أشعر أن كل أعمالي الصالحة لن تقبل بسبب صراخي على أمي، ما رأيكم؟

0 17

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أن طالب عمري 22 سنة، مقبل على التخرج هذا العام في معهد التمريض.

مشكلتي أناني لا أستطيع امتلاك نفسي وأغضب من تصرفات أمي، رغم محاولاتي العديدة، ولا أستطيع التحاور مع والدي، خاصة هذا العام تصرفاتهم تغيرت معي.

أود أن أنصحها وأقدم رأيي، لكنها تقمعني، وتستخدم ألفاظ تغضبني، فأضبط نفسي وأتكلم، وأنصحها وأفسر لها، وأوضح لها أخطاءها.

لا أريد أن أكون عاقا لوالدي، لكنها تبكي دون سبب، فقط إن نصحتها، ولو كان كلامي صحيحا، هذا الأمر يغضبني، فأمي وعيها قليل، وتفرق بيني وبين أختي الصغيرة، مع أنني الولد الوحيد للعائلة.

لا تهتم لأشياء كثيرة، وأحيانا تكون أنانية، وتعتقد أن الدين يسر، فقد تقرأ القران ثم تقطعه لتكمل حديثها مع شخص آخر، وتقول لي: مهما صرخت ووقع ما وقع فسوف نتجاوز هذا، وسوف تكون راضية عني، وهي لا تحترمني، وتنظر لي نظرات غير لائقة، أليس هذا نفاق؟

لا تراعي نفسيتي، وفي المقابل لا ترض بالصراخ في وجه أختي، والأمر يرهقني، ويشكل عائقا في الدين، أحس أنني مهما أصلي وأقرأ القران وغيرها من الأعمال لن يقبل شيء، لأنني أغضب وأصرخ في وجه أمي، مع العلم أنني قديما كنت مريض وتعالجت بالرقية الشرعية دون أطباء نفسانيين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زكريا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الابن الفاضل- ونسأل الله أن يعينك على النجاح في الحياة، وأن يعينك على بر والديك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن كبار السن -الوالد والوالدة- يحتاجوا إلى نوع معين من التعامل، ويحتاجوا كذلك إلى رفق وإحسان، كما قال ربنا العظيم: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} يعني: تناديهما (يا والدي، يا والدتي، يا أبت) يعني هذه الكلمات الجميلة.

وحتى لو وقع الوالد أو الوالدة في معصية فإن النصح لهم ينبغي أن يكون بمنتهى اللطف، كما فعل خليل الرحمن لوالده الذي كان يعبد الأصنام، بل كان سادنا وقائدا لعبدة الأصنام، ومع ذلك قال الخليل: {يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ... يا أبت}، يلاطفه عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه، وعند اشتد عليه أبيه وقال: {قال أراغب أنت عن آلهتي ياإبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا}، ماذا فعل الخليل؟ كان في نهاية اللطف، قال: {قال سلام عليك} (سلام عليك) يعني: لن يصلك مني أذى أو ألم أو شيء يؤذيك، {سأستغفر لك}، زاد على ذلك {سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا}، إذا كان بعدي يرضيك {وأعتزلكم}.

ولذلك ينبغي أن تتخذ من قصة إبراهيم الخليل مع أبيه منهجا وأسوة في هذا، وعليه: الإنسان ينصح الوالدة، فإذا جاءت بوادر الغضب ابتعد عنها، ثم قدم لها صنوف من البر والإحسان، ثم كرر النصح لها مرة ثانية، واجتهد في أن تتواصل مع أختك الصغيرة، إذا كان سبب الغضب هو المشاكل بينك وبين الصغيرة فتفادى هذه المشاكل مع الصغيرة، فهي شقيقة لك، لا تنساها من الهدايا والكلمات الطيبة، عاملها المعاملة الحسنة، ثم توصل لها النصائح حتى لا تجعل هذا سببا لغضب الوالدة، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يعينك على الصبر على الوالدة، لأن الصبر على الوالدين أيضا من البر ومن الإحسان لهما، وإذا لم يصبر الإنسان على والده ووالدته فعلى من يكون الصبر، -والحمد لله- إذا كانت الوالدة تعلن أنها سترضى عنكم، وهذا قلب الوالدة دائما سريعة الرضا، كما هي تسارع إلى الغضب.

فتفادى غضبها، واجتهد في إرضائها، وتوكل على الله، واستمر في حياتك، وأفعل ما تستطيع، واعلم أن حق الوالدة يظل حتى وإن كانت الوالدة مقصرة في أمر الدين أو في أي أمور، تظل والدة ويجب على الإنسان أن يحسن إلى والده وإلى والدته حتى ولو كانوا على غير الإسلام، قالت أسماء للنبي صلى الله عليه وسلم: أتتني أمي وهي مشركة، أفأصل أمي؟ قال: (نعم، صلي أمك)، فكيف إذا كانت هذه أم مؤمنة تقرأ القرآن، كيف ما كان التقصير منها تظل والدة لها الحقوق الكاملة.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونحن نشكرك على هذا السؤال الذي يدل على ضمير حي، ورغبة في الخير، وخوف من العقوق، وهذا يدل على أنك على خير، فاستكمل هذا الخير وتسلح بالصبر، وتسلح بالحكمة، وتفادي ما يجلب الاحتكاك بينك وبين أختك الصغيرة، حتى لا تغضب الوالدة.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات