أعاني من الاكتئاب والأفكار الانتحارية لا تغادرني، فماذا أفعل؟

0 8

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من مرض مزمن منذ 10 سنوات، قمت بأكثر من 12 عملية جراحية في مختلف أماكن جسدي،
وأعاني من الاكتئاب الحاد، ولا تغادرني الأفكار الانتحارية، الحمد لله أنا محافظ علي صلواتي، وردي في القرآن من تدبر وقراءة، أذكار الصباح والمساء، وأحاول دائما على حفظ الأحاديث والزيادة في العلم خصوصا في التقرب من الله؛ لأنني على يقين أن الله على كل شيء قدير، وقادر على أن ينزع كل ذلك الحزن والغم والهم مني، ولكني لا أدري ماذا أفعل.

أحافظ على الدعاء، وقيام الليل، ولكن ما زلت أعاني من هذه الأفكار الانتحارية، شعور الدونية وعدم القيمة لا يفارقني، فلا أرى نفسي إلا إنسانا يمثل عبئا على أهله بسبب مرضه، لا وجود للهمة لديه، ولا وجود للعزيمة، ولا وجود للإرادة، حتى لأبسط الأشياء في الحياة لا وجود عزيمة لي لكي أفعلها،
أظن أن وصف الله تعالى في القرآن يصفني وبشدة، عندما قال سبحانه (ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم) فلا الأرض تسعني ولا نفسي.

من المؤسف أنني لا أمتلك أي موهبة، ربما ما مررت به لم يعطن الفرصة لتعلم المواهب أو ما إلى ذلك،
قل لي يا شيخي ماذا أفعل؟ أنا أكره نفسي، وفقدت القدرة علي مواساتي.

ملحوظة: لا شفاء لي من هذا المرض.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Nour حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي الكريم: أنا طبعا لا أعرف تشخيص حالتك، ما هي وما هي الأدوية التي تتناولها، وما هو نوع المرض الذي تعاني منه؟ لكن أقول لك أن الفكر التشاؤمي السلبي هو المكون الجوهري لأفكارك، وأنا أريد أن أذكرك بأمر بسيط جدا: أن كل شيء قبيح هنالك ما يقابله من أشياء جميلة، الله تعالى خلق الكون في ثنائية عظيمة، كل شيء يوجد ما يقابله، فالشر يقابله الخير، والمرض يقابله الصحة، والحرام يقابله الحلال، والسيئات تقابلها الحسنات والطيبات، ... وهكذا أخي الكريم.

فلابد أن نذكر أنفسنا بهذه الثنائيات، ولابد أن نكون دائما متيقنين ونتفاءل، ونتخلص من الفكر السلبي القبيح مهما كان إلحاحيا، والمؤمن دائما يجب أن يكون في جانب التفاؤل، والإنسان هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال. الإنسان حين يجتهد في أفعاله وإنجازاته مهما كانت مشاعره ومهما كانت أفكاره سلبية، من خلال الأفعال والإصرار على الإيجابيات يتغير الفكر ويتغير الشعور ليصبح ناصعا وإيجابيا.

فأخي الكريم: أنت محتاج لمدارسة مع نفسك حقيقة، ومثال واضح جدا لتشويه أفكارك وسوء التأويل لديك - مع احترامي الشديد لشخصك الكريم - تأويلك للآية أيها الفاضل الكريم: {حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم}، هذه نزلت في المؤمنين، وكانت في ظرف معين أخي الكريم، فأنت لماذا تضع نفسك في هذا الموقف التأويلي الخاطئ؟ فأرجو أن تتخلص من هذا الفكر القبيح، والفكر السلبي دائما هو فكر انتهازي، يتصيد الناس، لكن نحن نعرف أننا من خلال الاستغفار وأن يكثر الإنسان من الدعاء، ومجرد قول (آمنت بالله) بيقين قاطع فيها خير كثير جدا للإنسان.

أخي الفاضل: تواصلك مع أصدقائك من الصالحين من الشباب، صلاتك في المسجد، برك لوالديك ألا تكفي أن تنفرج عنك كل هذه الأفكار القبيحة انتحارية وخلافها؟! .. أرجو أن تغير منهجك في التفكير، وأنت ما شاء الله في بدايات سن الشباب، حباك الله بطاقات عظيمة. حدد أهدافك، ويجب أن تعيش قوة الآن (الحاضر)، ولا تتخوف حول المستقبل، ولا تعيش في ضعف الماضي، الآن هو الأقوى، وهو الأجدر بأن نستفيد منه أيها الفاضل الكريم.

عليك بتجنب السهر، النوم الليلي المبكر مطلوب، وهو من أفضل الوسائل لحسن إدارة الوقت، لأن الإنسان يستيقظ مبكرا، نشيطا، يصلي الفجر، وبعد ذلك يمكن أن تذاكر مثلا، بعد أن تقرأ وردك القرآني والاستحمام وشرب الشاي، تذاكر لمدة ساعة، وهذا وقت يكون فيه الاستيعاب في أفضل حالاته، وبعد ذلك تذهب إلى مرفقك الدراسي، وسوف تجد أن يومك أصبح سلسا وجميلا، وتعلمت أن تدير الوقت، ومن يدير وقته يدير حياته.

لا تنس ممارسة الرياضة، مهمة جدا، تقوي النفوس قبل الأجسام، وأرجو أن تتواصل مع طبيبك المعالج، الآن نحن كثيرا ما نستعمل عقار (ليثيوم) أو (كلوزابين) بجرعات صغيرة لطرد الأفكار الانتحارية، لكن أنت من خلال إيمانك ومن خلال إصرارك تستطيع أن تتخلص من هذه الأفكار، وتعيش حياة طيبة جدا بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات