ما سبب التفكير المفرط في المرض وأعراضه؟

0 17

السؤال

السلام عليكم.

بارك الله فيكم، أعتذر مقدما عن الإطالة، وأتمنى أن يتسع صدركم لي.

لدي عدة مشاكل أغلبها نفسية منذ خمس سنوات، ورغم إدراكي لذلك، ومحاولتي دائما لعلاج نفسي بنفسي إلا أني أفشل في مرات عديدة، المشكلة الرئيسية هي التفكير المفرط في المرض، فكل عرض يصيبني يرعبني، فأفكر فيه وأنشغل به حتى يتضاعف بسبب تفكيري، مثلا: أعاني من القولون، فأتعرض لمشاكل في المعدة، فبمجرد تفكيري فيها تزداد الأعراض وتسوء.

عانيت منذ رمضان من آلام في الصدر على شكل نغزات تأتي خلال اليوم، وفي أماكن متفرقة من الصدر، وقد راجعت المستشفى، وبعد إجراء فحوصات الدم وتخطيط القلب، تأكدت أني بخير، ولا يوجد ما يدعو للقلق، لكن مشكلة النغزات ما زالت مستمرة، ومشكلتي التفكير المفرط حولها، حيث أتوهم أحيانا أني مكتوم، علما أني أتنفس جيدا، فأبدأ بمراقبة تنفسي، وهذا الأمر أرهقني كثيرا.

وكذلك جميع الأمراض التي أصاب بها، وحالة الوسواس التي ترافقها، أيضا أعاني من شيء من الرهاب الاجتماعي، أحيانا أتحدث بطلاقة، وأحيانا أخرى لا أستطيع النطق بحرف واحد، بل أصاب بالخوف والرغبة بالانسحاب، أتمنى أن أجد لديكم الجواب الشافي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khald حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: التفكير عند البشر يكون في طبقات، هنالك درجات عليا، وهنالك درجات دنيا، وهنالك أمور الإنسان يشغل نفسه أكثر مما يجب، وهنالك أمور أخرى لا يعطيها أهمية كثيرة، وحسب اختيار الإنسان؛ مثلا: الشخص يهتم بالعلم ويهتم بالمعرفة ويكون باحثا عن التميز لا بد أن تكون الشريحة أو الطبقة الأولى في تفكيره حول هذا الأمر، والذي يفكر في الأمراض ويفكر في الخوف ويكون متشائما لا شك أن هذه سوف تكون الطبقة الأولى في تفكيره، وبكل أسف الأشياء الأفضل والأهم والأفعل والأنجح تكون في طبقات الدنيا من التفكير.

فيا أخي الكريم: هذا الذي بك هو نوع من قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي، أنت أعطيته مساحة كبيرة في تفكيرك، بل جعلته الطبقة الأولى في تفكيرك، ولذا هيمن عليك وسيطر عليك وعطل حياتك، لا، هذا يجب أن يزاح، ويجب أن يستبدل بالأفكار التي تدعو إلى عظائم الأمور وإلى المعالي، أن تكون متميزا في علمك، أن تكون متميزا في خلقك، أن تكون متميزا في دينك، هذا يجب أن يأخذ الحيز الأكبر في وجدانك وفي تفكيرك، وإن اتبعت ذلك سوف تجد أن هذه المخاوف نزلت إلى الدرجات العليا في مسلسل وطبقات التفكير لديك.

ولا تنس أنك شاب، الله تعالى حباك بطاقات عظيمة، طاقات جسدية، طاقات نفسية، طاقات وجدانية، طاقات فكرية. فيا أخي الكريم: يجب أن تحدد موقفك من الحياة بصورة إيجابية، أنت ذكرت أنه ليست لديك وظيفة، فلماذا؟ من المفترض أن تكون في مرفقك التعليمي، تحضر لدرجة الماجستير مثلا، أو تكون في عمل، هذا أول أمر استوقفني، فلا بد أن تكون في عمل، في دراسة، وهذا يجب أن تعطيه أهمية كبيرة، أنت الآن متفرغ لهذه المخاوف ولهذه الوساوس التي لا قيمة لها.

فإذا أرجوك – أخي الكريم – أن تعدل طريقة تفكيرك، وتغير نمط حياتك، وتكون شخصا ذو همة عالية، تنظم الوقت، النوم يكون النوم الليلي، تتجنب السهر، تتجنب النوم النهاري، توزع وقتك حسب ما هو مطلوب، وقت للعمل، ووقت للقراءة، ووقت للترفيه عن النفس، ووقت للعبادة، ووقت للتواصل الاجتماعي المفيد، وبهذه الكيفية تكون قد جعلت لحياتك معنى، وهذا طبعا سوف يقضي على هذه الوسوسة.

وأيضا أنصحك بالحياة الصحية، الحياة الصحية تتطلب: ممارسة الرياضة، الغذاء المتوازن، كما ذكرنا النوم الليلي المبكر، الحرص على العبادات، التطلع الإيجابي في الحياة. فهذه هي طرق الحياة ونمطها، وهذه هي الوسائل التي تجعلك -إن شاء الله تعالى- تتجنب كل هذه المخاوف وكل هذه الإخفاقات النفسية البسيطة.

حتى تكتمل -إن شاء الله- الرزمة العلاجية الكاملة سوف أصف لك أحد الأدوية الممتازة، والتي أسأل الله تعالى أن يجعل لك فيها خيرا، وأن يعافيك، وأن يشفيك، الدواء يسمى علميا (سيرترالين) ويسمى تجاريا (زولفت) و(لوسترال)، وهو من الأدوية الفاعلة، من الأدوية الممتازة جدا، التي حقيقة أنصحك بالحرص عليها، تبدأ في تناوله بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – تتناولها ليلا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة كاملة، تستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات