السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب في الجامعة، درست إدارة أعمال، وقد تعلق قلبي بامرأة جميلة تعلقا شديدا لمدة سنتين، علما أنني لم أتحدث معها إلا عندما تقدمت لخطبتها، لكنها رفضت، فساءت حالتي النفسية، وتركت الجامعة بعد دراسة سنتين.
وبعد مرور سنتين بدأت الدراسة في جامعة أخرى، لكنني متخوف من أن أتعلق بامرأة أخرى، ولدي شغف وحب وإعجاب شديد بالنساء، ولا أعلم ماذا أفعل، علما أني أسكن وحدي دون أهلي.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعمر قلبك بالإيمان، وأن يملأ قلبك بحب الرزاق الوهاب، الملك الديان، وأن يلهمنا وإياك رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، هو ولي ذلك والقادر عليه.
أما التعلق الذي يحصل بين الرجال والنساء، فهذا من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فللرجال خلق الله النساء، وللنساء خلق الله الرجال، لكن هذا الميل الفطري ينبغي أن ينضبط بقواعد الشرع، وآداب هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله -تبارك وتعالى- به.
وخوفا من حصول هذا التعلق الذي يريده الشيطان، الذي يزين المرء إذا خرجت ليفتن بها ويفتنها، فإن الشريعة أمرت بأخذ تدابير عظيمة، ومنها غض البصر، وبعد ذلك البعد عن أماكن النساء، فباعدت الشريعة بين النساء والرجال حتى في صفوف الصلاة، فجعلت خير صفوف النساء آخرها لبعدها عن الرجال، وخير صفوف الرجال أولها لبعدها كذلك عن النساء، ثم حرمت الشريعة الأغاني، وكل ما يثير هذه الشهوات
عندما يتهيأ الإنسان لمرحلة الزواج، فإن عليه بعد ذلك أن يطرق السبل الشرعية التي توصله إلى المرأة التي وجد في نفسه ميلا إليها، وبمجرد حصول هذا الميل، ينبغي أن تتوقف أي علاقة، وإنما يأتي إلى دارها من الباب، ويقابل أهلها الأحباب، ويطلب يدها بطريقة شرعية.
وهذا من أهم الأمور التي نعالج بها مثل هذا الميل والتعلق؛ لأنه قبل أن تتعمق هذه المشاعر، عندما يطرق الباب سيعرف إمكانية إكمال المشوار، وسيعرف إذا كانت الفتاة مرتبطة بغيره، وسيعرف إذا كانت الأسرة -أسرته أو أسرة الفتاة- لا تمانع من إكمال هذا المشوار.
أما ما يحصل من تعلق في الجامعات بين الشباب والفتيات، أو التعلق حتى بالطريقة التي أشرت إليها، أنك كنت معجبا بهذه الزميلة وهي لا تعرف، فإن هذا ليس فيه مصلحة؛ لأن الإنسان يتعلق وتزداد هذه المشاعر، العواطف تتحول إلى عواصف، وبعد ذلك تكون الصدمة عندما يأتي الرفض، أو عندما لا يكتمل هذا المشوار، هذا المشروع لأي سبب من الأسباب.
ولذلك نحن ندعوك إلى ما يلي:
عندما تنتقل إلى جامعة أو في نفس هذه الجامعة؛ ندعوك أولا إلى أن تبتعد عن مواطن النساء، وتكون مع زملائك من الرجال، وتجتهد في أن تتعامل معهم، وتمسك بآداب الشرع في غض البصر، وكافة الآداب التي كما قلنا فيها المباعدة بين النساء والرجال.
وإذا حصل لك بعد ذلك ميل أو تفكير في الارتباط، فمرة أخرى نذكر بأن أولى الخطوات هي أن تشرك أهلك، وأن تشرك أهلها، وأن تتأكد من إمكانية إكمال هذا المشوار.
وبعد ذلك الشريعة تعلمنا أن تكون هناك خطبة، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام، لكنها تضمن للطرفين مزيدا من المعرفة، وتصبح الفتاة وقفا على الشاب، ويصبح هو كذلك وقفا عليها، وفق آداب يعرفها الناس في مجتمعاتهم.
وهذا هو الحل لهذا الذي يحدث معك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يضع في طريقك الفتاة الصالحة التي تعينك على طاعة الله، وتعينها على ما يرضي الله، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونكرر التذكير باستحضار التقوى، والمراقبة لله، وعمارة هذا القلب بحب الله -تبارك وتعالى- ثم حب الرسول ﷺ، ثم حب ما جاء به رسولنا ﷺ.
ونسأل الله أن يشغلنا وإياك بطاعته، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.