تنتابني اضطرابات نفسية شديدة جعلتني أهمل مظهري ودراستي.

0 11

السؤال

السلام عليكم ..

أنا شاب سوري، عمري 25 عاما، لي قصة وحكاية مع المشاكل النفسية، حيث إنها بدأت معي في سن مبكر، وللأسف الشديد تزامنت مع الأحداث المؤلمة في سورية، فمنذ صغري أعاني من خجل شديد وغريب! زاد عندما نزحت من مدينة حمص إلى ريفها الجنوبي، بدأت المشاكل تظهر تشويشا في التفكير، وانعزالا عن المجتمع، وإهمالا في المظهر والنظافة الشخصية، وانعدام إرادة شبه كامل، وتراجعا طفيفا في الدراسة رغم إنني كنت من المتوفقين في حمص، وكنت لاعب كرة قواعد، وماهرا في الحاسوب، وجيدا في اللغات الأجنبية، بدأت أفقد مهاراتي تدريجيا، وكأن الذي أصابني ارتجاج في الدماغ، أفكار متسلطة غريبة، خوف وقلق وارتباك شديد!

أصابتني عدة اضطرابات شديدة أهمها: جمود غريب، وثقل الحركة، واضطراب فقدان السيطرة على الذات مثل الشتم للآخرين وضربهم، الشيء الوحيد الذي كان يصبرني ويثبتي هو القرآن الكريم والأذكار، لكن للأسف المرض كان شديدا، وبدد كل الأحلام في التحسن والنهوض، ذهبت مؤخرا عند الأطباء النفسين، بعضهم قالوا لي إنه وسواس قهري، وآخرون قالوا لي "فصام هبرفيني".

أرجو الرد من موقعكم بأسرع وقت، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد البيريني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أنا تدارست استشارتك بكل دقة، وبادئ ذي بدئ أقول لك: إنه ليس هنالك أي دليل أنك تعاني من (الفصام الهيبفريني Hebephrenic Schizophrenia)، مع احترامي الشديد لمن قال لك هذا، إلا أن الفصام الهيبفريني مرض مدمر، مرض يفتت شخصية الإنسان تفتيتا، وأنت الحمد لله تعالى قمت بصياغة رسالتك بصورة طيبة وجميلة ومتناسقة، وحبل أفكارك متواصل، وهذا لا نجده عند مريض الفصام الهيبفريني أبدا.

الوساوس أيضا: لا أرى هنالك مؤشرا للوساوس، لكن الذي أراه أنه حدث لك عدم قدرة على التكيف مع الوضع الجديد، وهو كما تفضلت وضع طبعا سلبي جدا، وكثير من الناس قد تأثروا به، وعدم القدرة على التكيف هذا ظهر في شكل ما يمكن أن نعتبره نوعا من الاكتئاب النفسي، أدى حقيقة إلى تدهور في أشياء كثيرة، مثلا على نطاق التفكير: هنالك تشويش، والدافعية – كما تفضلت – عندك قد انعدمت، اهتمامك بمظهرك ونظافتك الشخصية قد تدهور، وأنا متأكد حتى رغبتك في الأشياء الجميلة وتفاعلك الاجتماعي قد نقص نقصا شديدا.

أيها الفاضل الكريم: أنا أعتقد أن الحالة هي نوع من الاكتئاب النفسي الذي هو جزء مما نسميه بعدم القدرة على التواؤم، أو عدم القدرة على التكيف، الحمد لله تعالى كيانك النفسي الجوهري لا زال جيدا، لم يحدث فيه أي خلل، انهض بنفسك، يجب أن تثق في مقدراتك، حاول أن تنظم وقتك، وأهم شيء أن تنام النوم الليلي المبكر، تستيقظ مبكرا، تصلي صلاة الفجر، ثم تبدأ يومك بصورة طيبة وجيدة.

عليك بممارسة الرياضة، أي نوع من الرياضة، رياضة المشي، رياضة الجري، وعليك أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل.

وأنا أراك أيضا في حاجة ماسة لأحد مضادات الاكتئاب ومحسنات المزاج. دواء مثل عقار (سبرالكس) والذي يسمى علميا (استالوبرام) سيكون دواء رائعا جدا؛ ففي حالتك تبدأ بجرعة خمسة مليجرام يوميا – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– تناولها لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا –أي عشرة مليجرام– لمدة شهر، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية، وهي جرعة سليمة جدا، بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية، بأن تتناول عشرة مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك اجعل الجرعة خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

السبرالكس دواء ممتاز، دواء فاعل، دواء سليم، غير إدماني، له آثار جانبية بسيطة، فقد يفتح الشهية قليلا نحو الطعام، كما أنه بالنسبة للمتزوجين ربما يؤخر القذف المنوي عند المعاشرة الزوجية، لكنه لا يخل أبدا بمستويات هرمون الذكورة أو الصحة الإنجابية عند الرجل.

هذه – أخي الكريم – هي نصائحي لك، وأريدك أن تكون متفائلا، أن تعيش على الأمل والرجاء، أنت صغير في السن، وحتى لو ضاعت منك أشياء سوف تأتيك أشياء طيبة وجميلة في الحياة بحول الله وقوته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات