وسواس المرض والوضوء وضرورة علاجه دوائيا وسلوكيا

0 12

السؤال

السلام عليكم

أرجو أن تساعدوني؛ لأنني تعبت من حالتي.
أنا فتاة متزوجة، وعمري ٢٣ سنة، ولدي طفلان، بدأت مشكلتي مع الوسواس منذ فترة ما يقارب السنة، أصيبت إحدى معارفي بسرطان الثدي، وعندها بدأ وسواس المرض بإنه سيصيبني أنا أيضا، وبدأت تظهر الأعراض عندي، قمت بالفحوصات اللازمة، وتبين أنني سليمة، وأصبحت كلما سمعت بمريض تأتيني أفكار بإنه سيصيبني أنا أيضا، وبعد شهر رمضان إزداد أكثر مرضت فجأة، وكنت أفكر أنني أصبت بكورونا وبعد الفحوصات تبين عدم إصابتي، لكن تأثرت صحتي كثيرا وخصوصا معدتي.

منذ شهر رمضان١٤٤١ بدأ عندي وسواس بالوضوء، فأعيده لأربع أو خمس مرات، وإذا لمسني شخص أعيده كذلك، وأفكر أنه نقض وضوئي.

كذلك صرت حساسة لكلام الناس وإذا سمعت بأن أحدهم تكلم عني أبكي وأفكر لما تكلموا عني؟
توفي والداي وأنا صغيرة وأصبحت أخاف على إخوتي كثيرا، وأفكر بأمور حياتهم كثيرا، وهذا يتعبني جدا وتأثرت صحتي بسببه، فهل له علاقة بالوسواس؟ وما هو العلاج هل أحتاج لعلاج دوائي أم يكفي السلوكي؟ مراجعة مختص نفسي في بلدي أمر صعب، أفيدوني أثابكم الله.

الاستشارة تخص فتاة غير المرسلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بلقيس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

حالتك إن شاء الله بسيطة، والذي يظهر لي أنك شخصية حساسة ولديك ميول نحو القلق، وهذه كلها -إن شاء الله- رحمة في القلوب.

الخوف من الأمراض خاصة السرطان أصبح علة منتشرة جدا، والإنسان الذي لديه الميول للقلق وللتوتر وحساسية الشخصية دائما يكون عرضة لهذه الأعراض.

لديك بعض الوساوس – كما تفضلت – حول الوضوء، وكذلك مخاوفك على إخوتك بعد وفاة والدك وأنت صغيرة، نسأل الله له الرحمة والمغفرة.

خلاصة الأمر أستطيع أن أقول أنك تعانين من حالة تسمى بـ (قلق المخاوف الوسواسي) من الدرجة البسيطة، حيث توجد درجة متوسطة، ودرجة شديدة ودرجة مطبقة، وأنت الحمد لله حالتك حالة بسيطة جدا، وأنا أقول لك: حقري هذه الوساوس، حقري هذه المخاوف، لا تدخلي في نقاشها أبدا مع نفسك، الخوف من المرض تتعاملي معه من خلال اليقين أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، والإنسان يسأل الله تعالى أن يحفظه، وتعيشي حياة صحية من حيث ترتيب الطعام، ومن حيث ممارسة الرياضة، كرياضة المشي، وتحسني إدارة وقتك، والصلاة في وقتها، تتجنبي السهر، وتقومي مثلا بمقابلة طبيب الأسرة أو طبيب الباطنية مرة كل ثلاثة أشهر من أجل الإجراء الفحوصات الدورية العادية.

الإنسان حين يطبق هذه المبادئ حقيقة يحس بطمأنينة، وفي ذات الوقت تحرصي على الأذكار وعلى وردك القرآني، مهم جدا، الأذكار والدعاء يبعث في الإنسان طمأنينة كبيرة.

الوساوس لا تتبعيها، إنما تحقريها وتكوني صلبة جدا في رفضها، وبالنسبة لوساوس الوضوء: يجب أن تحددي كمية الماء، لا تتوضئي من الحنفية أو الصنبور، حددي كمية من الماء في إناء أو إبريق، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بكمية قليلة من الماء، قدرها العلماء في وقتنا الحاضر بأنها لتر إلا ربع، فحين تحددي كمية الماء سوف تتيقني أن هذا الماء سوف يكفيك، وبعد أن تبدئي في الوضوء أكدي الفعل الذي قمت به، مثلا عند غسل اليدين قولي: (غسلت يدي) وعند المضمضة (أنا الآن قد تمضمضت)، (أنا الآن قد استنشقت)، (أنا الآن قد استنثرت)، (أنا الآن قد غسلت وجهي) ... وهكذا تؤكدي على نفسك الفعل الذي قمت به، وتعرفي أن كمية الماء محدودة، وليس لديك أي ماء إضافي، هذا إن شاء الله تعالى يجعلك تتوضئين بالصورة الصحيحة.

بعض الناس أنا أقول لهم أيضا: حين تقوموا بالوضوء وبكمية الماء المحدودة هذه يمكن أن تصوروا أنفسكم عن طريق التليفون، ثم تعيدوا بعد ذلك مشاهدة الفيديو الذي قمتم بتسجيله، فقومي بتصوير نفسك حين تقومي بالوضوء، وسوف تجدين أن أداءك ووضوءك كان صحيحا مائة بالماء، هذا يدعم تماما محاربة الوسواس، ولا بد أن تعلمي أن الإسراف مذموم.

أرجو أن تحسني إدارة وقتك، هذا مهم جدا، وعيشي الحياة بإيجابية كما ذكرت لك، لا مانع أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة، دواء ممتاز مضاد لقلق المخاوف الوسواسي، الدواء يسمى تجاريا (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام)، تبدئي في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولي الخمسة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة (عشرة مليجرام) لمدة شهرين، ثم اجعليها عشرين مليجرام (حبتين) يوميا لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

هو دواء سليم، وفاعل، ومضاد لقلق المخاوف الوسواسي، وهو غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية أبدا، قد يفتح الشهية قليلا نحو الطعام.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات