أشكو من عدة أعراض جسدية رغم سلامة الفحوصات، فهل ما أعاني منه مرض نفسي؟

0 19

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته.

أنا عمري ٢٦ سنة، وأعمل كموظف، وأدرس في الجامعة، وهذه آخر سنة لي -بإذن الله-، أنا قصتي بدأت منذ ٣ شهور وهي كالتالي: شعرت بألم في الصدر، وحرقان في نفس الوقت في المريء، ثم ذهبت إلى الطوارئ، وفحصني الطبيب بأنه حرقان في المعدة، وارتجاع في المريء، فشعرت بتحسن، ثم أتتني نوبة مفاجئة ودوخة وصداع، وذهبت إلى الطوارئ، حيث تم فحصي، وتخطيطا للقلب، وعدة تحاليل، وكل شيء سليم -والحمد الله-.

شعرت بتحسن بعد ذلك، ثم أتتني نوبة أخرى، فذهبت إلى دكتور القلب مباشرة في عيادة خاصة، وتم الفحص، والتخطيط، وعمل إيكو، والنتيجة سليمة و-لله الحمد-، وقال: ما تعاني منه هو التوتر، وأعطاني دواء كونكور ٢،٥، وبدأ الوهم المرضي بعد ذلك، بدأت أتنقل من عيادة لعيادة، ومن تخصص لتخصص باطنية، وقلب، وأخصائي عام في مستشفى حكومي، والسبب في ذلك كله هو توهم المرض، وتوقعت أن لدي مرض ما، وعملت الإيكو ٣ مرات، فعيادتين قالوا لي: أنت سليم، وقلبك طبيعي، وعيادة أخرى تقول: إنه ارتجاع الصمام الميترالي بسيط، على الرغم أنني ذهبت إلى عيادات قلب أخرى، قالوا قلبك سليم، وكل شيء سليم أيضا.

في الفترة الأخيرة أتاني ألم في البطن في الجانب الأيسر وأسفل البطن، وتم فحصي في المستشفى بأنه قولون عصبي، أنا إنسان أعاني من التوتر والقلق والوسواس منذ فترة طويلة.

الأعراض التي أعاني منها حاليا:
صداع، دوخة، وتنميل ورجفة في اليدين ورجلين، وألم في البطن والظهر والأكتاف، وجيوب أنفية، وضيق في التنفس، ووخزات في الجسم، فما هو الحل؟ وهل ما أعاني منه هو مرضا نفسيا؟ لأنني مقبل على التخرج من الجامعة، وزواجي قريب -بإذن الله-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أخي: إن شاء الله الموضوع بسيط جدا، وما كان يتطلب كل هذا الجهد والتنقل بين العيادات والأطباء، الذي بك – يا أخي – هي أعراض نفسوجسدية، أنت لديك درجة من القلق والتوتر النفسي الداخلي، ويعرف أن هذا التوتر النفسي كثيرا ما يتحول إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسم التي تتوتر نتيجة للتوتر النفسي هي عضلات الصدر، لذا يحس الكثير من الناس بشيء من الضيقة أو من الوخز أو من الألم في الصدر، والبعض أيضا يأتيه صداع ودوخة وذلك ناتج من انقباض عضلة فروة الرأس، والبعض يشتكي من آلام أسفل الظهر؛ لأن عضلة أسفل الظهر عضلة كبيرة جدا، وحين تتوتر النفس قد تنقبض هذه العضلة، وقد اطلعت على بعض الدراسات التي أوضحت أن ستين بالمائة (60%) من الذين يترددون على عيادات العظام والعلاج الطبيعي ويشتكون من آلام في أسفل الظهر وجد أن السبب هو التوتر النفسي. والقولون العصبي أيضا - وحقيقة اسمه الصحيح هو القولون العصابي - ناتج من القلق.

فيا أخي الكريم: حالتك هذه نعتبرها حالة نفسوجسدية، وهي ظاهرة أكثر من أنها مرض، وقلبك سليم كما ذكر لك الأطباء، وبالنسبة لارتجاع الصمام الميترالي: حتى إن وجد هذا ليس إشكاليا أبدا، لأن عشرة إلى عشرين بالمائة (10 : 20%) من الناس يعانون من ارتجاع بسيط في الصمام الميترالي، وهذا لا يعتبر مرضا أبدا. فلا تشغل نفسك بهذا الأمر، إن كان موجودا أو غير موجود.

طبعا أعراض الجهاز الهضمي لديك واضحة جدا، أنت محتاج لأشياء معينة، أولها: أن تتوقف عن التردد على عيادات الأطباء والتنقل ما بين هذه العيادات، طبعا لا تحرم نفسك من نعمة الكشف الطبي، تثبت مع طبيب الأسرة - مثلا في المركز الصحي – مرة واحدة كل ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر، وتقوم بإجراء الفحوصات الطبية الروتينية، هذا سوف يكفيك تماما.

ثانيا: عليك بممارسة الرياضة، الرياضة مهمة جدا للقضاء تماما على القلق النفسي التوتري السلبي.

ثالثا: عليك أن تحسن إدارة وقتك، وتتجنب السهر، النوم الليلي المبكر مفيد جدا، يؤدي إلى ترميم كامل في الجسد، وحتى في النفس، ويستيقظ الإنسان مبكرا، ويصل الفجر، ويبدأ حياته بكل أريحية وارتياح.

رابعا: أريدك أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وعليك أن تحسن التواصل الاجتماعي، وأنت - الحمد لله – الله أنعم عليك بنعم عظيمة، أنت في هذا العمر الجميل، عمر الشباب، ولديك عمل، ومقدم على التخرج، حياتك طيبة حقيقة، فيجب أن تكون إيجابي التفكير.

بعد أن تأخذ بهذه الإرشادات التي ذكرتها لك يجب أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف والتوتر، عقار (سيبرالكس) والذي يسمى علميا (اسيتالوبرام) نعتبره من الأدوية الممتازة جدا، حيث إنه غير إدماني وغير تعودي، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، تبدأ بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة (عشرة مليجرام) لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الاسيتالوبرام.

وأرجو أن تدعم الاسيتالوبرام بدواء آخر بسيط جدا يسمى (سولبرايد) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (دوجماتيل)، ممتاز جدا للحالات النفسوجسدية، جرعته هي خمسين مليجراما، مرة واحدة في اليوم إلى ثلاث مرات. أنا أعتقد أنك يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله، وكلا الدوائين من الأدوية السليمة والفاعلة وغير الإدمانية، والتي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

إذا خلاصة الأمر حالتك هي حالة نفسوجسدية، القلق النفسي سبب لك الأعراض الجسدية، ودفعك نحو التنقل بين العيادات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات