هل أنا مصاب بمرض نفسي، أم أن حالتي طبيعية؟

0 7

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب عمري 20 سنة، حالتي بدأت منذ 9 أشهر، عندما أوهمت نفسي أنني مصاب بالاكتئاب، أبكي كلما شاهدت فيلما أو مسلسلا كارتونيا قديما، أحس كأن العالم انتهى، كأنه لا شيء ظل كالسابق، فأنا تعرضت لمواقف سيئة في الأربع سنوات الأخيرة، أحس فيها كأنني معاقب، وكأن كل الأبواب مغلقة في وجهي، فبدأت أبحث في المواقع عن أعراض الاكتئاب والوسواس القهري، حيث وجدت معظم الأعراض مطابقة لحالتي.

تغلبت على هذه الأفكار، وحاولت أن أغير حياتي وأن أغير شخصيتي التي كان يغلب عليها نوع من الخبث، وأن أصبح شخصا حسنا، وأن أنسى إخفاقاتي ومواقف فشلي، وأن أبدأ من الصفر، وبدأت أصلي مع ابتعادي عن الفحشاء وإقامة العلاقات الجنسية، رغم أني ما زلت أمارس العادة السرية يوميا، لكن بعض الأفكار ظلت تطاردني وتستحوذ على فكري، وهي: ماذا لو كنت في حلم؟ ماذا لو كان كل شيء غير حقيقي ومجرد تمثيل؟ من أنا؟ وكيف للإنسان أن يكون سعيدا؟ نحن نشاهد التلفاز وكرة القدم لنستمتع، ماذا لو كان الممثلون الذين نشاهدهم على التلفاز خبيثين؟ ماذا لو كان لاعبو كرة القدم يمثلون علينا؟ هل كل الناس لديهم نفس تفكيري أم أنا مصاب بوسواس قهري أو باضطراب الأنية؟ هل أنا وحدي من أفكر بهذه الطريقة؟ هل ربي يعاقبني لذلك أنا الإنسان الوحيد الذي يعيش هذه الحالة؟

مع العلم أنني قرأت عن مرض الوسواس القهري واختلال الأنية والتوهم المرضي الذي لربما لو لم يكن لدي عنها فكرة لكنت تغلبت على وساوسي، أرجو المساعدة، هل أنا مصاب بمرض نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

ذكرت أن حالتك قد بدأت قبل تسعة أشهر، حيث كنت تعتقد أنك مصاب باكتئاب نفسي، وكان لديك نوع من الاضطراب الوجداني، فأنت سريع التأثر، وسريع في تقلب المزاج، وتفتقد الاستقرار النفسي، ويظهر أنه لديك شيء من اضطراب الشخصية في ذاك الوقت، ولكنك الحمد لله تعالى بالتدريج وبالجدية من جانبك استطعت أن تتخلص من أشياء كثيرة جدا، وإن شاء الله تعالى حياتك تسير على الدرب الصحيح.

بالنسبة لممارسة العادة السرية (السيئة): قطعا هي مضرة ومخلة، تنقص الدين، وتهز الشخصية، وتعلم الإنسان الكثير من الأمور السلبية في حياته، وأيضا تؤدي إلى اضطرابات جنسية شديدة عند الزواج، فأرجو – أيها الابن الكريم – أن تحاول التخلص منها تدريجيا. أنا أرى فيك خيرا كثيرا، أراك إنسانا جيدا، أراك إنسانا ممتازا، لكن مستقبل إن شاء الله تعالى، وعليك بالصحبة الطيبة، عليك ببر والديك، يجب أن تحسن إدارة وقتك، وتجتهد في دراستك لتكون من المتميزين.

هنالك أشياء كثيرة جدا يمكن أن الانشغال بها بعيدا عن ممارسة هذه العادة السيئة، ويمكنك أن تتغير من خلال العزم والقصد والإيجابي على التغيير، وهذا هو المطلوب. طاقاتك العظيمة هذه يجب أن توجها التوجيه السليم والصحيح، وهذا يساعدك في البناء النفسي الإيجابي لشخصيتك.

بالنسبة للأفكار والهواجس والاجترارات والتساؤلات التي تأتيك: هي ذات طابع وسواسي، مع وجود قلق، لا أعتقد أنه قد وصل لمرحلة التغرب عن الذات، أو اضطراب الأنية.

الأسئلة التي تأتيك وتطرح على نفسك: هي ذات طابع وسواسي، ولذا أشعرتك بشيء من القلق وبشيء من عدم التأكد من الذات، لكنه لم يصل الحمد لله تعالى لمرحلة اضطراب الأنية.

هذه الأفكار يجب أن تحقرها، يجب ألا تناقشها، ولا تحللها أبدا، لأن تحليلها ومناقشتها يؤصل منها ويزيدها، لكن تجاهلها مع ما ذكرناه لك من إرشادات سابقة إذا طبقتها سوف تحس أنها قد تقلصت تلك الأفكار تماما.

وحتى نساعدك بصورة فاعلة وحازمة لتختفي هذه الأفكار: أريدك أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق الوساوس. الدواء يسمى (فلوفكسمين) هذا هو اسمه العلمي، وتجاريا يسمى (فافرين)، وهو دواء سليم وغير إدماني، ومفيد جدا. تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة عشرة أيام، ثم تجعل الجرعة مائة مليجرام ليلا، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، علما بأن الجرعة الكلية حتى ثلاثمائة مليجرام يوميا، لكنك لست في حاجة لهذه الجرعة، ثلث الجرعة الكلية كافي جدا بالنسبة لك.

بعد انقضاء الثلاثة أشهر وأنت على جرعة المائة مليجرام خفضها إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة شهر، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إن شاء الله تعالى كل شيء سوف يرجع إلى طبيعته، وأنت لست مصاب بمرض نفسي، أؤكد لك ذلك، أنت مصاب بظاهرة نفسية بسيطة، وإن شاء الله من خلال ما ذكرناه لك من شرح وتحليل وخطة علاجية ترجع أمورك كما كانت، وأريدك أن تنطلق في الحياة، في كل ميادين الحياة، تنطلق انطلاقة إيجابية في دراستك، في عباداتك، في برك لوالديك، في بحثك عن الأشياء الجميلة من أجل الترفيه، القراءة، الاطلاع، حسن التواصل الاجتماعي.

هذه كلها آليات علاجية عظيمة جدا ليكون الإنسان نفسه ويبني مهاراته على أسس وقواعد قوية راسخة، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات