عانيت في حياتي من الوساوس والخوف ونوبات الهلع، فهل هناك حل للتخلص منها؟

0 11

السؤال

السلام عليكم..

أشكركم جميعا على هذا الموقع الذي ساعدني في كل الاستشارات الدينية والنفسية والطبية، وجزاكم الله خيرا.

مشكلتي بدأت عندما كان أهلي يخوفوني من العذاب وأنا صغيرة لكي أصلي، كنت دائما خائفة جدا من كل شيء، وكبرت ونسيت، ولكن كنت سريعة البكاء والتوتر والخوف.

عانيت من وسواس العقيدة والمخاوف في المرحلة الإعدادية، كنت أخاف الخروج من المنزل، وكنت أكره نفسي؛ لأني أفكر في هذه الأشياء، لم أكن أعلم أنها وساوس.

قطعت علاقتي بكثير من أصدقائي لخوفي من الاتصال بهم؛ لأن أهلي كانوا يقصون علي قصة شابة تكلمت في الهاتف وماتت فجأة بعدها، لكني تناسيت ذلك بالانشغال في الثانوية.

رجعت الوساوس بعد وفاة أبي، وكانت وساوس موت، مع كثير من الأعراض الجسدية والنفسية ونوبات الهلع والقلق والخوف والذهاب لكثير من الأطباء، لكني قرأت أن علي أن أحقرها، وحقرتها.

مشكلتي تكمن أنني لا أعرف لماذا تزيد الوساوس مع فصل الصيف تحديدا؟ هل بسبب الجو أم الفراغ؟
في فصل الشتاء أكون بخير تماما، وأنسى أني كنت أوسوس أصلا حتى إذا كان عندي فراغ.

وعندما يأتي الصيف أدخل في نفس الدوامة مرة أخرى، فهل يمكن لتمارين الاسترخاء أن تساعد؟ وهل يمكنني أن أتشافي من ذكريات الماضي والتخويف من العذاب؟

وأريد أن تدلوني على وسائل ترفيهية مباحة لكي لا أقع في الفراغ والفكر الوسواسي.

كما أني بحثت عن عمل ولكن بلا جدوى، علما بأنني أخاف من التغير جدا، وأخاف الخروج مع صديقاتي، فقط أخرج لأشياء معينة فقط، وأخاف عندما يتصل بي أحد أو أن أقابل أحدا بالصدفة!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

رسالتك رسالة طيبة وجيدة، وحسنة الصياغة والتنسيق.

التدرج في الأعراض واضح جدا، بدأت هذه المخاوف وهذه التوترات ثم الوساوس، وكل هذا أنت ترين أن موضوع التخويف من العذاب وأنت صغيرة لكي تلتزمي بالصلاة ربما كان له وقع سلبي على صحتك النفسية.

هذا قد يكون أحد الأسباب حقيقة، لأن التعرض للمخاوف الشديدة الغير مبررة ربما تؤدي إلى هشاشة نفسية في وجدان النسان وكيانه ومداركه المعرفية، وهذا قد يظهر – كما تفضلت – في شكل مخاوف، وفي شكل وسوسة.

والوساوس الدينية دائما هي دليل على أن الإنسان يحاول أن يكون مجيدا في عباداته، لكن الأمر ينقلب لضده، والأحداث الحياتية الكبيرة قطعا تستجلب الوساوس، فمثلا: وفاة الوالد – عليه رحمة الله – أتتك بهذه الاجترارات الوسواسية حول الموت.

عموما: أنا أرى أن الحالة إن شاء الله يمكن احتوائها، لأن مقدراتك واضح أنها متميزة، لديك فكر، لديك قدرة على الصياغة، لديك تنسيق، وهذا شيء جميل يحسب لك.

طبعا المبادئ العلاجية الرئيسية تقوم على مبدأ: أن الإنسان هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، لنعالج أنفسنا: الفكر السلبي يجب أن نستبدله بفكر إيجابي، والمشاعر السلبية يجب أن نستبدلها بمشاعر إيجابية، ويجب أن تكون أفعالنا أفعال جيدة، مهما كان الشعور بالإحباط، لكن الإنسان يجب أن يدير وقته بصورة ممتازة، ونعطي كل مهمة حقها، (العبادة في وقتها، الرياضة في وقتها، الترفيه عن النفس، ومن له عمل يعمل، ومن له تعليم يتعلم ...) وهكذا.

فإذا هذه هي النصيحة العامة والمهمة التي أرجو أن أؤكدها لك، وأحسب أنك على دراية بذلك.

بعد ذلك أي فكر وسواسي أو أي مخاوف لا تخوضي فيها، لا تناقشيها، إنما خاطبيها: (أنت فكرة حقيرة، لن أخوض فيك أبدا) وهكذا.

في بدايات الفكرة حين تكون خاطرة هاجميها مهاجمة صارمة جدا، واصرفي انتباهك عنها، فكري في شيء آخر، وادخلي فيما نسميه بالاستغراق الذهني، هذا مهم جدا، يجب أن تقرئي عنه، وأعتقد أنه سوف يساعدك كثيرا.

التمارين الرياضية، والتمارين الاسترخائية قيمتها كبيرة جدا، والوسائل الترفيهية كثيرة بالنسبة لك أنت كفتاة مسلمة، الرياضة مثلا داخل المنزل، رياضة المشي شيء ممتاز، البرامج المفيدة على الكمبيوتر، البرامج التلفزيونية المفيدة، هذا أيضا فيه نوع من الترفيه الجيد والمفيد جدا.

التواصل مع أصدقائك شيء ممتاز، والإنسان الذي يقوم بواجباته الاجتماعية دائما يجد في ذلك خيرا كثيرا، وسوف يطور شخصيته، وهذا يساعدنا على التغير، والتغيير يأتي منا، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، ونحن نغير أنفسنا من خلال هذه الآليات.

فإذا المجالات مفتوحة ومتاحة، الانضمام لعمل خيري، الانظمام لمركز لحفظ القرآن، البحث عن عمل – كما تفضلت – الدخول في دراسات عليا، هذا كله متاح ومفيد.

وأنا حقيقة أريد أن أنصحك بأن تتناولي دواء؛ حيث توجد أدوية فاعلة وممتازة، وتساعدك كثيرا بجانب العلاج السلوكي التأهيلي.

ومن أفضل الأدوية التي تفيدك عقار يسمى (سيرترالين) ويسمى تجاريا (زولفت) أو (لوسترال) أو (مودابكس)، تبدئين في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما – تتناولينها كجرعة بداية لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة واحدة (خمسين مليجراما) لمدة شهر، ثم حبتين (مائة مليجرام) يوميا لمدة شهرين، ثم حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات