ما أعاني منه هل هو فصام أم اكتئاب؟

0 12

السؤال

السلام عليكم.

عمري 21 سنة، متزوجة منذ سنة، وأم لطفلة، وطالبة طب أسنان، أمي وأختي مصابتان بالفصام، منذ بداية هذا العام بحثت عن المرض، ووجدت أغلب المواقع تتحدث عن الفصام على أنه وراثي، يعني أن نسبة الإصابة به مرتفعة مقارنة مع شخص آخر، فترسخت الفكرة في ذهني وسببت لي التفكير والقلق الشديد من المستقبل، وإمكانية أن أعيش ما عاشته أمي، إضافة إلى تعامل أبي المهين لها، فأصبحت أفكر وأتخيل ردة فعل زوجي إن أصبت بالمرض، عشت بداخل هذا التفكير، ثم أخبرت زوجي عن سبب تفكيري وقلقي وتصرفي غير الطبيعي، علما أنه طبيب، فهدأ من روعي وأخبرني أن كل شيء بخير.

عندما عدنا إلى الدراسة ازدادت الضغوطات، ولم أستطع النوم لمدة أربعة أيام، ولا الدراسة، بسبب أن رأسي أصبح يتحدث لوحده، ذهبت لطبيب نفسي فوصف لي مضاد الاكتئاب ومهدئ برومازيبام، إضافة إلى العلاج النفسي.

بعد انقضاء شهر غيرت طريقة تفكيري، حاولت التخلص من المخاوف والقلق والعصبية، وتقربت إلى الله فنقصت الأصوات بشكل ملحوظ، وعند آخر موعد عند الطبيب أخبرته بأمر الأصوات، فوصف لي ريبيرال 1 mg، ومر أسبوع وما زالت الأصوات موجودة، أفدني يا دكتور، هل هذه أعراض الفصام، والعلاج سيطول، أم فترة اكتئاب وستنتهي؟ وما هو العلاج الأفضل في رأيك؟ عذرا على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زاد المعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

حقيقة من هم في مثل وضعك كطالبة طب أسنان ولديك إدراك واستبصار وفهم كبير حول الأمراض النفسية وعلاقة الوراثة بهذه الأمراض مثل الفصام، أعتقد هو الذي سبب لك هذه المخاوف التي تهيمن عليك الآن. أنت لديك مخاوف وسواسية شديدة حول الإصابة بمرض الفصام، نسبة للتأثير الوراثي، حيث إن المرض موجود في الأسرة، وهذا يمثل نوعا من الحمل الجيني – كما يسمى - .

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تعرفين أن النقل الجيني بالنسبة لمرض الفصام لا يتبع منهج قوانين مينديل (Mendel) للنقل الوراثي، الذي ينقل هو الاستعداد للمرض من خلال جينات صغيرة، ولا ينقل المرض نفسه.

إذا ليس الأمر حتميا أبدا، فالقابلية والاستعداد يمكن للإنسان أن يخفف من وطأتها من خلال أن يعيش في بيئة سليمة، لأن المرض هو نتاج لتفاعل الجينات مع البيئة، فإذا كانت البيئة مستقرة هذا يقلل كثيرا من فرصة الإصابة بالمرض.

وأنا أعتقد أنه يجب أن تتوكلي على الله، وتسألي الله أن يحفظك، وأن يحفظ ذريتك، ولا تعيشي تحت هذا الهاجس أبدا، ونظمي حياتك، وبيئتك، وأن تقللي من الضغوطات عليك هذا أيضا أمرا مهما جدا، الضغوط النفسية هي نفسها قد تؤدي إلى هشاشات نفسية كبيرة، فموضوع أن المرض سوف ينتقل إليك وإلى أسرتك احتمال ضعيف جدا.

وقللي من فرص المرض حقيقة من خلال أن تهدئي من روعك، أن تتوكلي على ربك، أن تنظمي وقتك، أن تكوني متفائلة، أن تعيشي حياة صحية كاملة. هذا هو المطلوب في حالتك.

طبعا كثرة الهواجس والقلق والتوترات – كما تفضلت – هيمنت على تفكيرك، وطريقة التخلص من هذه المخاوف يقوم على انتهاج المنطق العلمي الذي ذكرته لك.

تقربك إلى الله تعالى هذا أمر عظيم، حافظي على صلواتك، على أذكارك، على تلاوة القرآن، وعليك بالدعاء، لأن الدعاء هو سلاح المؤمن، اسألي الله أن يحفظك من هذه الأمراض ومن هذه الأسقام ومن كل مكروه.

أنت الآن ذكرت أمرا مهما، وهو أنك تسمعين أصواتا بداخل رأسك وتقرأ أفكارك: هذا عرض مهم، لا يمكنني أن أخفي عليك هذا أبدا، إذا كان بالفعل لديك قناعة وشعور قوي بأن هنالك من يقرأ أفكارك أو يطلع عليها أو أنك تسمعين أصواتا حقيقية دون أن تشاهدي أحدا، هذه أعراض مهمة، مهمة جدا، ويجب أن تذهبي إلى الطبيب، وأن تؤكدي له هذه الأعراض، وهو أعطاك عقار (ريبيرال) وأعتقد أنه الـ (رزربريادون)، وهو أحد مضادات الذهان، لكن طبعا بجرعة واحد مليجرام تعتبر الجرعة جرعة صغيرة.

كما ذكرت لك فإن هذا العرض - أي عرض سماع الأصوات أو قراءة الأفكار - يعتبر مهما جدا، لكن لا تنزعجي حياله، حيث إنه -وبفضل من الله تعالى- حتى إن وجدت مثل هذه الأعراض والتي قد تكون مؤشر لبداية مرض نفسي حقيقي، يمكن تدارك هذه الأعراض ويمكن علاجها بصورة ممتازة، وحاسمة، وفعالة جدا. فقط يجب أن يكون لديك إرادة العلاج، ويجب أن تذهبي إلى طبيب ممتاز، حتى يكون هنالك تدخل طبي نفسي علمي مبكر، لأن تأخير العلاج كثيرا ما يقلل من فرص الشفاء الكامل.

نحن ندعو الناس دائما أن يقدموا أنفسهم لمرافق العلاج الصحيحة، وفي وقت مبكر، لأن كل البحوث العلمية والخبرات العملية تشير إلى أن التدخل العلاجي المبكر، وأن يكون العلاج صحيحا، والجرعات الدوائية سليمة وصحيحة، وأن يلتزم الإنسان بتناول الدواء في وقته وبالجرعة الموصوفة وللمدة المطلوبة؛ هذا يؤدي إلى نتائج علاجية ممتازة جدا، فأرجو أن يكون هذا هو منهجك، وأنا على ثقة تامة أن الحالة -إن شاء الله تعالى- سوف تتحسن، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات