو عن صلاتي حتى أنهما لا يعرفان في أي سنة أدرس، مع العلم أني تلميذ مجتهد، فأنا الأول في صفي دائما، عندها قررت أن أبتعد عنهما قليلا، وعندما فعلت ذلك وجدت أنني لا أعرف نفسي، لا أعرف ماذا أحب، وماذا أكره، فكنت أكره ما يكره والداي، وأحب ما يحبه والداي، فقلت إنه يجب أن أفكر فيما هو في مصلحتي، فدخلت المسجد وأصبحت لا تفوتني صلاة وأحفظ القرآن، لكن هذا لم يساعدني في معرفة من أنا!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معتز بالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وتقبل الله طاعاتكم وصيامكم.

علة عدم التأكد من الذات تحصل في سن اليفاعة، وعند البلوغ، وقد تستمر سنة أو سنتين لما بعد البلوغ. هذا الذي نسميه بعدم التأكد من الذات - أو اضطراب الأنية في بعض الأحيان، بعض الناس يسمونه هكذا - هي مرحلة تطورية تحدث في حياة أربعين بالمائة من الشباب، وكما ذكرت لك هي أمر وقتي، أمر سوف ينتهي ويختفي تماما.

بالنسبة للعلاقة مع والديك: قطعا حب الوالدين للأبناء هو حب غريزي وفطري ولا شك في ذلك، وأنا متأكد أن والديك كانا يسعيان لما فيه خير لك، لكن ربما اختلاف المنهج (عدم معرفتهم للتعبير عن ودهم وحبهم لك، وعدم إدراكهم لأهمية أن تكون هنالك مساندة وتشجيع أكاديمي)، هذه الأشياء موجودة، موجودة لدى الكثير من الآباء والأمهات.

الحمد لله أنت الآن فطنت لكل هذا، وبدأت تتحسس طريقك وحدك، وما شاء الله تبارك الله ذهبت إلى المسجد، تصلي -الحمد لله- الصلاة الخاشعة، الصلاة الطيبة المقبولة -إن شاء الله-، وتحفظ القرآن، وتنمي نفسك، هذه تنمية عظيمة، أنت الآن تنمي في فكرك، وتنمي في ذاتك، وتسلح نفسك بأسلحة مطلوبة في هذا الزمان، وهما سلاحي (العلم والدين) أشار إليهما الله تعالى بقوله: {يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}.

أيها الفاضل الكريم: ذاتك معروفة لديك، فلا تتشكك ولا توسوس حول ذلك أبدا، ولا تحكم على نفسك بمشاعرك هذه، احكم على نفسك بأفكارك، اجعل أفكارك إيجابية، واجعل أفعالك إيجابية، والآن أنت أفعالك إيجابية ما شاء الله، ملتزم بالصلاة، وأنا متأكد أنك أيضا تفهم أهمية التفوق الأكاديمي، وتدرس، وتجتهد، وكل المطلوب منك هو تنظيم وقتك، تنظيم الوقت مهم جدا جدا، الذين نجحوا دائما كانوا مهتمين بتنظيم وقتهم، وتنظيم الوقت يشمل أن يقوم الإنسان بكل الأنشطة في الحياة (الترفيه على النفس، الدراسة، النوم المعقول، ممارسة الرياضة، التواصل الاجتماعي، العبادة ...)، فإذا دائما كون خارطة ذهنية تدير من خلالها وقتك، هذا أمر مهم جدا جدا، وسوف يفيدك كثيرا.

وأنا أيضا أنصحك أن تتعرف على الشباب الصالحين الجيدين؛ لأن الإنسان يحتاج لمن يسانده حقا في هذا العمر، وابحث عن القدوات الجيدة، اجلس مع إمام مسجدك، خلال حلقة تحفيظ القرآن قطعا سوف تتعرف على الكثير من الصالحين والطيبين. هذا حقيقة يساعدك كثيرا في تحديد ذاتك وهويتك، لكن أرجو أن تطمئن، هذا الذي يحدث لك أمر طبيعي جدا، خاصة أننا في زمان الآن فيه عدم استقرار كبير - ابننا العزيز - (مشاكل الهوية، مشاكل تحديد الذات، مشاكل الانتماء، الخوف من المستقبل)، هذه كلها أمور موجودة الآن، لكن إن شاء الله بالنسبة لك هي مرحلة بسيطة، مرحلة عابرة وستنتهي. وحقيقة: رسالتك أعجبتني كثيرا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات