أحلام اليقظة وعلاقتها بالخمول وضعف الهمة

0 11

السؤال

اعذروني على التكرار، جزاكم الله خير الجزاء.
أنا صاحب استشارة سابقة برقم (2456258)، أجابها الوالد الفاضل الدكتور محمد عبد العليم.

لا تعلمون مدى انشراحي وتأثري بردكم على استشارتي، فقد شعرت براحة كبيرة وعزم وهمة لم أشعر بهما منذ فترة طويلة.

أردت أن أضيف فقط -بعد إذنكم- أنني أعاني من أحلام يقظة شديدة، وانفصال عن الواقع بدرجة كبيرة، فأظل أحلم فترات طويلة أربع أو خمس ساعات في اليوم، ومن تأثير الأحلام السيئة علي أنها تجعلني أرى أن مستقبلي في غير تخصصي الذي أدرسه، فأنا أحلم أنني سأصبح رجل أعمال وصاحب مشاريع، وأتخيل تفاصيل ذلك فأتجاهل واقعي ودراستي، وربما هذا من أسباب ضعف الهمة هو انفصالي عن الواقع وعدم تمسكي وتفاؤلي به، بل وانصدامي به إذا لم يوافق أحلامي، رغم أني أعرف أن بها من الشطحات الشيء الكثير، وسبق أن قرأت عن حالة تسمى Maladaptive Daydreaming، ووجدت أنها تناسب أعراض أحلام اليقظة التي أعاني منها تماما، فهل هناك ما يمكن أن ترشدوني إليه للتخلص من هذه العادة القبيحة؟

كذلك أعاني من رهاب، وخوف، وخجل اجتماعي، وعقدة من الجنس الآخر لدرجة التلعثم بين الناس والنساء، وتأتيني نوبات من اليأس والقنوط من الدراسة والحياة بين فترة وأخرى، فلو تكرمتم بإعطائي نصائحكم ووجهات نظركم في هذا سواء بالعلاج الدوائي أو المعرفي السلوكي.

ووددت أن أسألكم عن كيميائية الدماغ من الهرمونات والموصلات العصبية التي تضطرب بسبب العادة السرية والأفلام الإباحية أو الاستخدام العشوائي للأدوية النفسية، هل تتحسن مع الوقت؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد عبد الرحيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وبالفعل قد قمنا بالإجابة على استشارتك التي رقمها (2456258) قبل ثلاثة أسابيع، وأشكرك على مشاعرك الإيجابية حول ما ذكرناه، وأرجو أن تطبق، لأن في هذا حقيقة نجاح لك كبير.

بالنسبة لأحلام اليقظة: ليست كلها مرفوضة، لأن محابس النفس يجب أن تفتح أحيانا عن طريق الخيال، ويجب ألا نكتم ونحتقن نفسيا، لكن الإنسان يجب أن يكون واقعيا ويتعامل مع أحلام اليقظة من خلال الاعتماد على الأفعال وليس الأفكار أو المشاعر، الإنسان هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، هذا هو مثلث الارتكاز فيما يخص السلوك الإنساني.

الذين لديهم تشعبات وتوسعات خيالية –أو ما يسمى بأحلام اليقظة– في هذه الحالة نقول لهم: يجب أن تكون لكم برامج يومية تديرون من خلالها وقتكم، هذا مهم جدا، وهذه البرامج اليومية يجب أن تكتب على الورق، ويطبقها الإنسان، ونسبة التطبيق يجب ألا تقل عن سبعين بالمائة.

مثلا: النوم الليلي المبكر يعرف عنه أنه مفيد كثيرا، مثلا يكتب الإنسان ما سوف يقوم به، مثلا يقول: أنا سوف أنام الساعة كذا، أسيقظ لصلاة الفجر، بعد ذلك مثلا أقرأ الورد القرآني، أقوم بالأذكار، أقوم بالاستحمام، أتناول الشاي، بعد ذلك إذا كان للإنسان عمل يذهب لعمله، إذا كان في دراسة – مثل شخصك الكريم – سوف يذهب إلى مرفقه الدراسي، وفي فترة الصباح نفسها يمكن أن تراجع بعض الدروس؛ لأن هذا وقت استيعاب، فيه بركة كثيرة، فهذه الأمة قد بورك لها في بكورها، كما أشار إلى ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

والإنسان حين ينجز في الصباح لا يعطي فرصة للخيال ولأحلام اليقظة أبدا، لأن كل يومه سوف يكون إنجازات، الدراسة، الراحة، ممارسة الرياضة، الترفيه عن النفس، الصلات الاجتماعية، لن يترك أصلا مجالا لهذا الخيال الغير مفيد.

فإذا حتى تقلص من هذه الأفكار قم بالأفعال، هذا هو العلاج، وهذا أمر أكيد، إذا التزم ببرامج يومية – أخي الكريم محمد – وطبقها بحذافيرها، هذا هو الشيء الذي يقلص أحلام اليقظة، وإن شاء الله تعالى يؤدي إلى نجاحات كبيرة جدا.

الرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك – كما ذكرنا سلفا – والصلات الاجتماعية أيضا يجب أن تأخذ حيزها، ومشاركاتك حقيقة في المشاريع الأسرية أيضا يعتبر أمرا مهما جدا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أن تناول عقار مثل الـ (سبرالكس) بجرعة بسيطة سيكون جيدا جدا، السبرالكس له ميزات أنه فعال، وفي ذات الوقت يزيل القلق والمخاوف، وهو أيضا يحسن المزاج بصورة ملحوظة جدا، تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بالنسبة لموضوع العادة السرية ومشاهدة الأفلام الخلاعية: هذه –أيها الفاضل الكريم– تكون على مستوى عقل الزواحف، أي عقل الشهوات عند الإنسان، أو ما يسمى بـ (عقل الحيوان)، والمادة أو الموصل العصبي الرئيسي هو مادة الـ (دوبامين)، هي التي تحفز على الغرائز وبشكل واضح جدا.

الاستخدام العشوائي للأدوية النفسية قد يؤثر على مستوى إفراز السيروتونين والنورأدرينالين، قد يؤدي إلى ما نسميه بالإطاقة أو بالتبلد في الموصلات العصبية.

مواد ذات صلة

الاستشارات