كلما قدمت على وظيفة أفشل .. فهل كُتب علي ذلك؟

0 13

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الجميل والمفيد جدا.

أود أن أطرح سؤالا لم أجد له جوابا شافيا مقنعا، لا من نفسي، ولا ممن سألتهم.

أنا شاب عمري 25 سنة، ككل الشباب لي أحلام وأمان أود تحقيقها وأهداف أريد الوصول إليها، لكنني أصادف كل مرة أحاول فيها تحقيق أهدافي بشيء لا أعرف كيف أفسره، سوف أعطي أمثلة كثيرة لكي يتبين لكم معرفة ما أقوله:

وددت التقديم للجامعة، وكان موعد التسجيل مفتوحا ومحدودا في يوم، وكنت قد جهزت جميع الوثائق، ولكن عندما ذهبت للتسجيل حصلت أشياء غريبة؛ أولا ركبت الحافلة الأولى التي تذهب للمدينة التي فيها الجامعة، فتعطلت الحافلة، ومر الوقت وضاعت علي فرصة التسجيل في ذلك اليوم، وأخذت حياتي الدراسية منحى آخر، فرضيت -بقضاء الله- ودخلت جامعة أخرى في مدينة أخرى، وكانت الجامعة الوحيدة التي تقبل التسجيل، وسلكت مسلكا أخذت فيه شهادة تخرج، لكن هذا المسلك غير نافع، فسنة بأكملها جلست دون عمل.

كنت أتوكل على الله، فأجهز نفسي لمقابلات العمل، ولكنني لم أحصل على أي عمل، مع أنني كنت أقوم بكل شيء على أكمل وجه لضمان المقابلة، فتارة يحدث أنني متأخر، وأرى إعلانات الوظائف بشكل متأخر، وتارة أخرى أقدم سيرتي الذاتية في ذلك الوقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعنا استشارات إسلام -أيها الولد الحبيب- ونشكر لك ثناءك على الموقع، ونبادلك الثناء بالدعاء، فنسأل الله تعالى أن ييسر أمورك، ويقضي حاجتك، ويكفيك بحلاله عن حرامه.

والذي فهمناه من استشارتك رغم أنه لا يزال فيها نقص، ما فهمناه هو أنك تظن أن الفشل أمر مقدر عليك لا محالة بسبب بعض الحوادث التي تعرضت لها في حياتك، وجوابنا يتمثل في أن ندعوك إلى خلاف هذه النظرة التي وقعت أسيرا لها، وخلاف هذا الظن الذي ظننته، ومستندنا في دعوتنا لك لهذا آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإن القرآن يحثنا على إحسان الظن بالله تعالى، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بذلك في أحاديث كثيرة، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).

فإذا المؤمن مأمور بأن يحسن الظن بالله، وأن يتوقع من الله تعالى الجميل، فإنه -سبحانه وتعالى- أهل لكل جميل، ولكن قد يقع الإنسان المسلم في بعض الابتلاءات والامتحانات فيعرضه الله تعالى لبعض المضايق والشدائد في حياته لمنافع كثيرة يجنيها الإنسان من وراء هذه الشدائد، منها أجر الصبر على كل شدة يمر بها، وهذا الأجر حين يراه الإنسان يوم القيامة يتمنى أنه نزلت به كل المصائب في الدنيا ليفوز بذلك الأجر، وهذا الأجر يختلف عن أجور سائر الأعمال الأخرى التي يعملها الإنسان، فإنه أجر لا يتقدر بحساب محدد، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

ومن منافع الشدائد والأقدار المؤلمة التي تؤلم الإنسان أنها تكفر ذنوبه وسيئاته، وأنها ترفع درجته، وأنها تذهب عنه الأشر والبطر والكبر والشعور بالاستغناء والوقوع في الطغيان، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {كلا إن الإنسان ليطغى * أن راءه استغنى} فبقاء الإنسان في ظل أوضاع صعبة يكون في كثير من الأحيان تأديب لنفسه وتهذيب لها من مساوئ أخلاقية كثيرة، لولا هذه الشدائد لبتلي بها.

كونك تتعرض لبعض الأقدار المؤلمة وتقع في بعض المضايق؛ هذا لا يدل أبدا على فشلك الدائم وعلى أن الله تعالى لا يريد لك الخير في مستقبل أيامك، وإنما هي شدائد ستزول وتنقضي -بإذن الله-، فحسن ظنك بالله، وعلق آمالك به، وهو -سبحانه وتعالى- كريم وهاب، يده ملئى لا تغيضها / لا تنقصها نفقة، لو أعطى الناس جميعا أسئلتهم ومطلوباتهم ما نقص ذلك من ملكه شيئا، كما أخبر هو بذلك في الحديث القدسي. فأنت إذا تتعامل مع رب كريم، واسع العطاء، فهو أجود من سئل، وأوسع من أعطى، لا يعجزه شيء.

فخذ بالأسباب التي توصلك إلى الرزق، وكن على ثقة من أن مقادير الناس قد كتبت قبل أن يخلق الله تعالى السماء والأرض بخمسين ألف سنة، فقد كتب ما هو رزقك، وكم هو، ومن أي باب سيأتي، فلا تذهب نفسك حسرات، ولا تعذب نفسك بالتوه والتألم، خذ بالأسباب المباحة بقدر الإمكان، وتوكل على الله -سبحانه وتعالى- وستصل إلى ما قدره الله لك.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات