أفشل في تأدية مهامي وأشعر بالإحباط واليأس، فهل هذا من الوسواس؟

0 10

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو من حضرتكم مساعدتي، فأنا أعاني منذ ٩ سنوات من الوسواس الذي دمر عبادتي وحياتي وأصابني بالاكتئاب، بدأ الأمر بسواس الطهارة والوضوء، ثم في التكبير، وفي ذات الله تعالى والدين -الحمد لله- تعافيت الآن منه، ولكن لا أعرف ما بي حيث أجد صعوبة في الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله، وأشعر بالخوف والقلق وعدم القدرة على التركيز، والبطء الشديد، حتى في أعمالي في المنزل، فأنا متزوجة وأم لثلاثة أطفال أصغرهم رضيع، ولدي مسؤوليات وواجبات تجاه أسرتي أعجز عن تأديتها، منزلي دائما متسخ، الغسيل متراكم، أولادي في حالة فوضى، والطعام دائما متأخر.

لست كباقي الناس، أشعر بالضغط من أتفه الأعمال، ولا أستطيع تأديتها، فأنا بطيئة في تأديتها، ليس كسلا مني، أريد أن أقوم بكل شيء، وأسجل في ورقة ما علي فعله، أحاول تنظيم وقتي، أستيقظ بعد الفجر لأقوم بأعمالي التي خططت لها فأفشل في تأديتها لأشعر بالإحباط والحزن.

لا أعرف ما بي، أكاد أجن، أشعر أنه وسواس ولكن لا أعلم ما هو بالضبط، أشعر دائما أني نسيت شيئا ولا أتذكره، وأني لم أقم بما علي كما يجب، ودائما فكري مشغول ومشوش بالأفكار الكثيرة والمقلقة، وأشعر بالخوف عند فعل أي شيء ولو تافه، فيضيق نفسي، ويؤلمني ظهري ورقبتي، وأشعر أن عضلات يدي وقدمي متشنجة وتؤلمني، وبسبب هذه الأعراض أكون بطيئة جدا في تأدية الأعمال، وأنا لدي أعمال ومسؤوليات كثيرة فتتراكم علي فأشعر بالأحباط واليأس، ولا أستطيع الالتزام بشيء.

لا أستطيع الذهاب لدكتور، ولا أريد أن آخذ الأدوية، ولكن إن كان لا بد فهل هناك أدوية لا تضر للمرضعة؟

أرجو المساعدة فإني في ضيقة لا يعلم بها إلا الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ سهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك كثيرا في الشبكة الإسلامية، ونحن نتلقى رسائل قليلة من الصومال، فحياك الله، وأنا تدارست رسالتك هذه، وأقول لك: إن شاء الله أنت بخير، وقد عرضت مشكلتك بوضوح، والبطء الوسواسي موجود، وإن كان الوسواس الآن نستطيع أن نقول أنه قد اختفى في حالتك، لكن بقي هذا البطء، فالبطء نفسه جزء من الوسواس في بعض الأحيان؛ لأن الإنسان يكون مترددا ويبحث عن الإجادة، وبعد ذلك يفقد الطريق، بمعنى أن الأمور تختلط عليه ويبدأ فيما نسميه بالإجهاد النفسي، وهذا الإجهاد النفسي يعادل الاكتئاب النفسي حقيقة، وهذا يؤدي إلى شيء من البطء.

إذا حالتك يمكن أن نعتبرها وسواسية اكتئابية من الدرجة البسيطة، وإن شاء الله تتعالجين، وأنت في حاجة للعلاج الدوائي، لا تحرمي أبدا نفسك من العلاج الدوائي ما دام سليما وصحيحا ووصف من خلال مختص مقتدر.

إن كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا أمر جيد، وإن لم يكن ذلك ممكنا فأفضل دواء في حالتك هو عقار (سيرتالين) والذي يسمى تجاريا (زولفت) و(لوسترال) وربما تجدينه في الصومال تحت مسميات تجارية أخرى، هو دواء سليم جدا للمرضع، ولا يسبب الإدمان، ولا يسبب التعود، وليس له أضرار على الهرمونات النسائية، وأنت حقيقة في حاجة له.

تبدئين بجرعة خمسة وعشرين مليجراما – أي نصف حبة – تتناولينها يوميا لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة واحدة يوميا لمدة أسبوعين، ثم اجعلي الجرعة حبتين في اليوم، وهذه جرعة علاجية مطلوبة في حالتك، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر. جرعة الحبتين – أو المائة مليجرام – هي الجرعة الوسطية، علما بأن الجرعة الكلية هي مائتي مليجرام – أي أربع حبات في اليوم – لكنك لست في حاجة لهذه الجرعة.

بعد انقضاء الثلاثة أشهر خفضي الجرعة واجعليها حبة واحدة (خمسين مليجراما) يوميا، وهذه هي الجرعة الوقائية، ومن الضروري جدا أن نكون حذرين في هذه المرحلة – مرحلة الرضاعة – لأن اكتئاب ما بعد الولادة قد يأتي حتى بعد عام من الولادة، إذا الجرعة الوقائية مهمة جدا، تناولي هذه الحبة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها لنصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

إذا العلاج الدوائي مهم جدا في حالتك، سوف يحسن مزاجك، سوف يجعلك تتحكمين بصورة أفضل في هذا البطء، وقطعا سوف يساعد أيضا في القضاء على ما تبقى من وسواس إن كان موجودا.

الحمد لله أنت لديك إيجابيات كثيرة في حياتك، لديك الأسرة، وقطعا اهتمامك بحياتك الزوجية وأولادك وأسرتك أمرا مهما ضروريا، لا تتركي مجالا للفراغ، لكن في ذات الوقت لا بد أن تأخذي قسطا كافيا من الراحة في فترة المساء على وجه الخصوص. النوم الليلي مطلوب ومهم، وأتمنى أن يكون الصغير (الطفل) أيضا ينام بالليل حتى لا يجعلك تستيقظين كثيرا.

اندفعي نحو الصلاة، أقبلي عليها، ففيها الفرج وفيها الرحمة وفيها الراحة، (أرحنا بها يا بلال)، هكذا كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قدوتنا في كل شيء. لا تدعي مجالا للشيطان في هذا المجال أبدا.

أريدك أن تمارسي الرياضة، أي رياضة ممكنة تتوافق مع حشمة المرأة المسلمة، نصف ساعة في اليوم – أو أربعين دقيقة – مشيا مثلا، مهمة جدا لأنها تحسن الإفرازات الكيميائية الدماغية الإيجابية التي تساعد في علاج الوسوسة وكذلك التوترات والاكتئاب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأرجو أن تتواصلي معي بعد تناول الدواء لفترة شهرين مثلا.

مواد ذات صلة

الاستشارات