أعاني من اكتئاب وضغط عصبي بسبب والدي!

0 9

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قد سألتكم قبل أشهر عن حالتي الاكتئابية وأخبرتموني بان اكتئابي لا يحتاج إلى دواء معين.

ألخص لكم حالتي مرة أخرى: أنا منذ التزامي واجهت ضغوطات كبيرة من قبل والدي بسبب تديني، منعني من النوافل والتفرغ لطلب العلم، فعانيت من ضغط عصبي وقلق وخوف من استمرار الحال في المستقبل، مع أنني على يقين أن الله سيفرج كربتي.

أحس أن حياتي مقيدة بما يقول لي والدي، وأخاف كثيرا من أي فعل يسبب شيئا من العقوق، وحاليا أدرس دراسة مادية في الجامعة إكراها من الوالدين، وحتى اللباس أنا مقيد به، وهذا سبب لي القلق والضغط العصبي والحزن المستمر منذ سنوات طويلة إلى أن أدت إلى حالتي هذه.

فقدت علو الهمة والإرادة في طلب العلم الذي كان أحب شيء إلي، كنت أقرأ 10 ساعات ما بين حفظ ومراجعة ومطالعة، والآن لا أقدر ولا على مراجعة القرآن، الحزن والقلق و الضغط العصبي المستمر، الخوف وتخيل أحداث سيئة قد تقع في المستقبل، النوم الكثير حتى لا أستيقظ لصلاة الفجر، قضاء أوقات طويلة مع الجوال حتى أنسى مشاكلي، عدم الاستمتاع بالحياة، أعاني من كل هذه الأعراض، فبماذا تنصحونني؟ علما أني لا أريد مراجعة الطبيب النفسي، وأستحي من ذلك.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أخ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع، وأؤكد لك أن رسالتك قد نالت الكثير من الاهتمام من جانبنا، فهي رسالة هامة، وحقيقة أنا أتعاطف معك جدا، وأبشرك في ذات الوقت أن لكل مشكلة حلا -إن شاء الله تعالى-، والإنسان إذا أراد أن يتواءم مع ظروفه وحاول وكرر المحاولات ولم يجد طريقة؛ فهذا لا يعني لا يوجد حل، الحل موجود، لكن يظهر أنه قد يحتاج للمزيد من المحاولات.

عموما: أنت بالفعل لديك شيء من عسر المزاج، وظهور موضوع النوم الزائد؛ هذا دائما نراه في حوالي خمسة إلى عشرة بالمائة من حالات الاكتئاب غير المصنف، والبعض يسميه بالاكتئاب المعاكس أو الاكتئاب ذي السمات المخالفة، وهو يعالج بصورة ممتازة جدا، خاصة هنالك أنوع معينة من الأدوية مثل العقار الذي يسمى (ويلبوترين Wellbutrin، بوديبريون Budeprion) أو العقار الذي يسمى (بروزاك prozac / فلوكسيتين Fluoxetine)، كلاهما من الأدوية المتميزة جدا التي تحسن من الدافعية عند الإنسان، وتعالج هذا النوع من الاكتئاب. هذا أمر -إن شاء الله- حتمي وسوف أصف لك الأدوية.

لكن في ذات الوقت أريدك أن تستمر في مجاهداتك السلوكية، أنت المشكلة الأساسية من وجهة نظري أنك تواجه الكثير من التناقضات: رغبة الوالد الذي يخاف عليك من التطرف، لا أعتقد أن والدك ينهاك عن أن تكون على طريق العقيدة السليمة، وأن تحرص على عباداتك، لكن في ذات الوقت يخاف عليك من بعض الانجرافات التي قد تحدث إذا أصبح الإنسان متشددا أو متنطعا في الدين. أنا أعتقد أن هذا هو تحليلي للأمر، وأنت -إن شاء الله تعالى- تستطيع أن تحاول أن تطمئن والدك حول مخاوفه، وتتكلم معه بصراحة في هذا الموضوع أنك تريد أن تأخذ العقيدة الصحيحة السليمة، وتطمئنه أنك -إن شاء الله تعالى- لن تدخل في أي نوع من التلوث العقلي أو العقدي الذي يقود للانجرافات الخاطئة.

من خلال الحوار الجيد تستطيع أن ترضي والدك، وأنا أنصحك بأهمية التفاعل الاجتماعي مع الأسرة، هذا يعطي إشارات إيجابية جدا لوالدك ولأسرتك.

حاول أن تكون مع أسرتك، أن تكون متفاعلا، ألا تنزوي، ألا تجعل نفسك غير متفاعل مع الأسرة، هذا مهم جدا، لأن بعض المتدينين -بكل أسف- من الشباب قد ينقطع عن الدنيا، وهذا أمر ليس من ديننا حقيقة، لا رهبانية في الإسلام.

التفاعل الإيجابي مع الأسرة مهم جدا، أن تقترح بعض المقترحات الجيدة، أن تمزح، أن تتفاعل. فأنا أرجوك أن تسير على هذا الخط، وهذا مهم جدا، وأسأل الله تعالى أن يثبتك على المحجة البيضاء.

الدراسة: لا بد أن تجتهد في الدراسة، العلم مهم جدا، والإنسان قد يفقد كل شيء في حياته (المال، العمارات، والسيارات ...) لكن الدين والعلم فلا أحد ينزعهما عنك أبدا.

لذا احرص على الدراسة، احرص على أن تزود نفسك من علوم الدنيا، بنفس المستوى من علوم الدين.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أن تصحيح المفاهيم لديك مهم جدا على الأسس التي ذكرتها لك، وأعتقد أن عقار (بروزاك prozac) والذي يسمى علميا (فلوكسيتين Fluoxetine) سوف يكون دواء جيدا بالنسبة لك، حيث إنه غير إدماني، وغير تعودي، وفي ذات الوقت يعالج نوعية الاكتئابات المخالفة هذه التي تتميز بافتقاد الدافعية وكثرة النوم.

تبدأ البروزاك بجرعة عشرين مليجراما يوميا لمدة شهر، وبعد ذلك تجعلها كبسولتين يوميا، وأراها هي الجرعة المفيدة في حالتك، تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات