الوسواس القهري تسرب لكل شيء في حياتي وصار يعيقني عن التفكير!

0 11

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
سأبدأ من النهاية ثم أرجع إلى البدايات.

معاناتي الحالية هي الوسواس القهري، الوسواس تسرب لكل شيء في حياتي، حتى أنني أعاني منه في كل حركة وسكنة، وصار رفيقي 24 ساعة، لا أستطيع التوقف عن التفكير في كل شيء وكل قول وكل فعل حتى في النوم، وصار يعيقني عن التفكير الصحيح، وأوقعني في مشاكل كبيرة في حياتي الاجتماعية والمهنية والدراسية.

وحاليا أنا معوق عن الاستمرار في الحياة بشكل طبيعي، وطالما تمنيت الموت وأن أريح وأستريح، وهذا الوسواس تطور على مدى 12 سنة، كانت البداية الوسوسة في الصلاة والطهارة والعقيدة، ثم تخلصت من هذه فظهر بأشكال أخرى حتى تسرب لكل تفاصيل الحياة، عندما أحاول التخلص من الوسواس وأجمع كل ما أوتيت من قوة لأتخلص منه أقرر في لحظة قوة، ولكن بعد ثوان فقط أنتكس، وأحيانا تستمر المعركة معه فيخف الوسواس قليلا ولكن يأتي الاكتئاب ليحل محله، وأصبح معه فاقد الرغبة بالحياة كأني في حلم، ثم ليعود الوسواس وترجع حياتي الطبيعية معه! فصرت يائسا من التخلص منه بعد هذه المعارك والفشل.

أما البدايات: كنت ولدا ذكيا ناجحا متفوقا مبدعا، وكان يضرب بي المثل في التفوق والنجاح والحرص، ومع هذا كنت أعاني وحدي من الاكتئاب وأحس بالوحشة والغربة والخوف أحيانا وخاصة عند النوم والليل، لا تسألني لماذا تعاني وحدك، فأنا أصلا لم أكن متعودا على الكلام حتى أشارك أحدا آلامي وأوهامي إلا قليلا، لم أتعود أن أحادث أهلي أو أكون صديقهم بسبب تربية أبي القاسية وعدم محداثته لنا، أحس أن حياتي وقدراتي ذهبت هباء منثورا.

والله الموفق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي: الأمل دائما موجود، ورحمة الله واسعة، والله لطيف بعباده، أنا أؤكد لك أن علاج الوسواس متوفر وموجود بصورة ممتازة، لكن يجب أن يؤخذ الأمر بجدية، كثير من الإخوة الذين يعانون من الوساوس تجد أن التردد والشكوك ومحاورة النفس تهيمن عليهم حتى في تلقي العلاج، حتى في اتباع الإرشادات.

فيا أخي الكريم: أنا أؤكد لك أن العلاج متوفر، وفي حالتك العلاج الدوائي مهم جدا ويجب أن تبدأ به؛ لأن الوسواس لمدة 12 عاما ومع ظهور أعراض اكتئابية؛ هذا يعني أن المكون الكيميائي الدماغي هو الأساسي، يعني أن كيمياء الدماغ عندك أصبحت مضطربة، التوازن الخاص بمادة السيروتونين – التي تفرز من الموصلات العصبية – أصبح يحتاج لشيء من التعديل والتنظيم.

فيا أخي الكريم: ابدأ بالعلاج الدوائي المكثف، وبعد أربعة أسابيع من بداية العلاج الدوائي ابدأ في البرامج السلوكية التي تقوم أولا على مبدأ تحقير الوسواس، وعدم الخوض في حوار الوسواس، التجاهل التام له، وصرف الانتباه عنه، وتنفيره بالآليات العلاجية السلوكية المعروفة، وأن تكون حريصا جدا أن تجعل حياتك فعالة، الحياة الفعالة تقلص تماما اهتمام الإنسان بالوسواس، لأن الوسواس يتصيد الناس من خلال الفراغ الذهني أو الفراغ الزمني.

طبعا إذا ذهبت إلى طبيب نفسي هذا سوف يكون وضعا طيبا ومثاليا، لأن الوسواس أيضا مرض يحتاج للمتابعة، وإذا لم تستطع الذهاب إلى الطبيب فأرجو أن تبدأ في تناول العلاج على الأسس الآتية:

هنالك عدة أدوية، ستة أو سبعة أدوية، كلها فاعلة في علاج الوسواس، نحن دائما نبدأ بتناول الـ (بروزاك/فلوكستين) دواء رائع، تبدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجراما (كبسولة واحدة) يوميا لمدة أسبوع، ونفضل تناولها نهارا بعد الأكل، ثم بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم، وبعد شهر اجعلها ثلاث كبسولات في اليوم، ستين مليجراما يوميا هي الجرعة العلاجية لعلاج الوسواس القهري.

وبعد مضي أسبوعين وأنت على البروزاك ابدأ في تناول دواء آخر يسمى (رزبريادون) تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلا، وهذه تكون لمدة شهر، ثم تجعلها اثنين مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الرزبريادون.

أما البروزاك بجرعة ستين مليجراما يوميا – أي ثلاث كبسولات – يجب أن تستمر عليه في حالتك لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك تنتقل لتجعل الجرعة كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة عام، ثم تجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، الدواء سليم، فاعل، وغير إدماني.

هذا هو الوضع حقيقة الذي يناسبك من خلال تقييمي لك حسب المعلومات المتوفرة، لكن قد تحتاج لإضافة أدوية أخرى، المهم أن يكون هنالك التزاما تاما، تعطي فرصة للدواء ليبني كيميائيا، وفعالية الدواء سوف تبدأ تقريبا بعد شهر إلى ستة أسابيع من بداية العلاج، وبعد ذلك تبدأ جهدك السلوكي كما ذكرت لك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات