خطيبتي تشتكي من وساوس النظافة، فما العلاج الجذري لها؟

0 13

السؤال

السلام عليكم.

خطيبتي عمرها 25 سنة، وهي من مرضى sleeping disorder و OCD أو الوسواس القهري، وساوس نظافة اليد ونظافة المكان التي تعيش فيه، وهي توارثته عن والدتها، وقد ظهر في عائلتها عند ثلاثة أشخاص، ذهبت للطبيب النفسي ونصحها أن تتجاهل فكرة النظافة قدر المستطاع، ووصف لها الكالميبام واللومترين والفافرين واللوسترال، وهي مداومة عليها منذ سنة وبضعة شهور.

أصبحت لا تستطيع العيش بدون تلك الأدوية، وحالتها المزاجية واستقرار النوم مرتبط تماما بتلك الأدوية، وإذا أوقفتها لمدة أسبوع تصبح دائما في حالة اكتئاب وبكاء لأتفه الأسباب، ولا ينصلح حالها إلا بالرجوع للأدوية، وأصبحنا خائفين من أنها لا تستطيع الاستغناء عن تلك الأدوية، وما أخاف منه أنا بصفة شخصية أن يتوارث أولادي نفس المرض، حيث إنه ظهر في عائلتها عند أكثر من شخص، هل هناك أمل أن تتوقف عن الأدوية وتتحسن حالتها؟ وما هي طرق التوقف؟

وجزاكم الله كل خير على علمكم وانتفاعنا به.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الموقع، وأسأل الله تعالى لخطيبتك الصحة والشفاء، وأن يجمع بينكما على خير.

أهم شيء في علاج الوسواس القهري هو أن يرفضه الإنسان، ألا يتقبله، لأن التكيف والتطبع والتواؤم والتعايش مع الوسواس القهري يسبب مشكلة كبيرة جدا، فأولا: لا بد لهذه الفتاة – حفظها الله – أن يكون لها القصد والنية والعزيمة الصادقة للتخلص من الوسواس.

وثانيا: تطبيق العلاجات السلوكية النفسية أفضل كثيرا من تناول الأدوية، والتطبيقات السلوكية تمنع الانتكاسات وتقلل من الحاجة للأدوية، فحتى تنظم الأدوية أعتقد أنها يجب أن تدخل في برنامج سلوكي علاجي حقيقي.

وأول خطوات البرنامج السلوكي: تحديد محتويات الوسواس، مثلا إذا كانت الوساوس وساوس فكرية أو وساوس فعلية، نبدأ ونكتب جدول لهذه الوساوس الفكرية، نبدأ بأضعفها وأقلها ونتدرج حتى ننتهي بأشدها، وكذلك بالنسبة لوساوس الأفعال، وبعد ذلك تكون هنالك التطبيقات السلوكية، والتي لها ثلاث مكونات وتمارين:

التمرين الأول (توقف الأفكار): تؤخذ الفكرة الأولى مثلا، وبعد ذلك يقرر الإنسان رفضها وتحقيرها، بل مخاطبتها مباشرة بقول (قف، قف، قف، أنت وسواس حقير) هذا تمرين يكرر عدة مرات.

والتمرين الثاني هو تمرين (صرف الانتباه)، بمعنى أن الإنسان يتأمل قليلا في الفكرة الوسواسية دون أن يخوض في تفاصيلها أو تحليلها، ويتذكر شيئا آخر مخالف تماما، يفكر في أي شيء في الحياة، أو يغير الإنسان مكانه مثلا. هذا فيه صرف للانتباه عن الفكرة، وهكذا، وهذا يطبق على كل الأفكار، واحدة تلو الأخرى، ولا بد أن تكون هنالك جلسات مخصصة لهذه العلاجات، الجلسة لا تقل عن ساعة، ونفس الشيء يطبق على الأفعال أيضا.

أما المحور الثالث أو التمرين الثالث للعلاج هو ما نسميه بـ (تمرين التنفير)، أن ينفر الإنسان نفسه من الفكرة أو الفعل الوسواسي من خلال ربط هذه الفكرة أو الفعل بشيء تبغضه النفس وتكرهه، مثل إيقاع الألم على النفس مثلا، يعني أن تفكر زوجتك الكريمة في بداية الوسواس وفي نفس اللحظة تقوم مثلا بالضرب على يدها بقوة وشدة حتى تحس بالألم، الربط ما بين الألم والوسواس ينفر من الوسواس، هكذا وجد علماء السلوك. أو تقوم بشم رائحة كريهة وتربط ذلك بالفكرة الوسواسية، أو تقوم بجلب الفكرة الوسواسية وفي نفس الوقت تدخل صورة ذهنية لحادث بشع أو احتراق طائرة، وهكذا.

هذه تمارين معروفة، وأنا أفضل أن تذهب خطيبتك الكريمة لأخصائية نفسية متميزة، وليست طبيبة نفسية، لتجلس معها، وتبدأ في هذه البرامج، وقد تحتاج إلى ثلاث أو أربع جلسات، بعد ذلك يمكنها التطبيق لوحدها.

وعلى مستوى الحياة العامة يجب أن تتخلص من الفراغ، الفراغ الزمني والفراغ الذهني، لأن حسن إدارة الوقت تصرف الإنسان عن الوساوس.

أيضا يجب أن يكون لها أهداف واضحة في الحياة، وأن تمارس بعض التمارين الاسترخائية، أن يكون لديها تواصل اجتماعي ممتاز. الحرص على العبادات والصلوات في وقتها -أخي الكريم-.

أما بالنسبة للأدوية فيمكن أن تحصر في دواء واحد مثلا. أنا لا أرى دواء مفيدا كثيرا غير الـ (فافرين) أو الـ (لوسترال)، فإذا تبدأ في تخفيض تلك الأدوية تدريجيا حتى تتوقف عنها، وتظل مثلا على الفافرين لوحده بجرعة حتى مائتين وخمسين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتدرج في تخفيضها حتى تتوقف عنها.

هذه هي الوسائل الصحيحة في علاج الوساوس القهرية، ونشكرك كثيرا على اهتمامك بأمر خطيبتك، وثقتك في الموقع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات