كيف أتخلص من الحالة النفسية التي أعاني منها وأمارس حياتي بشكل طبيعي؟

0 18

السؤال

السلام عليكم.

حصلت لي صدمة مما أدى بي إلى الدخول في اكتئاب حاد، وقلق، حاولت أن أنتحر، ولكن خفت أن أخلد في النار، وتفطنت أن المنتحر يخلد في النار، ولكن -الحمد لله- رزقني الله الصبر، فذهبت إلى طبيب نفسي، وعرضت عليه حالتي، فوصف لي دوائين -الحمد لله- تحسنت حالتي كثيرا، وبعد الشفاء بإذن الله بنسبة 90 بالمئة، وبعد عدة شهور حصلت لي مشكلة أخرى وهي الوسواس، هذا الوسواس أصبح يشككني في ذات الله وفي قدرته، وفي القرآن، وفي السنة، حتى أصبح يقول لي هذا الوسواس: إن الله لا يراك ولا يسمع دعاءك، وكذلك أصبحت أفكر في الانتحار، فأسعدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الإله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الموقع.

في بعض الأحيان يكون القلق الاكتئابي -والذي أعتقد أنك قد أصبت به- مرتبطا بشيء من الوساوس، والوساوس الدينية كثيرة الحدوث جدا.

أخي: ليس هنالك ما يدعوك أبدا للتفكير في الانتحار، هذا فكر لعين دخيل عليك من الشيطان ووسوسته، تفكير لا يليق بك أبدا كشاب مسلم، ويجب أن تدرك يا أخي أن الحياة طيبة، وأن الإنسان يجب أن يكون لديه الجلد والقدرة والدافعية على تخطي المصاعب، وأن يفكر في الأشياء الإيجابية الجميلة، وأن تنظر إلى نفسك كشاب مسلم مقتدر.

فيا أخي الكريم: هذا الفكر يجب ألا يكون له مكان في خلدك، وعليك بالدعاء، وعليك بالذكر، والاستغفار، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والصلاة في وقتها، وبر الوالدين قطعا يمنع هذا النوع من التفكير الخبيث.

بالنسبة للوساوس أيها الفاضل الكريم: أرجو ألا تخوض في نقاشها، ولا تحللها، ولا تحاورها، لأن ذلك يزيد من الوسواس، وهذه الوساوس تأخذها فكرة فكرة، وتخاطب كل فكرة من خلال تمرين سلوكي نسميه بـ (إيقاف الأفكار)، وكيفية ذلك أن تخاطب الفكرة كأنك تخاطب أحدا أمامك قائلا: (قف، قف، قف، أنت وسواس حقير) وهكذا، تكرر هذه الكلمات بتمعن حتى تحس بالإجهاد.

كذلك علاج الوسواس من خلال تمرين يسمى بـ (صرف الانتباه)، وكيفية ذلك بأن تأخذ فكرة وسواسية دون أن تشرحها أو تتأمل فيها في بداياتها، وبعد ذلك تغير مكانك مثلا، أو تقوم بأخذ نفس عميق، أو تدخل فكرة مخالفة تماما لهذا الوسواس. بهذه الكيفية سوف تضعف الوسواس تماما.

وكذلك هنالك تمرين ثالث نسميه بـ (تنفير الفكرة)، وهو أن تربط الفكرة الوسواسية بشيء تبغضه وتكرهه النفس، مثلا أن تقوم بشم رائحة كريهة، وفي ذات الوقت تستجلب الفكرة الوسواسية دون الدخول في تفاصيلها، أو تقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب كسطح الطاولة مثلا، وأثناء الضرب يجب أن تحس بألم شديد وتربط ذلك الألم مع الفكرة الوسواسية، وتكرر هذا التمرين مثلا عشرين مرة متتالية، لكل فكرة وسواسية.

علماء السلوك وجدوا أن إيقاع الألم على النفس أو أي شيء لا تحبه النفس – كالرائحة الكريهة مثلا – يضعف الوسواس.

والإنسان – يا أخي – يجب أن يكثر أيضا من الاستغفار، وأن تستعيذ بالله تعالى من هذه الوساوس، ومثل هذه الوساوس اشتكى منها بعض أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم، فقد جاءه أحدهم فقال: يا رسول الله، إني أحدث نفسي بالشيء، لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، فقال سول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)، وجاءه ناس من أصحابه -صلى الله عليه وسلم-، فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال صلى الله عليه وسلم: (وقد وجدتموه؟) قالوا: نعم، قال: (ذاك صريح الإيمان)، وفي رواية: شكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يجدون من الوسوسة قالوا: يا رسول الله، إنا لنتحدث بالشيء لأن يكون أحدنا يخر من السماء أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: (ذلك محض الإيمان).

والرسول -صلى الله عليه وسلم- نصح من يصاب بهذه الوساوس أن يقولوا (آمنت بالله)، فقد قال: (فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله)، وقال: (فإذا بلغ ذلك، فليستعذ بالله ولينته) بمعنى ألا تحاور الوسواس، وألا تناقش الوسواس، وألا تسترسل مع الوسواس، وتشغل نفسك بما هو مفيد، قال الله تعالى: {فإذا فرغت فانصب} يعني: انصب نفسك في طاعة، في صلاة، في قراءة واطلاع واكتساب علم، لأن مثل هذه الوساوس تتصيد الإنسان من خلال الفراغ، خاصة الفراغ الزمني والفراغ الذهني.

الأمر الآخر أيها الفاضل الكريم: يا حبذا لو ذهبت إلى الطبيب مرة أخرى، فهنالك أدوية ممتازة جدا لعلاج الوساوس القهرية، مثلا الدواء الذي يسمى (فافرين Faverin ) واسمه العلمي (فلوفوكسامين Fluvoxamine) نحن نعتبره دواء رائعا جدا لعلاج الوساوس، وكذلك عقار (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميا (سيرترالين Sertraline)، وعقار (بروزاك prozac ) الذي يعرف علميا باسم (فلوكسيتين Fluoxetine) أيضا دواء رائع وفاعل وممتاز جدا، فأرجو أن تذهب لنفس طبيبك الذي ذهبت إليه في المرة السابقة، وأنا متأكد أنه سوف يصف لك أحد هذه الأدوية الفاعلة، ويوجه لك المزيد من الإرشاد.

أسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن يجعلك من الناجحين، وأشكرك كثيرا على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات