أعاني من الرهاب الاجتماعي مما سبب إحراجا

0 12

السؤال

السلام عليكم

يا شيخ، أنا عندي مشكلة، وهي جدا تضايقني، وهي الوقوف أمام الناس وتقديم كلمة، أو القيام بشرح أي شيء في الجامعة، أو أقدم عرضا أو مقابلة أمام الناس.

كذلك حضور الحفلات، حتى صرت أرفض أن أحضر المناسبات بسبب الخجل والخوف من الوقوف أمام الناس، حتى إن يدي ترتعش وتزداد ضربات القلب, حتى إذا كان عندي تقديم عرض في الجامعة أجلس أفكر فيه وأتوتر وأتضايق.

لذا أرجو منكم وصف الدواء الذي ممكن أن ينفعني للتخلص من هذه المشاكل، حيث يكون دواء لا يؤثر على حياتي، ولا أدمن عليه.

جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إيمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الظاهرة التي تحدثت عنها ظاهرة معروفة، وهي أن الإنسان حين يواجه موقفا معينا ليس أمامه إلا أن يقلق ليكون أداءه أداء ممتازا، وهذا نسميه بـ (قلق الأداء)، يعني أن الجسد يحضر ذاته من خلال تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي – أو كما يعرف بالجهاز العصبي الذاتي، أو التلقائي، أو المستقل/ ANS – من خلاله تفرز مواد كيميائية خاصة، يأتي على رأسها مادة الـ (أدرينالين Adrenaline)، هذه المادة تؤدي إلى نوع من التحفيز الشديد بالنسبة للقلب ليضخ المزيد من الدم، ولينتشر الأكسجين في جميع الجسد – خاصة العضلات – مما يجعلها تكون أكثر قوة وقدرة على أداء مهامها.

هذه الظاهرة ظاهرة فسيولوجية طبيعية جدا، لكن عند بعض الناس يكون الأمر مبالغ فيه، ونسبة للحساسية الفكرية، نسبة للفكر التوجسي القلقي المسبق، مثلا الواحد يعتقد أنه سوف يفشل أمام الناس، أو أن الناس تراقبه، أنه سوف يفقد السيطرة على الموقف، أو أن أدائه سيكون أداء سيئا وسلبيا ... هذه الأفكار المسبقة تزيد من هذا الخوف الاجتماعي الظرفي، وهكذا نسميه، وأنا أحب أن أسميه (قلق الأداء).

لا أريدك أبدا أن تفهمي أن شخصيتك شخصية ضعيفة أو أن إيمانك قليل وضعيف، لا، أبدا، هذا غالبا خوفا مكتسبا نسبة لأفكار خاطئة، وعليه أنا أقول لك: صححي أفكارك، لا بد من شيء من القلق الإيجابي الجيد عند المواجهات، وهذا نسمه بقلق الأداء أو قلق الإنتاج.

الأمر الآخر: ما دام طلب منك أن تقدمي شيئا أمام الناس هذا يعني أنك أهلا لذلك، ولا تقللي من ذاتك أبدا، نعم يجب ألا نضخم ذواتنا، لكن في ذات الوقت يجب ألا نحقر منها، والإنسان هو الإنسان، أيا كان موقعه أو منصبه أو مكانته، فأرجو أن تصححي مفاهيمك.

أمر آخر: شعورك بالارتجاف أو التلعثم أو الخوف الشديد: هذا شعور داخلي خاص بك، وليس مكشوفا أو معلوما لدى الحضور. هذا أنا أؤكده لك.

أردت أن أوضح لك هذه الحقائق العلمية المهمة قبل أن أتحدث عن الدواء، وأنا أريدك أن تكثفي من هذه المواجهات، هذا مهم جدا، كثفي من المواجهات في الخيال، تصوري أنك تقدمين محاضرة، تصوري أنك أمام جمع من النساء، تقدمين مثلا محاضرة دينية، إرشادية، واعلمي أن جميع من يريد الخطابة أو التحدث أمام الناس يحضر لذلك، ويجمع المعلومات من كتب ومن هنا ومن هناك، ويستعد لما يريد القيام له، ... وهكذا.

إذا هذه المواجهات في الفكر مهمة جدا، لكن يجب أن تسترسلي، المواجهة في الفكر (الخيال) يجب ألا تقل عن ربع ساعة، تتخيلي الموضوع الذي ستتحدثين عنه، وكيف أنك قد قمت بالتحضير له، وكيف أنك دخلت القاعة، والناس كلهم ينظرون إليك ومشرئبين، ينتظرون أن يسمعوا منك أطيب الكلام، ثم بدأت واستفتحت ببسم الله تعالى، وأحسست بشيء من القلق البسيط في البداية، ثم بعد ذلك سارت الأمور على أحسن ما يكون. إذا التعريض في الخيال مهم جدا.

أيضا مراعاة حركات اليدين عند التحدث، ومراعاة نبرة الصوت وتعابير الوجه، هذه مهمة جدا أيتها الفاضلة الكريمة، ويجب أن تكوني إيجابية في ذلك.

بالنسبة للدواء: هنالك عقار يعرف تجاريا باسم (إندرال Inderal) ويسمى علميا باسم (بروبرانولول Propranolol)، دواء معروف جدا، يمكن أن تتناوليه بجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم عند اللزوم، هذا دواء بسيط جدا، لا يسبب الإدمان، وليس من وراء تناوله أي شيء سلبي.

مارسي أيضا رياضة المشي وتمارين الاسترخاء، كلها أشياء مفيدة بحول الله وقوته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات