انتقال المرض بمجرد رؤيته في شخص آخر.

0 13

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحسن الله إليكم على ما تقدمونه.

سؤالي عن أخت كلما حدثها شخص عن مرض ألم به، ينتقل هذا المرض إليها! تكرر الأمر كثيرا، حتى أن امرأة حدثتها أنها تعاني من نزيف، صار عندها نزيف هي أيضا!

أرجو منكم توضيح هذا الأمر، وهل هناك حلول لمنع حدوث ذلك؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابن القيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على تواصلك مع الشبكة الإسلامية، وعلى هذا السؤال الهام جدا، وأعتقد أنه سوف يفيد من يطلع على الإجابة.

هنالك – أخي الكريم – بعض الشخصيات التي لديها تأثر إيحائي – أو ما نسميه بالتأثير الإيحائي على الإنسان – وهي: أن الإنسان قد يتماهى مع شخص آخر في مرض، في أشياء إيجابية، أو غير ذلك، والتماهي المرضي المعروف أن يحس الإنسان بنفسه أحاسيس شخص معين، هذا مؤكد ومعروف، وهذا نشاهده لدى الشخصيات التي لديها ضعف في البناء النفسي -أو ما يمكن أن نسميه بالهشاشة النفسية وسرعة التأثر- وهذه ظواهر وليست أمراضا.

الذي ينتقل للإنسان هو التخوف من المرض وليس المرض نفسه. حالة هذه الأخت قد تختلف قليلا، أنت ذكرت أن امرأة حدثتها أنها تعاني من نزيف فصار عندها نزيف، هذا وقع -أنا من وجهة نظري- مختلف نسبيا، وسوف أشرح ذلك.

إذا التأثير الإيحائي موجود، كثيرا من الناس مثلا يقرؤون عن الأمراض – أمراض القلب وخلافه – وتجده في اليوم الثاني يشتكي من ضيق في الصدر، تسارع في ضربات القلب، وهذه عملية فسيولوجية نفسية، وهذه الحالات تسمى بالحالات النفسوجسدية (Psychosomatic Medicine) مثلا: إنسان سمع أن شخصا ما قد توفي إلى رحمة الله، أول ما يسأل عنه ما هو مرضه، وحين يقال له كذا وكذا تأتيه فكرة أنه ربما مصاب أو أصيب بنفس هذا المرض.

هذا النوع من الناس موجودين، لدرجة أنه قد يحدث لهم ما يعرف بـ (المراء المرضي) يصبحون كأنهم عبارة عن كتب طبية وكتب تتكلم عن الأمراض، جميع الأمراض يشتكون منها، ويقرؤون عن ذاك ويسمعون عن ذاك، وهكذا.

أما في حالة هذه السيدة -أخي الكريم- التفسير الأقرب هو أنه ربما تكون شخصية تحمل سمات الاعتمادية بعض الشيء.

فيا أخي الكريم: أنا لا أريد أن أسيء إليها بأي حال من الأحوال، كلامي هو في النطاق العلمي. هناك بعض الشخصيات التي قد تستفيد من المرض، مثلا الشخص على مستوى العقل الباطني لا يريد أن يتحمل مسؤوليات، لذا تجده دائما يشتكي من المرض هذا أو ذاك، ومعظمها حالات تكون قد أصيب بها أناس حوله، وطبعا بعض الناس قد يدعون المرض أيضا، وبعض الناس قد يوقعون على أنفسهم المرض، يعني: أنا بكل أمانة وصدق أقول لك: في حالة هذه السيدة سوف أضع في الاعتبار أنها في الغالب قد قامت بجرح نفسها لينزل منها النزيف.

هذا الكلام -أخي الكريم- أنا أقوله لك بكل تقدير واحترام وفي الصيغة العلمية، وأرجو ألا تتهم هذه المرأة بذلك، لكن أنا أحاول أن أجد تفسيرا، فإما هو نوع من التماهي، لكن التماهي لا يؤدي إلى المرض نفسه، إنما يؤدي إلى الخوف من المرض. في حالات الانتفاعات الثانوية -أو المكاسب الثانوية كما نسميها- الإنسان قد يوقع المرض على نفسه، هذا شاهدناه كثيرا، وهذه حالات تقابلنا.

وعموما أيا كان أنا أنصحك -أيها الأخ الكريم- هذه السيدة جزاك الله خيرا وجزاها أرجو أن تعرض نفسها على مختص، لأن هذا النوع من المسلك المرضي حقيقة يعيق حياتها ولا شك في ذلك، وأحيانا قد يوجد اكتئابا خفيا، اكتئابا مقنعا، اكتئابا داخليا هو الذي يجعل الإنسان يتصرف بهذه الكيفية، أو تتساقط عليه هذه الأفكار الإيحائية وتؤثر عليه بدرجة كبيرة جدا، وتجد الإنسان يتنقل من طبيب إلى طبيب، أو ما يسمى بـ (دكتور شوبنج Doctor shopping)، وهذه لا شك أنها علة معطلة جدا للمريض ولمن حوله.

مرة أخرى -أخي الكريم- هذه السيدة لا بد أن تقابل طبيبا نفسيا، ولا بد أن تأخذ بما ذكرته سلفا من إرشادات، ومن جانبك عليك مساندتها، وتشجعيها على أن تجعل حياتها حياة فعالة، وتتجاوز تماما هذه الصعوبات الـ (سيكوسوماتي Psychosomatic) كما ذكرت لك، ووقع التأثير الإيحائي عليها لا شك أنه كبير، وهذا لا بد أن يتم التخلص منه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات