فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة.

0 11

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري ١٨ سنة، توفيت جدتي التي ربتني قبل سنة تقريبا، ولم أتعرض للصدمة بعد هذا مباشرة، إلا أنني في بداية أزمة الكرونا عزلت نفسي تقريبا لمدة شهرين أو أكثر قليلا.

لا أرى أهلي إلا في وقت الأكل أحيانا، وفي ذاك الوقت لم أشعر باكتئاب أو قلق أو أرق، وكنت أنام كثيرا.

بعد ذلك قرأت فجأة في أحد وسائل التواصل أن النوم الكثير من علامات أو أعراض الموت، من هنا بدأت القصة فذهبت مسرعة أبحث عن أعراض الموت، وبدأت نوبات الهلع والخوف، وتذكر جدتي في أيامها الأخيرة والكوابيس.

أصبح الماضي معي في كل حين، سواء ماض أليم أو عابر أو مفرح، وأتذكر جدي -رحمه الله-، علما أنني لم أخرج من البيت منذ حوالي خمسة أشهر، وكنت في فراغ تام وملل دائم، ومنذ أن تخلصت من نوبة الهلع الأولى والفكرة لا تفارقني، وتكون معي منذ أن أصحو حتى أنام.

تعبت وأصبحت أخاف من النوم، وكثرة التفكير أرهقني، علما بأن شخصيتي حساسة جدا، وذاكرتي قوية -ولله الحمد- منذ الصغر، وأخاف من كل شيء منذ الصغر، ولدي وسواس من كل حدث، ولكنه أختفى لفترة.

والآن قد عاد بطريقة أرهقتني، وأصبحت أشعر بآلام جسدية، مثل آلام العضلات والصدر والصداع وثقل الرأس، هل هذا اكتئاب، وهل تذكر الأماكن والأهل والأصحاب القديمة شوقا لطول الفراق؟

هل القراءة التي قمت بها هي سبب كل هذا؟ علما بأن فحوصاتي كلها سليمة، ودورتي الشهرية منتظمة، ولكن أرهقني التفكير الزائد والخوف من أتفه الأسباب، وقد كانت أحداث يومية طبيعية.

ساعدوني فقد تعبت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Majhol حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى الرحمة لموتاكم وموتانا وموتى جميع المسلمين.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: الذي حدث لك ربما يكون تطورا طبيعيا في هذ الظرف الذي حدث بسبب هذه الجائحة، ووجد الناس أنفسهم في وضع اجتماعي لم يتعودوا عليه، الحجر في البيوت، افتقاد الفعاليات، ضعف التواصل الاجتماعي، الخوف من المجهول، الوسوسة حول هذا المرض.

هذه كلها عوامل حقيقة تجمعت مع بعضها البعض وأثرت على بعض الناس، والناس تختلف في درجة تحملها، هنالك أناس لديهم القابلية، لديهم العوامل المهيئة، وحين تأتي العوامل المؤثرة تعطينا الصورة الإكلينيكية مثل النوع الذي تحدثت عنه.

فأنت لديك قلق مخاوف، هو الذي أدى إلى كل الذي تعانين منه، وقلق المخاوف دائما يكون مصحوبا بشيء من الوسوسة، وبشيء من عسر المزاج. أنت ليس لديك اكتئاب الحمد لله، هذه أعراض قلقية وسواسية، مع وجود المخاوف.

موضوع تذكر الأهل والأماكن والأصحاب السابقين شوقا لهم لطول الفراق: نعم، نعم هذا حقيقة، الإنسان حين يكون في فراغ وفي ضجر يستعيد ذكرياته، ومنها التشوق إلى الأماكن والأهل والأصحاب القدماء، لأنه افتقد التواصل الاجتماعي السليم.

القراءة التي قمت بها أنا أعتقد أنها واحد من –لا أقول من المسببات لكن– المثيرات التي أثارت لديك قلق المخاوف هذا.

الحديث عن الموت حقيقة فيه الكثير من عدم الدقة: الموت حق، والموت آت، والموت لا مشورة فيه، {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}، {كل نفس ذائقة الموت}، {كل شيء هالك إلا وجهه}، {إنك ميت وإنهم ميتون}، ونحن نقول دائما أن الخوف المحمود من الموت مطلوب، والخوف المحمود هو أن يخاف الإنسان أن يأتيه الموت وهو مفرط في الواجبات، ومنغمس ومتلطخ بالذنوب والمحرمات، هذا الخوف فعلا محمود لأنه يجعل الإنسان يغير من حاله، الإنسان الغير الغافل، أما الخوف المرضي المهيمن دون أن يغير الإنسان وضعه وسلوكياته فهذا مرفوض حقيقة.

فاستعيني بالله، وتوكلي عليه، ولا تعجزي، وأعتقد أنك محتاجة أن تمارسي رياضة –حتى ولو كان داخل المنزل– ألم العضلات والصدر والصداع: هذا كله حقيقة من ضعف الحركة وقلة الحركة، الناس متعطلة تماما، لكن الرياضة مسموح بها، حتى المشي حول البيوت، في الحدائق القريبة، المشي على (التريدميل Treadmill/جهاز المشي).

أرجو أن تكوني إيجابية في تفكيرك، وتجنبي النوم النهاري، واحرصي على النوم الليلي، جالسي أسرتك، وتشاوري مع الأسرة في أمر الذهاب إلى الطبيب النفسي، أو حتى إلى طبيب الأسرة، لأنك محتاجة لعلاج دوائي بسيط، عقار مثل الـ (سبرالكس) أو الذي يعرف علميا باسم (استالوبرام) بجرعة صغيرة، يناسب حالتك ويناسب عمرك جدا، والجرعة هي: أن تبدئي بخمسة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعليها عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

أنا أعتقد أن السبرالكس دواء رائع وإضافة جديدة جدا وجميلة، خاصة أنه دواء غير إدماني وغير تعودي ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.

شاوري أهلك حول هذا الموضوع، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات