أعاني من الخوف الشديد الذي أفقدني لذة الحياة، أرجو المساعدة.

0 22

السؤال

السلام عليكم

أتت لي حالة خوف أنني أعاني من مرض خطير في الصدر، وأصبحت تأتيني حالات ضيق تنفس، وخوف، وعندما طمأنني الطبيب لم تذهب مني حالة الخوف الشديد، وشعرت بثقل في الرأس، وخفت أن تكون عندي أورام بالمخ، وطمئنني الطبيب أيضا، وتأكدت بأنني لست مريضا.

وبعد كل هذه الحالات والخوف أحسست أنني مكتئب، ولا أشعر بأي لذة في الحياة، وفقدت الرغبة الجنسية، وكل شيء كنت أحب القيام به لم أعد أحبه، وتغير حالي، وأحسست أن فكري مشتت، وأصبحت أخاف من أشياء مثل: الفراغ العقلي، وأنني لا أجد شيئا أفعله، وحياتي فارغة، وأحس أنني لن أستطيع التعامل مع الحياة بدون أبي، وأمي وعائلتي.

أحس أنني لا أستطيع التفكير، وأصبحت أخاف من أن أفقد عقلي، وأن أصاب بحالة نفسية لن يستطيع أحد أن يعالجني منها، أو أن مرضي مرض نفسي جديد لا يوجد له علاج، وسوف أعيش بقية حياتي في هذا المرض، وتأتيني حالة أعتقد فيها أنني أنسى كل شيء، وأطمئن نفسي، وأقول لها: إنني أتذكر أشياء مثل أسماء عائلتي، وذكريات كثيرة، الخ.

والآن أصبحت أشعر بشدة الخوف، والقلق، والرهبة، والخوف من أشياء غير مفهومة، أو لا وجود لها، مثل: أنه يوجد طنين في أذني وسوف يزداد، وأشعر بخوف شديد، وهلع، وقلق، وتدهور مستواي في الدراسة بعد أن كنت متفوقا، وأصبحت أواجه صعوبة في الحياة، وحياتي فارغة ليس لها معنى، وأحس بأن شخصيتي تغيرت، ولم أعد كما كنت، ولا أحس براحة البال، وأحس بأنه حدث تغير في البيئة التي أعيش فيها، وأنه سادها الاكتئاب والقلق والخوف.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: الحالة -إن شاء الله- بسيطة وليست خطيرة، وأنت قد وصفتها بصورة جيدة جدا، الذي تعاني منه نسميه (قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي)، ودائما تكون البدايات أن يعتقد الإنسان أنه مريض مرضا خطيرا وشيء من هذا القبيل، وبعد ذلك يبدأ الخوف يستشري ويتشعب، وبعض الناس تأتيهم نوبات هرع وهلع، والبعض يدخل في دوامة الوساوس، فكرة تأتي وفكرة تذهب، وتكون هنالك مخاوف وتأويلات مرضية خاطئة.

هذا هو الذي حدث لك بدقة، ولديك أعراض نسميها (أعراض نفسوجسدية) الشعور بالطنين في الأذن، وكل الأعراض الأخرى حقيقة تتطابق تماما وتوفي بالمعايير التشخيصية لما نسميه (قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي).

أنت ذكرت شيئا جميلا جدا أعجبني تماما من الناحية العلمية والإكلينيكية، وهي شعورك بأن حياتك فارغة، بالفعل الخوف يعطي الإنسان هذا الشعور، وشعورك أيضا بأن شخصيتك قد تغيرت، وأن البيئة التي تعيش فيها قد تغيرت، هذا نسميه (التغرب عن الذات)، والبعض يسميه (اضطراب الأنية)، وهو مصاحب لقلق المخاوف.

فمن خلال هذا الشرح من حيث نوعية التشخيص أرجو أن تطمئن.

العلاج بسيط جدا، ويعتمد عليك حقيقة، أولا: يجب أن تحقر هذه الأعراض تماما، لا تناقشها، أنت -الحمد لله- بخير.

اذهب إلى طبيب الأسرة مثلا أو طبيب الباطني وأجري فحوصات عامة، للتأكد من مستوى الدم، ووظائف الكلى، ووظائف الكبد، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى الدهنيات، ومستوى فينتامين (د)، ومستوى السكر في الدم.

هذه الفحوصات الأساسية حين يجدها الإنسان طبيعية -وأحسب أنها في حالتك سوف تكون طبيعية جدا- هذا يبعث طمأنينة كبيرة جدا عند الإنسان، ويمنعك -إن شاء الله تعالى- من التنقل بين الأطباء، لأن قلق المخاوف من الأمراض في حد ذاته يجعل الإنسان يدور بين الأطباء وبين العيادات، وتأتيه تفسيرات مختلفة من الأطباء، وهذا يؤدي إلى المزيد من التعقيدات في الحالة، فأنا أريدك أن تتجنب هذا تماما.

الأمر الآخر: أريدك أن تعيش حياة صحية، أولا أنت صغير في السن، الحياة الصحية تتطلب أن تمارس الرياضة بانتظام، أن تنظم غذاءك، وأن تكون حريصا على النوم الليلي المبكر، أن تبحث عن عمل، أن تكون لك صلات مع الأصدقاء، وأن تقوم بواجباتك الاجتماعية، أن تحرص على صلاتك في وقتها، خاصة الصلاة مع الجماعة، أن تتفاعل مع الأسرة إيجابيا، وتكون لك مساهمات طيبة داخل البيت، وتكون بارا بوالديك.

بهذه الكيفية تكون قد نقلت نفسك، وتصبح الوسوسة والخوف من المرض ليست أسبقية، إنما الأسبقية هي أن تعيش حياة طيبة وناجحة، وهذا سوف يحسن لديك الدافعية، هذه طريقة ممتازة جدا.

وحتى ترتاح تماما من هذه الأعراض سوف أصف لك أحد الأدوية المتميزة والسليمة، الدواء يسمى (سيرترالين)، هذا هو اسمه العلمي، وله مسميات تجارية كثيرة منها (زولفت) و (لولسترال)، ويمكن أن تجده في بلدكم تحت مسمى آخر، تبدأ في تناول السيرترالين بجرعة نص حبة -أي خمسة وعشرين مليجراما- يوميا لمدة عشرة أيام كجرعة بداية، ثم تجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين يوميا -أي مائة مليجرام- تستمر عليها لمدة شهرين، ثم تجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات